من أهم مظاهر وعلامات الاكتئاب النفسي حالة الحزن والأسى والمشاعر الوجدانية البغيضة التي تسيطر على الانسان عند اصابته بالاكتئاب وتحت وطأة هذه الحالة يعاني الشخص من شعور قوي بالانحطاط النفسي والبدني وعدم القدرة على الاستمتاع بالحياة وتكون القاعدة العامة في هذه الحالة كما ينكر علماء النفس هي فرط الهبوط في الهمة والتباطؤ في كل شئ Everything is low and slow وهذه القاعدة تطبق تقريبا على كل مرضى الاكتتاب.
المظاهر والعلامات العامة للاكتئاب :
يميل الشخص الذي يعاني من حالة الاكتئاب النفسي الى العزلة وقلة النشاط وعدم الاقبال على الحياة بصفة عامة ويلاحظ على مرضى الاكتتاب انهم يميلون إلى الياس وعدم الاقبال على القيام بأي عمل وبطئ الحركة ويشمل ذلك هبوط وظائف الجسم الحيوية ايضأ يتكلم المريض بصوت منخفض ونبرة حزينة ولا يتحدث بصورة تلقائية ويرد بصعوبة على الاخرين إذا طلب منه ذلك ويخلو التعبير المصاحب للكلام من الإيماءات والاشارات التي تصاحب عادة الحديث مع الأخرين .
والمظهر العام للشخص في حالة الاكتئاب يتميز بفقدان الحيوية ويبدو في تعبيرات الوجه الحزن واليأس ويبدو ذلك على الجبهة في صورة المظهر المقطب وتكون نظرات العين الى اسفل وتسيل الجفون وإذا نظرنا إلى الفم نجد أن جوانبه تتلل الى اسفل ويذكرني ذلك بما كنا نتعلمه من مبادئ الرسم في المدرسة الابتدائية حيث كنا نرسم وجه الإنسان وتصور الفم کالهلال فإذا أشارت فتحة الهلال الي اعلى كان ذلك يعني الابتسام والسرور وإذا كانت فتحه الهلال الى اسفل وطرفاه يتدليان فإن هذا دليل على الحزن وينطبق ذلك على مظهر مرضى الاكتئاب ومن ملاحظاتنا في العيادة النفسية أن استجابة مرضى الاكتئاب للمواقف المرحة ( حينما يسمع نكته مثلا ) تكون بطيئة للغاية ويصعب عليه أن يرسم على وجهه ابتسامة في هذه المواقف .
الاكتئاب والاستمتاع بالحياة :
وفي حالة الاكتئاب لا يستطيع الشخص ان يستمتع بأي من مباهج الحياة المعتادة ولا يمكن أن يشعر بالسرور عند قيامه بالانشطة المعتادة التي كان يستمتع بها قبل ذلك، فالشخص العادي في حياته اليومية يمكن أن يشعر بالرضا والاستمتاع والسرور عند تناول وجبة شهية أو عند القيام برحلة أو مشاهدة فيلم ضاحك أو عند الممارسة الجنسية لكن مرضى الاكتتاب لا يمكنهم الاستمتاع بای شئ من ذلك ويذكر بعضهم أنه لا يشعر بای حماس لقراءة الصحف اليومية التي كان يعتاد الاستمتاع بقراءتها كل صباح .
ومن مظاهر علم الاستمتاع بالحياة ايضا ان الشخص في حالة الاكتئاب لا يبقى لديه الاقبال والاعتزاز بالأشياء التي كان متعلقا بها فيما مضى فلم يعد يحرص على الاجازة ويرتب لها ولا يستمتع بمداعبة ابنائه او الجلوس معهم ولا يقبل على الجلوس مع اصدقائه المقربين، ويجسد بعض مرضى الاكتتاب هذه المعاناة في قولهم انهم فقدوا الاهتمام بكل شئ في الحياة ويقول بعضهم لم أعد استطيع ان استمتع بای شئ ولم يعد في مقدوري أن أضحك من قلبي نهائيا .
في حالات الاكتئاب الحادة يصل المريض الى وضع لا يمكن له الشعور بای شئ من حوله حتى التعبير عن شعور الحزن والاكتئاب لا يكون واضحا حيث نجف الدموع وتتجمد الملامح والأحاسيس حين تصل مشاعر الاكتئاب الداخلي الى قمتها، أن المريض لا يستطيع التعبير عما يشعر به من الاكتئاب وتبدو له الحياة كلها كظلام حالك وتصل حالة الجمود التي يسببها له الاكتئاب الى حد ان يبدو كالتمثال الذي لا يتحرك ولا يستجيب لأي شئ من حوله ولا يعني ذلك أن المريض قد فقد الاحساس بكل شئ لكن مشاعر الحزن الهائلة والكتابة التي في داخله تعطل امكانية التعبير وتصل به الى هذا الوضع .
الاكتئاب واسوار العزلة :
يفضل مرضى الاكتئاب دائما البقاء بعيدا عن الاخرين من حولهم ومن الملاحظات التي عادة ما يذكرها مريض الاكتتاب وإفراد اسرته انه يميل الى الجلوس بمكان بمفرده ويمتنع عن المشاركة مع أفراد أسرته وأصدقائه المقربين في الحديث ولا يفضل ترك المنزل والذهاب لأي مكان واذا اضطر الى ذلك فإنه يتعجل الوقت ليعود الى عزلته مرة اخرى وحين يضغط عليه المحيطين به ليتحدث معهم أو يشترك معهم في المشاهدة او يبدي رأيه في اي موضوع فإنه عادة لا يرحب بذلك وتكون اجابته على أي سؤال يوجه اليه او اذا طلب احد منه الحديث مختصرا حتى يغلق باب المناقشة ومرضى الاكتتاب الذين اعتادوا على ممارس ة الأنشطة والهوايات المختلفة وقراءة الصحف والكتب يتوقفون عن ذلك تماما وكانهم يريدون الابتعاد عن اي شئ يربطهم بالحياة من حولهم ويفضلون البقاء في عزلة كاملة.
ومع اسوار العزلة التي يفرضها المريض حوله فإنه يعاني من قائمة طويلة من الأعراض والمظاهر التي يسببها له الاكتئاب، في مقدمتها شعور الكسل والفتور، وتراجع الاراده، وفقدان الاهتمام والقدرة على التركيز، وبطء الحركة وقلة الانتاجية او انعدامها تماما، ويعكس ذلك على الطريقة التي يمضي بها مريض الاكتئاب يومه منذ الصباح وحتى نهاية اليوم