وبعد، ينبغي عليَّ أن أكشف لك عن الوسيلة التي يمكن نيل قوة شخصية، وذلك من خلال دعم العديد من العقول الموجهة نحو تحقيق غايات محددة.
فبهذه الوسيلة نفسها، قاد "أندرو كارنيجي" عصر الصلب العظيم وقدم لأمريكا أعظم صناعة، رغم أنه لم يكن يملك رأس مال يبدأ به عمله، وكان ذا حظ قليل من التعليم.
وبهذه الوسيلة، أصبح "توماس إيه. إديسون" أعظم مخترع في عصره، رغم عدم امتلاكه معرفة شخصية بالفيزياء، أو الرياضيات، أو الكيمياء، أو الإلكترونيات، أو عديدا من الموضوعات العلمية الأخرى، والتي كانت أساسية لعمله كمخترع.
وينبغي أن تلهم الأمل لمعرفتك أن عدم امتلاك حظ من التعليم، ورأس المال، والمهارة التقنية لا يعوقك عن تأسيس أية غاية تختارها كهدف أكبر في حياتك؛ لأن هذه الفلسفة تقدم طريقة تمكن أي شخص ذي قدرة محدودة من تحقيق أي هدف معقول.
والأمر الوحيد الذي لا يمكن للوسيلة مساعدتك عليه هو اختيار الهدف لك. ولكن حالما تضع لنفسك هدفاً، فباستطاعة هذه الفلسفة أن ترشدك دون خطأ إلى تحقيقه. وهذا وعد غير مشروط. ولا يمكنني أن أملي عليك ما يجب عليك أن نشده، أو مقدار النجاح الذي تأمله، ولكن باستطاعتي أن أكشف لك عن الوصفة التي يمكنك بها تحقيق النجاح، ويجب عليَّ ذلك.
ومسئوليتك الكبرى الآن هي اكتشاف ما تنشده من الحياة، ووجهتك، وما ستفعله عندما تصل إليها. وهذه مسئولية لا يمكن لأحد أن يتولاها سواك، وبسبب التأجيل، هناك ثمانية وتسعون من بين كل مائة شخص لا يتولونها أبداً. وهذا هو السبب الرئيسي في أن اثنين فقط من بين كل مائة شخص يمكن تصنيفهما كناجحين. ويبدأ النجاح بوجود غاية محددة!
ووحدة الغاية ممتلك لا يقدر بثمن، وقليل من يملكها، ولكنها ممتلك يمكن للمرء اكتسابه في برهة قصيرة.
ولتقرر ما تنشده من الحياة ، وأن تحصل على هذا الأمر وحسب، دون بدائل، ويا للعجب فإنك حينها ستملك أحد أثمن الممتلكات المتاحة للبشر.
ولكن يجب ألا تكون رغبتك تلك مجرد أمنية أو أمل!
بل يجب أن تكون رغبة متأججة، ويجب أن تكون رغبة محددة جداً واستحواذية لدرجة أنك تكون على استعداد لدفع أي ثمن يتطلبه الحصول عليها. وقد يكون الثمن باهظاً أو زهيداً، ولكن ينبغي عليك أن تضبط عقلك على دفعه.
وفي اللحظة التي تختار فيها غايتك الكبرى المحددة في الحياة، سوف تلاحظ وقوع ظرف غريب، وهو حقيقة أن طرق تحقيق تلك الغاية ووسائلها سوف تبدأ في التكشف لك على الفور.
فالفرص التي لم تكن تتوقعها سوف تجدها في طريقك.
وسوف يصبح تعاون الآخرين متاحاً لك، وأصدقاؤك سيظهرون لك كما لو أنك استحضرتهم بحركة سحرية. وسوف تبدأ مخاوفك وشكوكك في الاختفاء، وسوف يحل محلها الاعتماد على الذات.
