بينما جعل الكم الهائل من تفاعلاتنا مهارات الأشخاص الأكفاء أكثر فائدة من أي وقت مضى، فإن الأشخاص المؤثرين يجب أن يكونوا أكثر من مجرد بارعين في التواصل.
إن التواصل ببساطة هو مجرد إظهار خارجي لأفكارنا، ونوايانا، واستنتاجاتنا عن الناس من حولنا. "فمن فيض القلب، يتكلم الفم". وهذه الدوافع الداخلية هي الفارق الأساسي بين القائد الحقيقي والشخص المتطفل في العلاقات.
ويتم تحقيق أعلى مستويين من التأثير عندما (١) يتبعك الناس بسبب ما تفعله لهم و (٢) يتبعك الناس بسبب شخصيتك. بمعنى آخر؛ إنه يتم بلوغ أعلى مستويات التأثير عندما يحيط الكرم والجدارة بالثقة بسلوكك، هذا هو ثمن التأثير الرائع والمستمر، سواء كان المعنى بالأمر شخصين أو مليوني شخص، إلا أنه عندما يتم توصيل الكرم والثقة بحرفية وصدق؛ عندها فقط يتم تحقيق الفوائد المشتركة.
ولأننا نعيش في عصر يمكن فيه استعارة تأثير المشاهير مثل خطوط الائتمان ويمكن الفوز بتغطية وسائل الإعلام من خلال التصرفات الصاخبة، فإن الأكثر أهمية من كل هذا هو أن أية فرصة للتواصل تعتبر على قدر كبير من الخطورة، والمقصود أن تكون أية وسيلة تستخدمها حافلة بالرسائل التي تبنى الثقة، وتنقل الامتنان، وتضيف قيمة لمتلقي الرسالة. فالشيء الوحيد الذي لم يتغير منذ زمن "اكارنيجي" هو أنه لا يزال هناك فارق واضح بين التأثير المستعار (ومن الصعب أن يستمر) والتأثير المكتسب (والثابت مثل محور الأرض). وقد كان” كارنيجي" هو أستاذ التأثير المكتسب.
تأمل بعض مبادئه الأساسية لا تنتقد، أو تتذمر، أو تشك؛ تحدث عن اهتمامات الآخرين؛ إذا كنت مخطئا، فاعترف بذلك؛ ودع الآخرين يحفظوا ماء وجوههم. إن مثل هذه المبادئ لا تجعلك محاورا ذكيًا أو متحدثًا واسع الحيلة، ولكنها تذكرك بمراعاة احتياجات الآخرين قبل أن تتحدث، فإنها تشجعك على معالجة الموضوعات الشائكة بأمانة وكرامة، كما أنها تحفزك لتصبح مديرا وزوجًا وزميلا وموظف مبيعات ووالدا أكثر لطفًا وتواضعا. وفي النهاية، فإنها تثير لديك روح التحدي لكسب التأثير في حياة الآخرين ليس من خلال حب الظهور أو الخداع، ولكن من خلال عادة صادقة تتمثل في الإعراب عن المزيد من الاحترام والتعاطف والكرم.
فما مكافأتك عندئذ؟ إن مكافأتك هي بناء صداقات ثرية ودائمة، واكتساب تفاعلات جديرة بالثقة، والتحلي بقيادة واعدة، وفي خضم هذا الكم الهائل الحالي من العلامات التجارية، تتمكن من بناء علامة تجارية مميزة جدًا.
وقد أطلق على الكتاب الأصلي أكثر الكتب مبيعا في مجال المساعدة الذاتية على مر الزمن. ومن وجهة نظر حديثة؛ فهذه التسمية خاطئة، فإن عبارة "المساعدة الذاتية" ليست العبارة المستخدمة لدى "اكارنيجي" وكانت هذه التسمية هي اللقب الذي تم تخصيصه لهذا النوع من الأدب والناجم عن النجاح المدوي لكتاب كيف تكسب الأصدقاء. والمفارقة هنا هي أن "اكارنيجي" لم يكن ليؤيد جميع نصائح المساعدة الذاتية التي يتم طرحها في الوقت الحالي، لقد كان يشيد بالعمل الذي ينبع من الاهتمام الصادق بالآخرين. وقد درس المبادئ التي تدفقت من البهجة الكامنة في مساعدة الآخرين على تحقيق النجاح. ولو كانت ستتم إعادة تصنيف الكتاب مرة أخرى، لكان من الأنسب أن يتم وصف كتاب كيف تكسب الأصدقاء بأنه الكتاب الأكثر مبيعا في مجال المساعدة الروحانية على مستوى العالم، لأن هذا هو الأساس الذي قامت عليه القاعدة الذهبية ل "كارنيجي".
إن المبادئ الواردة هنا هي أكثر من مجرد نصائح للمساعدة الذاتية أو الدعم الذاتي، إنها استراتيجيات وجدانية للتقدم المربح والمستمر في محادثاتك، وتفاعلاتك، وأعمالك. فالنتائج هنا هائلة.
ومن خلال تطبيق هذه المبادئ، لن تصبح فقط شخصا أكثر إقناعًا تتمتع بمزيد من التأثير في حياة الآخرين، ولكنك أيضا ستحقق هدفا خيريًا كل يوم، تخيل هذا التأثير وهو يتراكم على مدى عشرات من التفاعلات اليومية التي يتيحها لك العصر الرقمي، وتخيل التأثير الحادث إذا حذا عشرات الأشخاص بأية منظمة حذوك. إن اكتساب الأصدقاء والتأثير في الناس اليوم ليس أمرا تافهًا. فعلى مستوى الفرص المستمرة، فإن هذه هي أعظم فرصك وأكثرها ثباتًا لإحراز تقدم مستمر مع الآخرين، فما ذلك النجاح الذي لا يبدأ بالعلاقات؟