أنت في موضعك وبلغت ما بلغته بسبب عاداتك الفكرية، ودعني أقل لك الآتي مرة أخرى حتى تستوعب هذه المعلومة حقاً:
أنت في موضعك وبلغت ما بلغته بسبب عاداتك الفكرية.
وعاداتك الفكرية هي ظروفك الحياتية الوحيدة التي تتحكم فيها - وهذه من أعمق الحقائق في حياتك؛ لأنها تبرهن بوضوح على أن الخالق بين لنا ضرورة هذه الميزة العظيمة، ولو لم تكن كذلك لما جعلها الشيء الوحيد الذي منحك التحكم التام فيه.
والدليل على أن الخالق منح البشر الحق الخالص في التحكم بعاداتهم الفكرية يتكشف لنا بوضوح من خلال قانون قوة العادة وهو الوسط الذي ترسخ به العادات الفكرية وتكتسب صفة الدوام، لكي تصبح تلقائية وتفعل دون جهد اختياري.
وفي الوقت الحاضر، إنني مهتم فقط بلفت الانتباه إلى حقيقة أن هذه الآلية الرائعة قد زودها الخالق بأداة يمكن بها السيطرة على كل العادات الفكرية ومنحها القدرة على التعبير التلقائي.
والانضباط الذاتي هو المبدأ الذي يمكن للمرء أن يشكل به أنماط فكره طواعية لتتناغم مع أهدافه وغاياته.
وهذا الامتياز يحمل في طياته مسئولية جسيمة؛ لأنه الامتياز الوحيد الذي يحدد أكثر من غيره المكانة التي يشغلها كل شخص في الحياة. وإذا تم تجاهل هذا الامتياز، بفشل المرء في أن يشكل طواعية العادات المصممة لتقود إلى تحقيق غايات محددة، فحينها ستؤدي الظروف الحياتية الخارجة عن سيطرة المرء عملها، ويا له من عمل بائس
وكل شخص لديه كم كبير من العادات، بعضها صنعناه بأيدينا، والبعض الآخر لا إرادي. وهي تتكون بالمخاوف والشكوك، والقلق والاضطراب، والطمع والخرافة، والحسد والكراهية. والانضباط الذاتي هو الوسيلة الوحيدة التي تمكن المرء من التحكم في عاداته الفكرية وتوجيهها إلى أن يعبر عنها تلقائيا. ولتتأمل هذه الفكرة بعناية؛ لأنها المفتاح لمصيرك العقلي، والمادي، والروحاني.
ويمكنك تنظيم عاداتك الفكرية وسوف تحملك إلى تحقيق أي هدف مرغوب في متناول يديك. أو يمكنك أن تدع ظروفك الحياتية اللاإرادية لتكون لك عاداتك الفكرية وسوف تحملك إلى الفشل لا ريب.
وبوسعك تدريب عقلك على تحقيق ما تنشده من الحياة، وسوف تحصل عليه. أو يمكنك تغذية عقلك بأفكار عما لا ترغب فيه، وسوف يجلب لك ما لا ترغب فيه وحسب؛ فعاداتك الفكرية تنشأ بناءً على الغذاء الذي يتناوله عقلك.
أعمل قوي إرادتك كاملة وتول السيطرة التامة على عقلك. وهو عقلك أنت وقد منح لك كخادم لينفذ رغباتك، ولا يمكن لأحد الدخول فيه أو التأثير عليه ولو بدرجة قليلة دون رضاك أو تعاونك. ويا لها من حقيقة عميقة
وتذكر هذا عندما تبدأ الظروف التي تبدو خارجة عن سيطرتك في الظهور وإزعاجك. وتذكر هذا الأمر عندما يبدأ الخوف، والشك، والقلق في شغل الفراغات في عقلك. وتذكره عندما يبدأ الخوف من الفقر في شغل الفراغ الذي يجب ملؤه بوعي بالرخاء في عقلك. وتذكر أيضا أن هذا هو الانضباط الذاتي - الوسيلة الوحيدة التي يمكن لأي شخص أن يتولي السيطرة التامة بها على عقله.
وأنت لست دودة تزحف بين تراب الأرض. ولو كنت كذلك لزودت بالوسائل البدنية التي يمكنك بها الزحف على بطنك بدلا من السير على قدميك. وجسدك
الانضباط الذاتي
المادي مصمم ليمكنك من الوقوف والمشي، ومن التفكير في طريقك نحو تحقيق أسمى الإنجازات التي يوسعك تخيلها.
ولماذا ترضى بأقل من ذلك؟ ولماذا تستخف بخالقك بعدم اكتراثك أو إهمالك لاستخدام أثمن هباته إليك، ألا وهي قوة عقلك؟
والقوى الكامنة في العقل البشري تفوق التصورات. ومن أعظم الألغاز التي لم تكشف عبر العصور هو تجاهلنا لإدراك هذه القوى واستخدامها كوسيلة لتشكيل مصيرنا الدنيوي.