المقدمة
تألمك هو كسر القوقعة التي تحول بينك وبين الفهم.
- النبي، خليل جبران، ۱۹۲۳
هذا الكتاب هو عملية مستمرة وليس منتجاً نهائياً، وهذا أمر جيد لأنك ستأخذ هذه العملية معك في حياتك العملية وستتكشف لك تدريجياً. أريدك أن تبدأ من هنا وتقرأ المقدمة، حتى تفهم كل النقاط والعملية بأكملها.
لقد طلب مني تأليف هذا الكتاب خمس مرات، ورفضت هذا أربع مرات. وبالنسبة للبعض، كان ذلك تعقيباً جيداً للكتابين "أشخاص سيئو الطباع"، و"رجال سيئو الطباع". ولكنني رفضت لأني أكن للمرأة كل التقدير والاحترام والإعجاب. إنني أنظر إليها دائما على أنها جديرة بالثقة ومحبة ومراعية للآخرين ومسئولة. وقد جاءت معظم الطلبات لكتابة هذا الكتاب من نساء قرأن كتبي. تلقيت أكثر من ۳۰۰ه خطاب، ولكنني لم أرغب في تأليف كتاب قد يحدث فجوة وانفصالاً بين الجنسين. لم أرغب في أن أتورط في موضوعات تعادي المرأة أو تسيء إليها، ولم أرغب في إضافة المزيد من الخلافات والصراعات بين الجنسين. إن الفجوة بين الرجال والنساء كبيرة بما يكفي، وأراها يومياً في عيادتي النفسية.
وبينما كنت أتأمل فكرة تأليف هذا الكتاب، تساءلت من سيشتري كتاباً يسمى: "نساء سيئات الطباع"، وخطر في بالي أن كتاباً كهذا يمكن أن يخاطب خمسة أنماط من الناس على الأقل:
- الرجال الذي أصبحوا لا يشعرون بقيمة وسحر المرأة ويريدون فهمها بشكل أفضل.
- النساء اللاتي يرغبن في معرفة السبب في أن بعض النساء يسئن معاملة النساء الأخريات.
- النساء اللاتي يرغبن في معرفة سبب تحرر الرجال من سحرهن.
- النساء اللاتي يعتبرن أنفسهن سيئات الطباع ولكنهن لا يرغبن في أن يكن كذلك.
- النساء اللاتي يرغبن في أن يقرأ الرجل عن بعض النساء سيئات الطباع فعلاً، حتى يدرك كم أن زوجته لطيفة ومثالية (ويمتن لأنه لم يتزوج واحدة من هؤلاء النساء سيئات الطبع).
هل أنت مستعد لبدء العملية؟ حسنا.
أولاً، فلنتحدث عن المزاج الخاص. لقد ولدنا جميعا ولكل منا مزاج خاص مختلف أو طبع أساسي موروث. بعض النساء يكرهن الرجال ويظهر ذلك بطريقة هدامة، وهؤلاء يطلق عليهن اسم أعداء الرجال، مثلما يطلق على الرجال الذين يكرهون النساء اسم أعداء المرأة. وبعض هؤلاء النساء لديهن وسائل يقصد بها تدمير نفسية الرجل ومعنوياته، وسأعرض تلك الوسائل مع أسبابها. وبالطبع ليست هناك امرأة تستيقظ من نومها وتقول لنفسها: "أعتقد أني سأكره الرجال من الآن فصاعداً"، فهناك أسباب، وقد تفيد هذه المعلومات النساء اللاتي لا يفهمن تلك النوعية من النساء
معظم النساء السويات يملن لرؤية طاقات وإمكانات الرجل الكامنة ويحاولن تطويره. فالمرأة تريد مساعدته ليكون الرجل الذي تعرف أنه يمكن أن يكونه. وفي معظم الأوقات، يسيء الرجل فهم هذا الأمر ولا يقابله بالتقدير. إن جهودها تتصارع مع الموقف العام للرجل، وهو أنه يريد منها قبوله عامة. فالرجل يحب أن يكون مقبولاً، وهو عادة ما يقبل الرجال الآخرين (سواء كانوا على صواب أو خطأ ولا يشكو أبدا إلا عندما يضايقه شيء ما فعلاً ويشعر أن عليه أن يفعل شيئاً ما حياله. ولذلك، ففي مرحلة مبكرة في العلاقة، عندما تشير زوجته لعيوبه وأخطائه، يقوم لإصلاحها، وفي نفس الوقت، تستمر هي في محاولاتها لجعله رجلاً أفضل عن طريق تحديد المزيد من "مناطق التحسن"، فيبدأ هو في الاعتقاد أنه لن يكون مقبولاً أبداً، ويشعر أنه لن يعجبها أبداً، ولذلك يقلع عن المحاولة ويصبح منفصلاً عنها عاطفياً (في محاولة منه لتجنب الألم الناتج عن مواجهة عيوبه ونقائصه)، إن نيتها طيبة وهدفها حسن، وكذلك هو، ولكن سوء الفهم يسبب أضراراً بالغة للزواج، فتبدأ علاقتهما في الانحدار والتدهور، ولا يدركون لماذا.
