إننا نشعر بالانبهار عندما ندرك أن جميع القادة، في كل دروب الحياة وخلال كل فترات التاريخ، قد نالوا القيادة من خلال تطبيقهم قدراتهم من أجل تحقيق غاية كبرى محددة.
ونشعر بانبهار مماثل عندما نلاحظ أن أولئك المصنفين كفاشلين لم يكن لديهم مثل تلك الغاية، بل كانوا يدورون ويدورون كسفينة بلا دفة، عائدين إلى نقاط بدايتهم أصفار اليدين. وبعض أولئك "الفاشلين" بدءوا بغاية كبرى محددة، ولكنهم تخلوا عن تلك الغاية في اللحظة التي لحقت بهم فيها هزيمة مؤقتة أو قوبلوا بمعارضة عنيفة، فقد استسلموا وانهزموا، دون أن يعلموا أن هناك وجوداً لفلسفة نجاح يمكن الاعتماد عليها ومحددة كقواعد الرياضيات، ولم يدركوا قط أن الهزيمة المؤقتة ما هي إلا حقل تجارب قد يتضح أنه نعمة مقنعة إذا لم يُقْبَل على أنه نهائي.
ومن أعظم مآسي الحضارة أن ثمانية وتسعين شخصاً من بين كل مائة شخص يتمون رحلة حياتهم دون أن يجدوا شيئاً يمكن اعتباره بالكاد غاية كبرى محددة! وكان إدراك "أندرو كارنيجي" لهذه المأساة هوما ألهمه التأثير على خمسمائة من القادة الأمريكيين العظماء في مجال الصناعة كي يتعاونوا على بناء فلسفة الإنجاز الذاتي تلك.
أجرى السيد "كارنيجي" أول اختبار له على كل العاملين لديه ممن يدرس مسألة ترقيهم إلى مناصب إشرافية لتحديد مدى استعدادهم لبذل المزيد من الجهد. وكان اختباره الثاني هو تحديد ما إذا كان تفكيرهم منصباً على هدف محدد أم لا، بما في ذلك الاستعدادات الضرورية لتحقيق هذا الهدف.
قال "تشارلز إم. شواب"، وهو أحد موظفيه: "عندما طلبت من السيد "كارنيجي" أول ترقية لي، ابتسم بعمق وأجابني: "إذا كان قلبك منصباً على ما تريد ، فلا قدرة لي على منعك من الحصول عليه".
وكان السيد "شواب" يعلم ما يريد. وكانت الوظيفة التي ينشدها أكبر وظيفة لدى السيد "كارنيجي". وقد ساعده السيد "كارنيجي" على نيلها.
ومن الحقائق الغريبة المتعلقة بالأشخاص الذين يسيرون وفق هدف محدد هو تمتعهم بالاستعداد الذي به يتنحى العالم لهم ليمروا، بل إنه حتى قد يهب لمساعدتهم على تحقيق أهدافهم.