يمكن إحكام السيطرة التامة على أقسام العقل الستة الخاضعة للانضباط الذاتي واحدا تلو الآخر، ولكن يجب أن تكون البداية باكتساب عادات تمنح المرء القدرة على السيطرة على عواطفه أولاً، حيث إنها حقيقة أن أكثر الناس يصيرون ضحايا لعواطفهم الجامحة طوال حياتهم. ويصبح أكثر الناس خدما لعواطفهم بدلاً من

 أن يكونوا سادة لها لأنهم لم يكونوا عادات شاملة محددة تمكنهم من السيطرة عليها.

   وكل من قرروا التحكم بالأقسام الستة لعقولهم من خلال نظام انضباط ذاتي حازم يجب عليهم تبني خطة محددة واتباعها للمحافظة على غاباتهم نصب أعينهم.

  وقام أحد طلاب هذه الفلسفة بكتابة طريقة لهذا الغرض، وقام باتباعها بدقة لدرجة أنها سرعان ما مكنته من أن يصبح ذا وعي منضبط ذاتيا. وقد نجحت   إلى حد كبير لدرجة أننا سنعرضها هنا حتى تعم المنفعة على بقية طلاب هذه الفلسفة.

 وتستخدم هذه الطريقة وتكرر شفاهية مرتين يوميا، مرة عند الاستيقاظ في الصباح، والأخرى قبل الخلود إلى النوم في المساء. وقد مكنت هذه الطريقة ذلك الطالب من الاستفادة بمبدأ الإيحاء الذاتي، والذي يقوم بتوصيل الغاية من هذه الطريقة بوضوح إلى العقل الباطن؛ حيث يتولى أمرها ويعمل بناء عليها تلقائيا.  وقد أرفقت نسخة من هذه الطريقة في مجموعة المبادئ التوجيهية الخاصة بك. ولأساعدك على البدء، سوف أتلوها عليك الآن. والطريقة كما يلي:

طريقة للانضباط الذاتي

قوة الإرادة. نظراً لأن قوة الإرادة هي المحكمة العليا التي تخضع لها جميع أقسام العقل، فسوف أمارسها يوميا، عندما أحتاج إلى تشجيع على العمل لتحقيق أية غاية، وسوف أكون العادات المصممة لتفعيل قوة إرادتي مرة واحدة يوميا على الأقل.

العواطف. نظراً لإدراكي أن عواطفي منها الإيجابي ومنها السلبي، فسوف أكون عادات يومية تشجعني على اكتساب العواطف الإيجابية، وتساعدني على تحويل العواطف السلبية إلى شكل ما من أشكال الأفعال المفيدة.

المنطق. نظراً لأن كلا من عواطفي الإيجابية والسلبية قد تكون خطيرة إذا لم  أتحكم فيها وأوجهها نحو تحقيق غايات منشودة، فسوف أوكل كل رغباتي،

الانضباط الذاتي

وأهدافي، وغاياتي إلى ملكة المنطق الخاصة بي، وسوف أتلقى توجيهاتها عند التعبير عن هذه الرغبات، والأهداف، والغايات.

الخيال. نظراً لإدراكي لحاجتي إلى خطط وأفكار سليمة لتحقيق رغباتي، فسوف أطور خيالي بأن أستدعيه يومياً لمساعدتي في صنع خططي.

الضمير. نظراً لإدراكي أن عواطفي غالبا ما تضل في ثورة حماسها، وأن ملكة المنطق لدى غالباً ما تفتقد دفء المشاعر الضروري لتمكيني من الجمع بين العدل والرحمة في أحكامي، فسوف أشجع ضميري على توجيهي فيما يتعلق بالصواب والخطأ، ولن أتحي الآراء التي يقدمها إلي مهما كانت تكلفة تنفيذها.

الذاكرة. نظراً لإدراكي لقيمة الذاكرة اليقظة، فسوف أحث ذاكرتي على أن نصبح واعية بأن أضع فيها كل الأفكار التي أرغب في استدعائها، وأن أربط هذه الأفكار بالموضوعات المتصلة بها التي قد أستدعيها كثيراً.

العقل الباطن. نظراً لإدراكي لتأثير عقلي الباطن في قوة إرادتي، ينبغي علي الحرص على أن أقدم إليه صورة واضحة ومحددة عن غايتي الكبرى في الحياة، وعن كل الغايات الصغرى الموصلة إلى تلك الغاية الكبرى، وينبغي على إبقاء هذه الصورة باستمرار نصب عيني عقلي الباطن؛ وذلك بتكرارها يومياً.

   ويكتسب الانضباط في العقل شيئاً فشيئاً بتكوين عادات يمكن للمرء التحكم فيها. وتنشأ العادات في العقل؛ ولهذا فتكرار هذه الطريقة يومياً سوف تنقل المادة إلى الوعي بجانب الأنواع المعينة من العادات المطلوبة لتطوير أقسام العقل الستة والتحكم فيها.

  ومجرد تكرار أسماء هذه الأقسام له تأثير مهم: يجعل المرء واعياً بأن هذه الأقسام موجودة، وبأنها مهمة، وبأنه يمكن التحكم فيها بتكوين عادات فكرية، وبأن طبيعة هذه العادات تحدد نجاح المرء أو فشله في تحقيق الانضباط الذاتي.

ومن أعظم الأيام في حياة أي شخص يوم يدرك حقيقة أن النجاح أو الفشل في الحياة يتعلق إلى حد كبير بتحكمه في عواطفه.

وقبل أن نستطيع إدراك هذه الحقيقة، يجب علينا أن ندرك وجود عواطفنا وطبيعتها، والقوة التي تصير متاحة لمن يتحكمون في عواطفهم، وهو نوع من الإدراك لم يتوصل إليه عديد من الناس طوال حياتهم أبدا.