تدمج عديد من الشركات مبدأ بذل المزيد من الجهد في رسالاتها المؤسسية. وهناك واحدة من شركات الطيران الشهيرة تقع ضمن هذه الفئة من الشركات. وقد قام مؤسسها بفعل كل شيء على نحو صحيح، لذا اشتهرت الشركة بقائمة الانتظار الخاصة بها المليئة بطلبات سعى إلى الانضمام إليها. ومن أهم مقومات نجاح هذه الشركة هو خدمة العملاء المدهشة الخاصة بها.

يقول المؤسس نفسه: "أعلم أن الأمر يبدو بسيطاً، ولكني أستمر في التوصية باتباع القاعدة الذهبية الخاصة بالخدمات، عامل الأخرين كما تحب أن يعاملوك. وأنا سأل موظفي: "هل تحبون الدخول إلى مطعم أو متجر وتلتقون موظفي مبيعات لا يكترثون بكم، ولا يهتمون بتلبية حاجاتكم ورغباتكم، ويعاملونكم كما لو كنتم جماداً؟" حسناً، كان جميعهم يجيبون على النحو ذاته: "لا، لا نحب ذلك". ثم أقول لهم: "حسناً إذن، لا تكونوا منافقين، وقدموا خدمة أفضل، وقدموا الخدمة التي تحبون أنتم أن تتلقوها".

القصة المشهورة ل "إدوارد تشوت"

 بعض الرجال الأذكياء، وغيرهم من العقلاء، قد اكتشفوا الطريق إلى الثروات بالتطبيق المتعمد لمبدأ بذل المزيد من الجهد من أجل الكسب المالي.

عادة بذل المزيد من الجهد

ورغم هذا، يدرك العقلاء بحق أن أعظم أجر يحصنون عليه من هذا المبدأ يأتي في صورة صداقات تدوم طوال الحياة، وعلاقات إنسانية منسجمة، وأداء عمل محبب، والقدرة على فهم الناس، والاستعداد لمشاركة نعمهم مع الأخرين - والتي تقع جميعها ضمن الثروات الاثنتي عشرة في الحياة.

و"إدوارد تشوت" هو شخص أدرك هذه الحقيقة واكتشف المفتاح الرئيسي للثروات. وكان يعيش في لوس أنجلوس، حيث يبيع بوليصات تأمين على الحياة.

وفي بداية حياته المهنية كمندوب مبيعات لبوليصات التأمين على الحياة، كان يكسب مالا متواضعاً نظير جهوده، ولكنه لم يحرز أية إنجازات في هذا المجال. وفقد كل ماله خلال مشروع تجاري سيئ الحظ، ووجد نفسه في أسفل السلم،. ومجبراً على اتخاذ بداية جديدة.

وقلت "مشروع تجاري سيئ الحظ"، ولكن ربما كان عليَّ أن أقول "مشروع تجاري حسن الحظ"؛ لأن خسارته أجبرته على التوقف، والنظر حوله، والإنصات، والتفكير، وتأمل السبب في كون القدر يرفع بعض الناس إلى مواضع عليا من الإنجاز، ويمني آخرين بهزيمة مؤقتة أو فشل دائم.

ومن خلال تأملاته، أصبح طالباً من طلاب فلسفة تحقيق الإنجاز الفردي التي ساعد "أندرو كارنيجي" على صياغتها خلال حياته المهنية المزدهرة، وعندما وصل السيد "تشوت" إلى درس بذل المزيد من الجهد، أفاق على إحساس عميق بالتفهم لم يعتره من قبل قط، وأدرك أن خسارة الثروات المادية قد تقود إلى مصدر ثروات أعظم، يتألف من القوى الروحانية التي يتمتع بها المرء.

وبهذا الاكتشاف، بدأ السيد "تشوت" في الحصول على الثروات الاثنتي عشرة في الحياة، الواحدة تلو الأخرى، وكان أولها وعلى رأس قائمتها التوجه العقلي الإيجابي.

وفي ذلك الحين، توقف عن التفكير في عدد بوليصات التأمين على الحياة التي يريد بيعها، وبدأ في النظر حوله بحثاً عن فرص لتقديم الخدمات للآخرين الذين ابتلوا بمشکلات لا يستطيعون حلها.

وجاءت أول فرصة له عندما وجد شاباً في صحاري كاليفورنيا كان قد فشل في مشروع تعدين خاص به، وكان يواجه خطر الموت جوعاً. وقد أخذ الشاب إلى منزله، وأطعمه، وشجعه، وأبقاه في منزله إلى أن وجد له وظيفة جيدة.

