مريض الإكتئاب ... كيف يأكل ويعمل وينام؟
الانسان في حالة الاكتتاب تتغير كل أمور حياته، والحياة في ظل الاكتئاب تعتبر عبء ثقيلا في كل جوانبها ونجاحه في أوجه النشاط المعتادة التي يقوم بها الناس في أحوالهم الطبيعية ومن امثلتها : العمل، وتناول الطعام، الخلود الى الراحة ( النوم )، ويلقي الاكتئاب بظلاله على كل هذه الأمور تحدث صعوبة بالغة بالقيام بای عمل، وتكون هناك فقدان الشهية لتناول الطعام، ويحدث اضطراب في النوم، وهنا في هذا الفصل تقدم بعض التفاصيل من التغييرات التي تحدث في غط النوم، والطعام، والقيام بالأعمال.
هل يستطيع مريض الاكتئاب القيام بعمله ؟
يعتبر العمل سواء كان يدويا او ذهنيا وسيلة لكسب الرزق لكن وظيفته بالنسبة للإنسان أكبر من ذلك، فالعمل له عائد هام على الفرد من حيث انه يؤكد ثقته في نفسه واحترامه لذاته كما أنه يساعد في الاحتفاظ بالتوازن النفسي والصحة النفسية من الناحية الاجتماعية فإن العمل يحدد نظرة الآخرين للفرد ومدی احترامهم لهم ولدوره في المجتمع، ومن هنا تأتي أهمية العمل بالنسبة للصحة النفسية، وفي حالة الاكتتاب فإن فقدان الاهتمام بكل شئ والعزلة التي يفرضها المريض على نفسه والهبوط الشديد في همته ونشاطه تؤدي كلها في النهاية الى تأثر قيام المريض بالعمل الذي تعود القيام به قبل المرض او قدرته على القيام بالمسئوليات المطلوبة منه.
وتتأثر حياة الانسان سلبيا حين تقل قدرته على العمل والانتاج نتيجة للإصابة بالاكتئاب، فالموظف الذي اعتاد الذهاب الى عمله مبكرا وبصورة منتظمة يبدأ في الغياب عن هذا العمل ويرفض القيام بمسئولياته التي يرى انها عبء ثقيلا لا يمكنه القيام به وصاحب العمل او رجل الأعمال أو التاجر الذي يدير مشروعا خاصا نجده يفقد الاهتمام بعمله ويذكر هؤلاء أنه لا رغبة لديهم في الاستمرار في اعمالهم الخاصة والعبارة التي نسمعها منهم باستمرار وهم في حالة الاكتتاب : " لم يعد لدي اي دافع للاستمرار في عملى الخاص او دارة تجارتی" ، ويقول بعضهم : "لم اعد استمتع بتحقيق اي نجاح في عملي الخاص ولا يسعلی ای اکسب ای اموال من هذا العمل كما كان يحدث من قبل "، وقد يتوقف بعض هؤلاء عن العمل تماما او تحدث خسارة كبيرة في مشروعاتهم نتيجة للاضطراب الذي يسببه لهم الاكتئاب، وتقول ربات البيوت اهن غير قادرات على القيام باعمالهن المنزلية وتفقد الام الاهتمام بأطفالها وتجد صعوبة كبيرة في القيام بطلباتهم وكل هذه علامات على الفتور والهبوط الذي ينشأ عن حالة الاكتئاب .
ومن الأسباب التي تؤدي إلى اضطراب حياة مريض الاكتئاب وتؤثر على قيامه بعمله أو حتى الاهتمام بأي هواية كان يمارسها من قبل مثل القراءة، أو الرياضية، أو المشاهدة شعور التعب والإجهاد الذي يصاحب مرض الاكتئاب حيث يغلب على الشخص طابع الكسل ويصعب عليه القيام بأي مجهود وكأنه مصاب بمرض عضوى يمنعه من الحركة والنشاط، وهذه الحالة سبها الرئيسي هو الاكتئاب حيث ان الصحة العامة للشخص تكون في حالتها الطبيعية رغم شعوره بهذا الإحساس المرضي.
