قال ابن رشد في بداية المجتهد ونهاية المقتصد ([1]):
《ومن الواجب الذي اختلفوا فيه في الجنين مع وجوب الغرة وجوب الكفارة. فذهب الشافعي إلى أن فيه الكفارة واجبة وذهب ابو حنيفة إلى أنه ليس فيه كفارة. واستحسنها مالك ولم يوجبها. فأما الشافعي فإنه أوجبها لأن الكفارة عنده واجبة في العمد والخطأ، وأما أبو حنيفة فإنه غلب عليه حكم العمد. والكفارة لا تجب عنده في العمد. وأما مالك فلما كانت الكفارة لا تجب عنده في العمد وتجب في الخطأ، وكان هذا متردداً عنده بين العمد والخطأ استحسن فيه الكفارة ولم يوجبها 》.
والكفارة هي عتق رقبة أو صوم شهرين متتابعين لقوله تعالى: ) وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا الا خطأ ومن قتل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله الا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من الله وكان الله عليم حكيماً ( (النساء 4/92)
قالوا ولا يجوز في كفارة القتل الخطأ (والعمد ايضا عند الشافعي) اطعام ستين مسكينة بل يجب عليه إما عتق رقبة مؤمنة فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين.. وأما كفارة الظهار أو اتيان الزوجة في نهار رمضان فيجوز فيها الاطعام لمن لم يستطع العتق أو الصيام.
وعلى هذا فيجب على من أسقط جنین عمدا أو خطا صيام شهرين متتابعين (لعدم وجود العبيد في هذا العصر) على قول الإمام الشافعي.. ولا يجب عند أبي حنيفة في العمد واستحسن الكفارة الإمام مالك ولم يوجبها. والله أعلم.
وقد أوجبها ابن حزم (المحلى ج ۲۹/۱۱) وهذا هو قول الظاهرية.
(1) الجزء الثاني صفحة ۳۱۲ طبعة دار الفكر.