وفي هذا الموقف الذي قلد به السيد "تشوت" نفسه دور المتطوع لتقديم المساعدة، لم يكن يفكر في الكسب المالي، لأنه كان من الواضح أن ذلك الفتى

المبتلى بالفقر، والمحطم الروح المعنوية، لا يمكن أن يصبح مشترٍ مرتقباً لبوليصة تأمين على الحياة.

ثم بدأت الفرص الأخرى لمساعدة الأشخاص الأقل حظاً تكشف عن نفسها سريعاً لدرجة أن الأمر بدا كما لو أن السيد "تشوت" جعل نفسه مغناطيسا يجذب فقط من لديهم مشكلات صعبة بحاجة إلى الحل.

ولكن ظاهر الأمر كان خادعاً؛ لأنه كان فقط يمر بفترة اختبار يظهر فيها إخلاصه لغايته في مساعدة الآخرين. ودعنا لا ننسى أنها فترة يمر بها جميع من يطبق مبدأ بذل المزيد من الجهد بصورة ما أو بأخرى.

ثم تغير المشهد، وبدأت أمور "إدوارد تشوت" تأخذ منعطفاً ربما لم يكن يتوقعه، فمبيعات بوليصات التأمين على الحياة الخاصة به بدأت تزداد شيئاً فشيئاً، إلى أن بلغت في النهاية مستوى لم تعهده من قبل. وكانت معجزة المعجزات هي أن أكبر بوليصة صاغها حتى ذلك الوقت قد بيعت إلى صاحب عمل فتى الصحراء الذي صادقه. وقد بيعت البوليصة دون إغراء من السيد "تشوت".

وبدأت مبيعات أخرى تأتيه على النحو ذاته إلى أن باع بوليصات تأمين، دون أي جهد مرهق، أكثر من التي كان يبيعها ببذل جهود مضنية.

فضلاً عن ذلك، أسس لنفسه مجالاً في مهنة بوليصات التأمين على الحياة كان يبيع فيه بوليصات ذات قيمة كبيرة. والقادة ذوو المسئوليات العظيمة والشئون المالية الواسعة بدأوا يرسلون إليه لطلب النصح بشأن مشكلاتهم الخاصة ببوليصات التأمين على الحياة.

وتنامي عمله إلى أن جلب إليه ذلك الهدف العظيم الذي يسعى إليه كل مندوبي التأمين على الحياة: عضوية التأمين على الحياة في الطاولة المستديرة الخاصة ببائعي بوليصات تأمين بمبلغ مليون دولار. وهذا التميز لا يناله إلا من يبيعون بوليصات تأمين على الحياة بمبلغ مليون دولار على الأقل في كل عام. ولمدة ثلاثة أعوام متتالية.

ولم يكن هناك سوى سبعة وخمسين شخصاً آخر بلغوا هذا الإنجاز البارز قبله في ذلك الحين. لذا، فمن خلال سعيه إلى الثروات الروحانية، وجد "تشوت" الثروات المادية أيضاً، ووجدها بوفرة أعظم مما كان يتوقع. فبعد ست سنوات قصيرة من تقلد دور المتطوع، باع السيد "تشوت" بوليصات تأمين على الحياة يريد ثمنها على المليوني دولار في أثناء الأربعة أشهر الأولى.

عادة بذل المزيد من الجهد

 وبدأت قصة إنجازاته تنتشر في البلاد، وجلبت له دعوات إلى التحدث في مؤتمرات خاصة بالتأمين على الحياة؛ لأن هناك مندوبي مبيعات آخرون كانوا يرغبون في معرفة كيف تمكن من السمو بنفسه إلى مكانة يحسد عليها في تلك المهنة.

وقد أخبرهم؛ وعلى النقيض تماماً للممارسات المعتادة لأولئك الناجحين، فقد کشف لهم عن تواضع قلبه الذي كان يلهمه، واعترف لهم صراحة بأن إنجازاته كانت نتيجة لتطبيق فلسفة الآخرين.

والناجحون العاديون ينزعون لتوليد انطباع بأن نجاحهم يعزى إلى ذكائهم وحكمتهم، ولا يرجعون الفضل دائماً إلى أساتذتهم وناصحيهم. ومن الواضح للجميع أنه لم يحرز أي شخص درجة عالية من النجاح الدائم دون تعاون ودود من قبل الآخرين، وأنه لم ينل أي أحد نجاحاً دائماً دون مساعدته للآخرين.

وأصبح "إدوارد تشوت" ثريا بالقيم المادية بقدر احتياجه إليها. لكنه صار أكثر ثراءً بالقيم الروحانية، لأنه اكتشف الثروات الاثنتي عشرة في الحياة جميعها ونالها، واستخدمها بذكاء، وهي ثروات بعد المال فيها الأقل منزلة وأهمية.