ومن أعراض الاكتئاب ضعف الإرادة، وانعدام الثقة بالنفس، والتردد في اتخاذ القرار أو التصرف السليم، وكل هذه الأعراض تؤثر سلبيا على قيام الشخص باعماله سواء كانت يدوية او ذهنية، ويلاحظ أن مرضى الاكتئاب تقل طموحاتهم فيما يتعلق بالانجاز في أعمالهم، ويؤدي ذلك إلى عدم وجود الدافع لديهم للعسل أو الإنتاج، ولعل ذلك من الأسباب التي جعلت علماء النفس يؤكدون أن الاكتتاب م ن اكثر الأمراض تكلفة من الناحية المادية حيث يؤثر على الحالة الاقتصادية للمريض ولاسرته وللمجتمع بصفة عامة.
تناول الطعام في حالة الاكتئاب
يعتبر الأكل أو تناول الطعام أحد الأنشطة المعتادة التي يقوم بها الانسان وسائر المخلوقات بصورة تلقائية لكنه يرتبط أيضا بقدر من الاشباع والاستمتاع، وفي حالة الاكتتاب فإن فقدان الاهتمام والاستمتاع بكل انشطة الحية ينطبق ايضا على مسألة الاكل او تناول الطعام، ومن العلامات والأعراض المميزة لمرضى الاكتئاب بصفة عامة فقدان الشهية للطعام، ولا تعني الشهية للطعام الكمية التي نتناولها من الماكولات المختلفة، ولكنها تعني شعور الاستمتاع والاشباع الذي يصاحب تذوق الطعام، وهي مسألة نفسية تماما في حالة الاكتتاب حيث لا يستطيع المريض الاستمتاع باشهى انواع الطعام التي كان يقبل عليها، ويفضلها قبل اصابته بالمرض، ويقول مرضى الاكتتاب انهم يفقون الاحساس بتذوق الطعام، ويرفض بعضهم تناول الطعام نهائيا، واذا تناوله فإنه لا يفعل ذلك الا رغما عنه دون شعور بای طعم او مذاق لانواع المأكولات المختلفة .
ويعتبر رفض الطعام من الأعراض التي نصادفها بكثرة في مرضی الاكتئاب، ويؤدي ذلك إلى فقد كيلو جرامات من وزن المريض في فترة قصيرة ويلاحظ المريض ومن حوله من افراد اسرته أن شكله العام بدا يتغير نتيجة لنقص الوزن حيث لا يتناول الطعام الا كمية قليلة لا تكفي حتى طفل صغير، ويلاحظ المريض نفسه أن وزنه قد بدا يتناقص بصورة ملحوظة، ويقول بعض المرضى ان ملابسهم المعتادة اصبحت متسعة بعد أن كانت ملائمة لهم تماما ، وفي الطب النفسي يعتبر وزن الجسم من المؤشرات التي تدل على الحالة النفسية في مرض ی الاكتئاب فالنقصان المستمر في الوزن يدل على استمرار فقدان الشهية، وشدة حالة الاكتئاب، بينما تعتبر اضافة الكيلو جرامات إلى الوزن بصورة تدريجية من علامات التحسن والشفاء اثناء العلاج .
والتفسير النفسي للامتناع عن الطعام ورفضه في مرض الاكتئاب قد يكون رغبة المريض في ايذاء نفسه أو جزء الميول الانتحارية التي تصاحب مرض الاكتئاب حيث ان الامتناع عن الطعام نهائيا قد يؤدي في النهاية إلى قتل النفس وهو رغبة لاشعورية لدى المريض في حالة الاكتئاب الحاده، وهناك بعض من حالات الاكتئاب نسبتها اقل يكون لديهم ميل للافراط في تناول الطعام اثناء نوبات الاكتئاب، ولكن ذلك لا يعني انهم يأكلون نتيجة الشهية الجيدة أو الاستمتاع بتناول الماكولات فبعضهم يتناول الطعام بصورة تلقائية نتيجة لافتقاد الأمن ولعدم وجود ای نشاط آخر يستحوذ على اهتمامهم وهؤلاء يزيد ورنهم بصورة كبيرة اثناء نوبات الاكتئاب ويصابون بالسمنة المفرطة ويؤدي ذلك في النساء بصفة خاصة الى زيادة مشاعر الاكتئاب نتيجة للتغيير الذي يصيب شكل ووزن الجسم.
