بما أنك طالب لهذه الفلسفة، فقد تكون مهتما بالطريقة التي يمكن للمرء بها تحويل قوة الفكرة إلى معادلاتها المادية. وقد تكون مهتما أيضا يتعلم كيفية الارتباط بالآخرين بروح من الانسجام.

   ومن سوء الحظ أن مدارسنا العامة أغفلت هاتين الحاجتين الهر همتين. ويقول د. "هنري سي، تينك" - عالم النفس: "ظل نظامنا التعليمي يركز على التطوير العقلي، وفشل في تفهم العريقة التي تكتسب بها العادات العاطفية والشخصية أو تصحح بها".

    واتهامه هذا قائم على أساس سليم. فنظام التعليم العام قد فشل في تأدية واجباته - وفقا لما قاله د."لينك". لأن قانون قوة العادة الكونية لم يكتشف إلا مؤخراً، وهو غير معروف لدى قدر عظيم من المحاضرين والمعلمين حتى الأن.

 وكل واحد منا يعلم أن كل شيء نفعله - منذ أن تعلمنا المشي - هو نتيجة لعادة           فالمشي والتحدث عانتان، وأسلوب تناولنا للطعام والشراب. عادة. وأنشطتنا العائلية نتيجة للعادة، وبعلاقاتنا مع الآخرين - سواء أكانت إيجابية أم سلبية . نتيجة للعادة، ولكن قليلاً من الناس يتفهمون سبب، وكيفية تكويننا للعادات.

والعادات وثيقة الصلة بالأنا الإنسانية. ولهذا، دعنا ننتقل إلى تحليل موضوع الأنا هذا الذي يساء فهمه بشكل كبير. ولكن دعنا أولا نعي أن الأنا هي الوسط الذي يعمل الإيمان وغيره من الحالات العقلية من خلاله.

وفي هذه الفلسفة تأكيد عظيم على الفارق بين الإيمان الخامل والإيمان الفعال. والأنا في وسط التعبير عن كل الأفعال، ولهذا، يجب أن نعلم شيئا عن طبيعتها وإمكانياتها لكي يمكننا تحقيق الاستفادة القصوى منها. ويجب أن نتعلم كيف نحث الأنا على اتخاذ الفعل وكيف نتحكم فيها وتوجهها لتحقيق غاياتنا المحددة.

وفوق كل هذا، يجب علينا أن نحرر عقولنا من الأخطاء الشائعة التي تجعلنا نعتقد بأن الأنا هي الوسط الوحيد للتعبير عن الغرور. وكلمة "الأنا" ذات أصل لاتيني، وهي تعني "أنا"، ولكنها تحمل ضمنا قوة دافعة يمكن تنظيمها وتسخيرها للعمل كوسط لتحويل الرغبات إلى إيمان، وذلك من خلال الفعل.

قوة الأنا المساء فهمها

إن كلمة "الأنا" تشير إلى كل عناصر شخصية المرء. ولهذا، فالأنا خاضعة للتطوير، والتوجيه، والتحكم من خلال العادات التطوعية، أي العادات التي نكتسبها عن عمد وقصد.

وقام أحد الفلاسفة العظام - والذي كرس حياته كاملة لدراسة الجسد والعقل الإنساني - بتقديم أساس عملي لدراسة الأنا عندما قال:

جسدك، سواء أكان حيا أم ميثا، عبارة عن ملايين الذرات الصغيرة من الطاقة التي لا تنتهي أبدا.

وذرات الطاقة هذه منفصلة ومنفردة؛ وفي أوقات معينة تعمل هذه الذرات بدرجات معينة من الانسجام.

والجسد الإنساني عبارة عن آلية حياتية انسيابية، وهو قادر على التحكم في القوى الداخلية ولكنه غير معتاد على هذا - غير أن بعض الأشياء مثل العادة، أو الإرادة، أو التهذيب، أو الإثارة المعينة (من خلال العواطف) قد تنظم تلك القوى لتحقيق بعض الغايات المهمة.

ونحن مقتنعون - من خلال عديد من التجارب - بأن قوة تنظيم واستخدام تلك القوى يمكن أن تغرس في كل شخص بدرجة كبيرة.

والهواء، وضوء الشمس، والغذاء، والمياه التي نستفيد بها تعد عناصر القوة تنبع من السماء والأرض. وأنت تطفو وتتحرك وفق مد الظروف وجزرها لتشكل حياتك اليومية، والفرص المتاحة لجعلك شخصا أفضل مما أنت عليه تطفو بعيدا عن متناولك وتذهب بعيدا.

والبشر محاطون بكثير من المؤثرات لدرجة أنه - من قديم الأزل - لم يبذل أي جهد حقيقي لاكتساب السيطرة على الدوافع التي تنطلق بحرية في

قانون قوة العادة الكونية

العالم. وقد كان من الأيسر - ولا يزال كذلك - ترك الأمور تسير كما تشاء بدلا من استخدام الإرادة في توجيهها.

ولكن الخط الفاصل بين النجاح والفشل يوجد عند المرحلة التي يتوقف فيها الطفو بلا هدف، وقي الحين الذي تبدأ فيه الغاية المحددة.

وجميعنا مخلوقات لديها عواطف، وانفعالات، وظروف، وحوادث. وما سيصير عليه العقل، والقلب، والجسد بعد مسألة يتحكم في تشكيلها مقدار طفو المرء في الحياة، حتى عندما يولي عناية خاصة لأي منهم.