وسنتناول ذلك باستفاضة فيما بعد.
وتنظيم هذا الكتاب مماثل لتنظيم کتاب "رجال سيئو الطباع". كانت صديقة الي هي صاحبة فكرة "بحر الحياة" لتصنيف النساء. وقد أعجبتني قدرتها على السخرية بأسلوب لا ازدراء فيه. فإذا كنت تتمتع بخفة الظل، فستستمتع بمواصلة القراءة. وباختصار، قمت بتصنيف أنماط السلوك بالطرق التالية التي سنتوسع في شرحها في الفصول القادمة. اعتبر ما يلي نظرة سريعة على النساء في بحر الحياة، واللاتي سنتحدث عنهن بالتفصيل في الفصل ۲.
• السمكة المفلطحة (متقلبة المزاج): لا تعرف أبداً أي جانب منها ستراه في علاقاتها الشخصية. أحد جوانبها يعشق زوجها ويسانده ويدفعه للأمام. والجانب الآخر يعامله وكأنه تافه ولا قيمة له. والحياة معها تشبه ركوب الأفعوانية، ولا تعرف معها أبدا متى ستكون الانزلاقة التالية.
• السمكة المنتفخة (المتنمرة): لا يمكن التنبؤ بردود أفعالها ولا تعرف أبدأ متى ستنفجر أو لماذا تستشيط غضباً بهذا الشكل. وعندما تبدأ ثورة غضبها، تزعزع كل الاستقرار العاطفي في المنزل أو العمل.
• السمكة الضارية (تابعة المتنمرة): السمكة الضارية في الحقيقة هي سمكة صغيرة، وشرهة، وتقتات في جماعات، وتهاجم أي حيوان. إن تابعة المتنمرة تسير على غرار المتنمرة (السمكة المنتفخة)، وتتغذي لفظياً وعاطفياً على الضحية التي تختارها المتنمرة.
• سمكة القرش (مصلحتها فحسب): تسبح سمكة القرش في الماء بتلك الابتسامة على وجهها وبعينيها عديمتي الضمير. لن تأكل أحداً إذا لم تكن جائعة، ولكن إذا شعرت بالجوع، فستنقض على ضحيتها وتأتي عليها قبل حتى أن تعرف الضحية ما الذي يحدث، وهي لا تفعل ذلك لأنها
تتعمد إيذاء الآخرين، ولكن ببساطة لأنه قد حان وقت العشاء.
• سمكة القاع (المتعلقة بالقاع): هذه المرأة تتسكع مع الفاشلين. يمكن أن تكون رائعة مع رجل سيئ الخلق، إلا أنها لن تعطي الفرصة لأي شخص مهذب. بالرغم من مظهرها وطاقاتها، فإنها لا تشعر بالرضا الكافي عن نفسها.
• سمكة السطح (السطحية): هذه المرأة تتسكع مع الناس قرب السطح حيث يكون الجو مشمساً. فإذا بدأ زوجها يغرق، تتركه وتبحث عن آخر من سكان السطح. إنها تعرف كيف تستغل الفرص جيدة. سوف تخدع
حتى أعز صديقاتها وتأخذ زوجها منها لتتزوجه هي. الحب والحقيقة هما مجرد كلمتين لا معنى لهما بالنسبة لها.
• سمكة الجريث (المعتمدة على الغير): هذه المرأة تتعلق بمن تعتمد عليهم ولا تتركهم أبدا، ومعروف عنها أنها تستمر بقوة حتى الموت، ولن يمنعها عن ذلك أي قدر من الألم أو المعاناة. ولدرجة مرضية، لا تستطيع أن تكون إنسانة مستقلة
• الإسفنجة (معتمدة أخرى على الغير): الإسفنجة تشبه سمكة الجريث فهي معتمدة على غيرها. تتحمل الإساءة، وتفصل الشخص الذي تعتمد عليه، سواء كان رجلاً أو امرأة، عن الواقع، وبذلك تمكنه من التمادي في تصرفاته السيئة (الانغماس الزائد في العمل، والشراهة في الطعام، وإلى غير ذلك). وتبدو في أعين الناس مثالية مقارنة بزوجها السيئ. بدون وعي منها تساعد زوجها أو أصدقاءها على الانحدار والانهيار وتمكنهم من ذلك.