وقد يبدو هذا الأمر - لمن لا يتمتعون بالمبادرة - كوعد خيالي، ولكنه لن يبدو كذلك لمن تخلص من تردده واختار هدفاً محدداً في الحياة. وإني لا أتحدث بناءً على ملاحظتي للآخرين وحسب، بل من واقع خبرتي الشخصية أيضاً، فقد انتقلت من الفشل المحزن إلى النجاح المذهل، ولهذا أصبحت مخولاً لأن أؤكد لك ما يجب عليك توقعه إذا اتبعت خارطة الطريق التي تقدمها لك هذه الفلسفة.
وعندما تصل إلى تلك اللحظة الإلهامية حينما تختار لنفسك غابة كبرى محددة، فلا تشعر بالإحباط إذا دعاك أقاربك أو أصدقاؤك المقربون منك بالحالم.
وتذكر أن الحالمين لطالما كانوا هم المبشرين بالتقدم الإنساني كله.
وقد قدموا لنا نظام الاقتصاد الحر الأمريكي العظيم.
وقد وهبونا أعظم ممتلك، ألا وهو ميزة الحرية الشخصية الممتعة والحق في الحلم متى اخترنا ذلك.
وقد قدموا لنا أعظم سلاح طيران وبحرية في العالم.
ووسعوا حدود الحضارة، وصنعوا من أسلوب الحياة الأمريكي نموذجاً عظيماً يحسدنا عليه العالم أجمع.
وقد حلم "كريستوفر كولومبوس" باكتشاف عالم مجهول، وأبحر في محيط مترامي الأطراف، فاكتشف عالماً جديداً. وحلم "كوبرنيكوس" بعالم خفي وبمساعدة تليسكوب عادي، اكتشفه، وأزال الكثير من المخاوف والخرافات. وحلم "إديسون" بمصباح يعمل بالكهرباء، وانطلق يعمل على تحقيق حلمه، ورغم حقيقة أنه أجرى عشرة آلاف تجربة فاشلة، فقد قدم للعالم ذلك المصباح.
لذا، لا تدع أحداً يثنيك عن الحلم، ولكن تأكد من كونك تدعم أحلامك بأفعال قائمة على غاية محددة. وفرص نجاحك عظيمة كفرص سابقيك. ومن جوانب عدة، تعد فرص نجاحك أعظم؛ لأنك الآن توصلت إلى معرفة مبادئ تحقيق الإنجاز الفردي التي اكتسبها ملايين الناجحين في الماضي من خلال سلك طريق طويل شاق.
والحكماء هم من يشاركون أكثر نعمهم مع الأخرين بسخاء، ويشاركون ثقتهم يتحفظ، ويحرصون بشدة على عدم وضعها في غير محلها. وعندما يتحدثون عن أهدافهم وخططهم، فهم عادة ما يتحدثون من خلال الأفعال بدلاً من الكلمات. والحكماء هم من ينصتون كثيراً ويتحدثون بحذر، لأنهم يعلمون أنه بالإنصات وحده يمكن للمرء تعلم شيء قيم، بينما لا يمكن تعلم أي شيء من التحدث، ما لم يكن لمجرد إشباع رغبة التحدث الكثير! وعندما يكون الحكماء في حيرة بشأن ما إذا كان عليهم التحدث أم لا، فإنهم يعتدون بحيرتهم فيظلون صامتين.
وتبادل الأفكار، في سياق الأحاديث، يعد من أهم الوسائل التي يمكن بها لكل الناس جمع معرفة نافعة، ووضع خطط لتحقيق غاياتهم الكبرى المحددة، والعثور على طرق ووسائل لتنفيذ تلك الخطط. ومحادثات المائدة المستديرة تعد سمة بارزة بين المصنفين ضمن الفئة العليا لمحققي الإنجازات. ولكنها تختلف تماماً عن المحادثات التافهة التي يفتح فيها بعض الأشخاص عقولهم لأي شخص يرغب في الدخول