وإذا جلست وتفكرت لبرهة، فسوف تشعر بالدهشة عندما تدرك مقدار ما مضى من حياتك كمجرد طفو.

وانظر إلى حياة أي مخلوق من المخلوقات، وستری مقدار جهوده في التعبير عن نفسه، فتقوم الأشجار بمن أفرعها نحو ضوء الشمس، وتكافح من خلال أوراقها لاستنشاق الهواء؛ بل وتدب جذورها في أعماق الأرض بحثا عن المياه والمعادن التي تحتاج إليها لغذائها. وإنك تدعو هذا المخلوق جمالها، ولكنه يمثل قوة تنبع من مصدر ما ويعمل لتحقيق غاية معينة.

وليس هنالك مكان في هذا العالم لا توجد فيه الطاقة.

فالهواء زاخر بها لدرجة أنه في القطب الشمالي البارد تشرق الشمس بأشعتها الشمالية، وأينما حلت البرودة محل الدفء، فقد تنبه المكيفات الكهربية المرء إلى ذلك. وما المياه سوی اتحاد سائل لغازات، وهي مشحونة بالطاقة الكهربية، والميكانيكية، والكيميائية، وكل نوع من أنواع الطاقة هذه قادر على تقديم خدمات عظيمة أو إحداث أضرار بالغة.

  وحتى الثلج - في أبرد مراحله - يحتوي على طاقة، لأنه لا يمكن التحكم    فيه، ولا يظل جامدا؛ وقوته يمكنها تحطيم صخور الجبال وتحويلها إلى         فتات. ولا يوجد جزيء كيميائي خال من الطاقة؛ ولا يمكن أن توجد ذرة      بدونها. ونحن عبارة عن مزيج من الطاقات المنفردة.

ويتكون البشر من نوعين من الطاقة، أحدهما مادي، ويوجد في صورة الجسد المادي، والذي توجد بداخله خلايا منفردة تقدر بالمليارات، وكل خلية منها وهبت ذكاء وطاقة. والنوع الآخر غير مادي، ويوجد في صورة الأنا، وهي الحاكم المطلق المنظم للجسد، والذي يتحكم في الأفكار والأفعال.

ويبين لنا العلم أن الجزء المادي الإنسان يزن مائة وستين رطلاً يتكون من سبعة عشر عنصراً كيميائياً، وجميعها عناصر معروفة، وهي:

تسعة أرطال من الأكسجين

ثمانية وثلاثون رطلا من الكربون

خمسة عشر رطلا من الهيدروجين

أربعة أرطال من النيتروجين

أربعة أرطال ونصف الرطل من الكالسيوم

ست أوفيات من الكلور

أربع أوقيات من الكبريت

ثلاث أوقيات ونصف الأوقية من البوتاسيوم

ثلاث أوقيات من الصوديوم

ربع أوقية من الحديد

أوقيتان ونصف الأوقية من الفلورين

أوقيتان من الماغنسيوم

أوقية ونصف الأوقية من السيليكون

ومقادير ضئيلة من الزرنيخ، واليود، والألومنيوم

  وهذه الأجزاء المادية من البشر تساوي بضعة دولارات على المستوى المادي، ويمكن شراؤها من أية مصانع كيميائية حديثة. وأضف إلى هذه العناصر الأنا المطورة جيداً، والمنظمة والمتحكم فيها على نحو صحيح، وسوف تساوي قيمتهما أي ثمن يحدده صاحبها. والأنا قوة لا يمكن شراؤها بأي ثمن، ولكن يمكن اكتسابها وتشكيلها لتلائم أي نمط مرغوب. ويحدث اكتسابها من خلال معادات منظمة تصير دائمة بواسطة قانون قوة العادة الكونية، والتي تفعل الأنماط الفكرية التي يكتسبها المرء من خلال التفكير الخاضع للسيطرة.

     وأعظم صانعينا، ومخترعينا، وفنانينا، وقادة أعمالنا يطورون الأنا الخاصة بهم، ويوجهونها، ويستقطبونها في مجالاتهم. ونتيجة لذلك، كل الرجال والنساء الذين أسهموا في مسيرة التقدم قد قدموا للعالم وصفا لقوة الأنا المكتسبة جيداً والمتحكم فيها بعناية.

قانون قوة العادة الكونية

      ومن الفوارق الرئيسية بين من قدموا إسهامات قيمة للجنس البشري ومن شغلوا مكانا وحسب في هذا العالم فارق الأنا، لأن الأنا هي القوة الدافعة وراء كل أشكال الأفعال الإنسانية .

    وحرية الجسد والعقل وتحررهما - وهما أهم رغبتين لدى الناس جميعاً - تتاحان بقدر تطوير المرء للأنا الخاصة به واستخدامه إياها. وكل من اتصل على نحو صحيح بالأنا الخاصة به نال حرية وتحرر بالقدر الذي كان ينشده.

  وتحدد الأنا الأسلوب الذي يتصل به المرء بالأخرين. والأهم من هذا هو أنها تحدد السياسة التي يتواصل بها عقل المرء وجسده معاً، والتي يصمم فيها كل أمل وغاية يحدد بها مصير المرء في الحياة.

   وتكون الأنا أعظم ممتلك أو أعظم مسئولية بحسب الطريقة التي يتصل بها المرء بالأنا الخاصة به. والأنا حصيلة للعادات الفكرية التي كانت مرتكزة حول العملية الآلية لقانون قوة العادة الكونية.