• سمكة البلهد (أبله الناظرة): تلتزم دائما بالقواعد. لیست جذابة والعمل تحت رئاستها ليس شيئاً ممتعاً. الأفضل أن يرقي الناس لمستوى توقعاتها المستحيلة منهم، وإلا ستضمر لهم العداء الشديد خفية بطريقة محترفة. لن ترضى أبدا عن أي شيء ولن تقدر أي شخص أبداً. وهي لا تعرف أبدا معنی کلمة "تشجيع".
إن النساء سيئات الطبع يمكن أن يكن من نوعية سمكة القرش أو سمكة السطح أو السمكة الضارية، أو أي نوع آخر حسب سماتهن. هذه التصنيفات تعرض أساليب الاستغلال أو المعاقبة أو التحكم التي تستخدمها النساء سيئات الطبع. بعض النساء يستخدمن هذه الأساليب لأنهن قد تعرضن لها أو لأنهن شاهدن أمهاتهن تمارسنها مع آبائهن. بعض هؤلاء النساء أنانيات ويعتمدن على خداع واستغلال الآخرين من أجل مكاسب شخصية، بعضهن لا ضمير لهن أو لديهن قدر قليل منه. بعض النساء سيئات الطبع في مجال العمل يشعرن بأنهن يجب أن يتصرفن كالرجال (رأيهن في هؤلاء الرجال ناتج عن تصور لديهن فقط) لتحقيق أهدافهن في الترقي. بعضهن يكرهن الرجال، أو يكرهن النساء، أو يكرهن أي أحد عموماً، أو تم تضليلهن أو عديمات الضمير. سيعرض هذا الكتاب دوافعهن والأسباب وراءها.
هناك العديد والعديد من سكان بحر الحياة، ما ذكرته هنا هو أمثلة قليلة من النساء اللاتي لا ترغب في الزواج منهن أو حتى التعامل معهن.
سوء الفهم
يصف الفصل ۱ الطرق المختلفة التي يساء بها فهم المرأة، وكذلك تفسير الرجال لهذه المواقف (وهو لذلك يفيد في فهم الرجال أيضا). فهناك امرأة قد لا تختار كلماتها بحكمة، وتهاجم تقدير زوجها لذاته، بينما هي في الحقيقة ترغب منه أن يصغي إليها وهي تخبره بمشاعرها. وهناك امرأة أخرى قد تختبر" زوجها عن طريق بعض العبارات أو الأحكام التي لا تعنيها فعلا، وهو لا يفهم هذه الاختبارات، ويفسرها على أنها عيوب في شخصيته أو على أنها تتعمد أن تشعره بالألم والمعاناة. كما يحدد هذا الفصل أيضاً نية أو مقصد المرأة التي يساء فهمها، ويوضح كيف يمكن تفسير سلوكها وكلماتها ومشاعرها بشكل صحيح.
ما يجب أن تفعله
يمكن أن يتعلم الرجال والنساء كيفية التعامل مع المرأة التي قد تبدو أنها سيئة الطبع، ولكنها ليست كذلك بالفعل. على سبيل المثال، المرأة التي تعرضت للاعتداء بالضرب أو لاعتداء جنسي تميل لإهانة الرجال، دون أن تعني ذلك، في ردود أفعالها تجاههم، وقد تتصرف كما لو كان الرجال يمثلون خطراً عليها، وقد يشعر الرجل الحساس أنها تعامله وكأنه وحش. ينبغي أن يتعلم الرجال كيف يتعاملون مع هذه المرأة دون التعامل مع ردود أفعالها بشكل شخصي. الفصل ۳ سوف يساعد على توضيح كيفية ذلك عن طريق تقديم ما يلي:
• الفهم (علاج سوء الفهم)
• أمثلة لمواقف صعبة وكيفية التجاوب معها بنجاح
• تلميحات تفيد في معظم المواقف
نعم! أحيانا تكون بحاجة لمجرد أن تخرج من الموقف. وأحيانا بعد أن تكون قد قمت بكل ما في وسعك، لا تجد حلاً آخر. فكما لا يوجد علاج لبعض الأمراض، كذلك لا علاج لبعض المواقف النفسية.
الصورة الكبرى
قمت بوضع عبارة الوعي الموقفي والتي تعني أن المشكلة لا تكمن في مضمون السياق، بل في السياق (الموقف) نفسه. فإذا كان رئيسك في العمل رجلاً مبغضاً للنساء، أو امرأة مبغضة للرجال، فإن الموقف هو المشكلة، وليس أي حدث معين وإذا قالت امرأة لزوجها: “إما زواجنا وإما أن تنهي صداقتك بهذا الشخص “، فربما يكون هناك نمط معين يظهر في هذه الحالة. فمن الجائز أنها لا تريد أن يصادق زوجها أحداً في الأساس. فإذا كان هذا الصديق الذي تعنيه شخصاً مهذباً وتكرر هذا الموقف، فقد يكون الرد المناسب أن يقول الزوج: “من الآن فصاعداً، لن أختار بينك وبين صديقي".