كيف ينام مريض الاكتئاب ؟
النوم في الانسان هو نظام فطري يتعود عليه نتيجة لما يسمى الساعة البيولوجية ( الحيوية ) الموجودة في الجهاز العصبي بكل منا، وهذا النظام بحد شعور الواحد منا ورغبته في النوم، والوقت الذي يمضيه في حالة السكون اثناء النوم، ثم الموعد الذي يتم فيه الاستيقاظ واستقبال النهار حين يقوم الانسان في حالة اليقظة بأنشطة الحياة المعتادة، وللنوم أهمية بالغة بالنسبة للإنسان حيث يؤثر على وظائف الجسد والوظائف النفسية والعقلية ايضا، ومن المعتاد أن يقضي الانسان ثلث وقته تقريبا في النوم، ومن المعتاد أيضا أن النوم هو وقت للراحة والسكون لا يقطعه الأ حدوث بعض الأحلام التي تعتبر من الأنشطة العقلية المعتادة اثناء النوم، ويفترض أن يستيقظ الواحد منا بعد فترة النوم المتصلة الرئيسية اثناء الليل في حالة نشاط بعد أن حصل على القسط المطلوب من الراحة .
وفي حالة الاكتتاب فإن النوم لايكون على النمط المعناد الذي ذكرناه قبل ذلك فيتحول النوم المصدر للراحة إلى فترة معاناة من الأرق والقلق والاحلام المزعجة والكوابيس وتكاد تكون الشكوى من اضطراب النوم عامة من كل مرضي الاكتئاب ويذكر هؤلاء المرضى عدم قدرتهم على النوم كاحد الأعراض الاساسية اللاصابة بالاكتتاب، تبدأ متاعب المريض حين يدخل إلى فراشه لينام وبدلا من أن ياتي النعاس بفترة قصيرة لا تزيد على بضع ساعات في بداية الليل يستيقظ من نومه في ساعات الصباح الأولى قبل الفجر ولا يستطيع النوم مرة اخرى و علی الرغم من أن هذا " السيناريو " التقليدي الذي ينطبق على الغالبية العظمى من مرضى الاكتئاب ونعني به النوم لساعات قليلة في اول الليل ثم الاستيقاظ في ساعات الفجر الأولى فإن هذا لا ينطبق على كل الحالات حيث يشكو عدد كبير من مرضى الاكتئاب من الأرق منذ بداية الليل ويصف عدد من مرضی الاكتتاب النوم بإنه متقطع وليس مستمرا اثناء الليل كما يحدث في الأحوال المعتاده ويصحو المريض في الصباح في أسوء حال حيث تزدحم في راسه الكثير من الهموم والأفكار ويكون في اشد حالات الاكتئاب حين يستيقظ من نومه مبكرا بينا ينام الاخرون من حوله فيشعر بالمعاناه التي يسببها له الاكتئاب .
أرق وكوابيس وأحلام مزعجة فى ليل مريض الإكتئاب
وفي بعض الحالات الاستثنائية فإن نسبة من مرضى الاكتئاب يشكون من اضطراب النوم بصورة عكسية فتكون الشكوى هي كثرة النوم وليس الأرق ويستمر المريض مستغرقا في النوم لمده طويلة تصل إلى أكثر من ثلثي ساعات اليوم (16 ساعة يوميا ) وتفسير ذلك هو هروب المريض ومعاناته، ومن اعراض الاكتئاب الى النوم لانه يرى أن ذلك يخفف من مشاعره الاليمه ومعاناته اثناء اليقظة ولا يشعر المريض حتى في هذه الحالة بالراحة التي يتوقع أن نحصل عليها بعد النوم الطويل في الأحوال المعتاده .
ويعتبر الاضطراب الذي يصيب الإنسان في حالة الاكتئاب وتؤثر في اوجه حياته المختلفة هو السبب وراء اضطراب قيامه بعمله وقلة انتاجيته وعدم استمتاعه بای نشاط او حتى استمتاعه بتناول الطعام واضطراب النوم على النحو الذي ذكرناه هنا بشئ من التفسير .