قبل أن ننهي تحليل الانضباط الذاتي، والذي يتمحور بشكل كامل حول آلية الفكر، دعني أصف لك باختصار بعض الحقائق والعادات الفكرية الشهيرة لكي يمكننا اکتساب فن التفكير الدقيق. .

  1. كل الأفكار (سواء أكانت إيجابية أم سلبية، جيدة أم سيئة، دقيقة أم غير دقيقة تكسو نفسها بمعادلاتها المادية، وهي تفعل هذا الأمر من خلال إلهام المرء بالأفكار، والخطط، ووسائل تحقيق الغايات المنشودة؛ وذلك بوسائل منطقية وطبيعية.

   وبعد أن يصبح التفكير في موضوع ما عادة، يواصل العقل الباطن تنفيذه والوصول إلى نتيجته المنطقية؛ وذلك بمساعدة أية وسيلة طبيعية متاحة.

   وقد لا تكون عبارة "الأفكار عبارة عن أشياء" صحيحة تماما، ولكنها       حقيقة أن الأفكار تصنع كل الأشياء، والأشياء التي تصنعها تكون نسخة مطابقة من النماذج الفكرية التي صيغت منها على نحو رائع.

     ويؤمن البعض بأن كل فكرة تصدر عن عقل المرء تبدأ سلسلة لا نهاية     لها من الذبذبات التي تجعل صاحب الفكرة مجبرا على الكفاح؛ وبأننا         مجرد انعکاس طبيعي لأفكار قام الذكاء المطلق بتفعيلها وبلورتها في شكل   مادي.

ويعتقد عديد من الناس أيضا أن الطاقة التي نفكر بها مجرد جزء ضئيل منعكس من الذكاء المطلق، تم اقتطاعه من الاحتياطي الكوني

بواسطة العقل. ولم تثبت صحة أية فكرة تناقض هذا الاعتقاد حتى الآن.

  1. من خلال تطبيق الانضباط الذاتي، يمكن التأثير في الفكر، والتحكم فيه، وتوجيهه بتحويل مساره نحو تحقيق غاية منشودة؛ وذلك باكتساب العادات التطوعية المناسبة لتحقيق هذه الغاية.
  2. لقوة الفكر قدرة على التحكم في كل خلية من خلايا الجسد (وذلك بمساعدة العقل الباطن)، وإجراء كل الإصلاحات والاستبدالات للخلايا المصابة أو الميتة، وتحفيز نموها، والتأثير في عمل كل أعضاء الجسد، ومساعدتها على العمل وفق عادة ونظام، ومساعدتها على محاربة الأمراض من خلال الجهاز المناعي. وتنفذ هذه الوظائف تلقائيا، ولكن يمكن تحفيز بعضها بمساعدة تطوعية.
  3. تبدأ كل الإنجازات في صورة أفكار، وتنظم في صورة خطط، وأهداف، وغايات، ويتم التعبير عنها في صورة أفعال. وكل الأفعال تلهم بواسطة دافع أو أكثر من الدوافع الأساسية التسع.
  4. تخضع قوة العقل كاملة لقسمي العقل، وهما العقل الواعي والعقل الباطن والعقل الواعي خاضع لتحكم الفرد، أما العقل الباطن فخاضع لتحكم الذكاء المطلق ويعمل كأداة تواصل بين الذكاء المطلق والعقل الواعي.

و"الحاسة السادسة" خاضعة لتحكم العقل الباطن، وتعمل بصورة تلقائية وفق قواعد ثابتة، ولكن قد يتم التأثير عليها لتعمل على تنفيذ تعليمات العقل الواعي.

  1. يعمل كل من العقل الواعي والباطن كاستجابة لعادات ثابتة، ويضبطان نفسيهما وفق أية عادات فكرية ينشئها الفرد، سواء أكانت هذه العادات اختيارية أم إجبارية.
  2. غالبية الأفكار التي تصدر عن الفرد تكون غير دقيقة لأنها تلهم بالآراء الشخصية التي يكونها دون فحص الحقائق، أو بسبب المحاباة، والحكم المسبق، والخوف، ونتيجة إثارة عاطفية قد لا تمنح ملكة المنطق الفرصة لتعديلها بصورة عقلانية.

الانضباط الذاتي

  1. أول خطوة في التفكير الدقيق (وهي خطوة لا يتخذها سوى أصحاب الانضباط الذاتي الكاف) هي فصل الحقائق عن الخيال والشائعات. والخطوة الثانية هي فصل الحقائق (بعد التعرف عليها كحقائق) وتصنيفها إلى فئتين: مهمة وغير مهمة. والحقيقة المهمة هي أية حقيقة يمكن استخدامها لمساعدة المرء على تحقيق غايته الكبرى أو أية غاية صغری توصله إلى تلك الغاية الكبرى.

    وكل الحقائق الأخرى تعد غير مهمة نسبيا. ويمضي الشخص العادي حياته في التعامل مع الاستنتاجات" المبنية على مصادر لا يعتمد عليها للمعلومات والحقائق غير المهمة. ولهذا، فهو نادرا ما يصل إلى رؤية عن شكل الانضباط الذاتي الذي يتطلب الحقائق ويميز الفوارق بين الحقائق المهمة وغير المهمة.

  1. والرغبة المبنية على دافع معين هي البداية لكل تفكير اختياري متعلق بالإنجاز الفردي. ووجود أية رغبة شديدة في العقل يحفز قوة الخيال بنية خلق طرق أو وسائل لتحقيق هذه الرغبة. وإذا ظلت الرغبة قائمة في العقل باستمرار من خلال تكرار التفكير فيها)، يقوم العقل الباطن بتناولها ويحولها إلى نتيجتها المنطقية تلقائيا.

وهذه بعض الحقائق المهمة الشهيرة المتعلقة بأعظم الألغاز، ألا وهو لغز التفكير الإنساني، وهي تشير بوضوح إلى أن التفكير الدقيق يكون سهل المنال بتبني عادة الانضباط الذاتي الحازم وحسب.