أخذ الأمور على محمل شخصي
من المهم في التعامل مع المرأة أو الرجل سيئ الطباع أن تتذكر أمرين. الأول هو أنك بحاجة لأن تظل على وعي بالموقف، والثاني هو ألا تأخذ الأمور بشكل شخصي.
ففي 85% من المرات، يكون الصراع أو رد الفعل أمراً غير شخصي. هل يعني ذلك أنه ينبغي أن تقف جانباً وتحلل الموقف من بعد؟ لا، سيكون ذلك تجاهلاً للأمر. دعني أشرح ذلك. عندما كنا أطفالاً، كنا نأخذ كل شيء على محمل شخصي، كنا نعتقد أن القمر يتتبعنا أثناء سيرنا في الطريق. على سبيل المثال، أخبرني طفلي الصغير ذات مرة أنه يود أن يظل مستيقظاً طوال الليل. ثم فكر في الأمر لبرهة بعقلية طفل في السادسة من عمره ثم قال: أبي، هل لو ظللت مستيقظاً طوال الليل، ستأتي الشمس في الصباح كالعادة؟". لقد كان يعتقد أن الشمس تدور حول أنشطته هو وترتبط بها.
ونحن كأشخاص بالغين، أحياناً نخطئ ونأخذ المواقف بشكل شخصي، ذات مرة ألقت لي البائعة، وكانت فتاة في سن المراهقة، بالمبلغ المتبقي لي في وجهي، في هذا الموقف كان أمامي عدة اختيارات:
- أن آخذ أموالي بدون أن أتفوه بكلمة وأخرج، وفي هذه الحالة قد أقضي باقي اليوم أفكر في هذه الفتاة، وما الذي كان ينبغي عليّ قوله أو فعله.
- أن أتضايق وأصيح في وجهها لأنها ربما تكون قد ذكرتني بشخص ما أساء معاملتي في الماضي.
- أن أشكوها لمديرها وربما أتسبب في فصلها.
وبدلا من أخذ موقفها بشكل شخصي، حافظت على وعيي بالموقف. إنها لم تكن تعرفني، وكنت مجرد عميل بالنسبة لها. لقد وفرت كل طاقتي وتحكمت في نفسي ولم أسمح للموقف بالضغط على أي نقاط ضعف بالنسبة لي. نظرت في عيني هذه الفتاة ذات الستة عشر عاماً وقلت لها: “هل كان يومك سيئاً؟". انفجرت في البكاء وأخبرتني أن خطيبها ترکها. تذكرت أنها كانت تتحدث على الهاتف عندما دخلت إلى المتجر، وأدركت أنها كانت تتحدث مع خطيبها على الأرجح.
إذن لم يكن أمراً شخصياً. هل كان ينبغي أن أغضب لأنها ألقت لي بالباقي في وجهي؟ نعم، هل كانت هي ذلك الشخص الذي أساء معاملتي في الماضي؟ لا. هل كانت ترغب في أن تفصل من عملها؟ الأرجح لا. هل كان الأمر يتعلق بي؟ لا. هل كان لدي وعي موقفي بما يكفي لأتدخل؟ نعم. لم أتجاهل الأمر، ولم أتعامل معه بشكل شخصي في نفس الوقت
إذن، هذه هي الحلول للتعامل مع النساء سيئات الطبع:
- لا تأخذ الأمور بشكل شخصي، ولكن لا تتجاهلها برمتها كذلك.
- حافظ على الوعي الموقفي. لا تسمح بأن تتعرض نقاط ضعفك للضغط عليها.
سنتناول هذه الاستجابات بالشرح والتوضيح طوال هذا الكتاب.
هل المرأة التي كنت تفكر فيها عندما اشتريت هذا الكتاب سيئة الطباع؟ ربما، هل عليك أن تأخذ تصرفاتها وسلوكها بشكل شخصي؟ لا. هل عليك أن ترد؟ نعم (ولكن بعد أن تهدئ شعورك بأن الأمر "شخصي" بنسبة 85%). يوجد احتمال بنسبة 85% أن يحدث سوء فهم أو أن يتم الضغط على نقاط ضعفها أو على نقاط ضعفك. عندما تستمر في القراءة، ستتعلم كيف يكون رد فعلك في هذه المواقف، وكذلك كيف تتعامل بنجاح مع النساء سيئات الطبع