مقدمة
يعد التثقيف الطبي للمريض من أهم بنود العلاج، حيث يقوم به الطبيب في سياق الكشف وما يتبعه من خطوات، ويفيد في تهدئة روع المريض وإمداده بالمعلومات العلمية الصحية بصورة مبسطة تزيل التراكم من المعلومات غير الصحيحة وتساعد علي دقة تنفيذ العلاج، كما أن المعرفة الصحيحة من أهم بنود الوقاية. إذا استثنينا النشرات التي تصدرها الهيئات الصحية وأكثرها مترجم بأسلوب يعوق الفهم السليم _ ولا تحظي بالانتشار الواسع المطلوب، تكاد المكتبة العربية أن تخلو من كتاب يمد الشخص العادي بمعلومات علمية مبسطة عن الأمراض المنقولة جنسيا. منذ سنوات عديدة راودتني فكرة وضع كتاب بالعربية يسد جزءاً من الفراغ المعرفي للقارئ العربي عن هذا الموضوع المهم في عصر زاد فيه انتشار تلك الأمراض على مستوي العالم لأسباب سيأتي ذكرها، إضافة إلى دخول مرض جديد خطير إلى الساحة منذ ثمانينيات القرن العشرين واستمرار انتشاره رغم الجهود المبذولة من جميع المنظمات لوقف الانتشار أو الحد منه، مرض ليس له علاج شاف ولا طعم واق وتمكن النجاة منه في الوقاية. لم ينجح الاقتصار على توفير العلاجات الحديثة في منع تزايد المصابين بالأمراض المنقولة جنسيا، بينما أدى التثقيف الصحي والتوعية للفئات الأكثر عرضة للإصابة إلى انخفاض ملحوظ في أعداد الإصابات الجديدة بينهم وقديما قالوا "اعرف عدوك تأمن شره ".
تمتلئ الصفحات وساعات الإرسال في وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة بالموضوعات الطبية، يناقش معظمها مشاكل بسيطة مكررة مثل أمراض الصيف وأسباب سقوط الشعر وطرق الحفاظ على الوزن (الرجيم الأمثل) بينما تبقى الأمراض المنقولة جنسيا من "المسكوت عنه " إن لم تكن من الممنوع مناقشتها، وفي ظل الجهل بها تنتشر بين الجمهور الخرافات والمعلومات التي تفتقر إلى الدقة، بل المحرفة في كثير من الأحيان مما يوفر مناخا ثقافيا خصبا يكرس الانتشار ويعوق برامج الوقاية.
يعرض هذا الكتاب المعلومات التي ينبغي أن يعرفها كل شاب وشابة من الناطقين والقارئين بالعربية كي يضاهي نظيره في المجتمعات المتقدمة، ويشمل التعريف بمصطلح الأمراض الجنسية ومسبباتها وتاريخها والسلوكيات التي تدعم انتشارها وطرق الوقاية، كذا نبذة مختصرة عن الأمراض المختلفة: المسبب والأعراض والمضاعفات والعلاج والوقاية بأسلوب علمي مبسط وهوامش تشرح بعض المصطلحات الطبية التي ترد في المتن توخيا لصحة الفهم من الجانب القارئ.
لا يفوتني التقدم بخالص الشكر للناشر " دار الشروق " على جرأته قبول نشر الكتاب. وأشكر كل من راجع المتن وأبدى رأيه وأخص بالذكر الأديبة منى الدروبي (أم خالد) على المراجعة اللغوية كذا الدكتور عادل بطرس الاستشاري بمستشفيي الحوض المرصود الذي زودني بكثير من الصور للحالات من مجموعته الخاصة الثرية. وأود أن أسجل امتناني لزوجتي الدكتورة زينب شوشة على توفير الجو المناسب للكتابة وقد عاصرت هي أيضا الحصار الإعلامي على الموضوعات التي تشير للعلاقات الجنسية ولو من بعيد عندما كانت مسئولة عن الإعلام بوزارة الصحة والسكان.
والله من وراء القصد وهو الموفق.