هناك كم هائل من الأعباء والمسئوليات والمشكلات التي يتعرض لها الإنسان في عالم اليوم بنسبة متفاوتة في كل المجتمعات سواء المتقدمة او النامية
او البدائية، وهذه تمثل ضغوط الحياة التي يعاني منها كل أفراد المجتمع صغارا وكبراء وأهمية ضغوط الحياة أنها قد تكون العامل الذي يتسبب في الاضطرابات النفسية ومنها الاكتئاب، وإذا كان لدى كل شخص منا همومه الخاصة التي تمثل ضغوط و مشكلات عليه ان يواجهها فهناك ايضا اسباب عامة تتعرض لها الناس بصورة جماعية قد تسهم في اختلال التوازن النفسي لهم وتتسبب في حالات الاكتتاب .
ضغوط الحياة في عالم اليوم :
كان من المتوقع أن يؤدي التقدم العلمي والمدنية الحديثة والاختراعات التي توصل لها العلم في كل مجال الى مميزات كبيرة يتمتع بها الإنسان في هذا العصر مقارنة بالأجيال السابقة لكن العكم هو ما حدث حيث أن الحضارة الحديثة حملت معها الكثير من الأعباء والمسئوليات واصبح على الانسان اليوم ان يواجه الكثير من الأعباء عليه أن يتكيف معها مثل الواجبات المنزلية ومسئوليات العمل داخل المنزل والعلاقات الانسانية المعقدة مع جهات كثيرة رسمية وغير رسمية والقوانين المختلفة هي التي يجب على الانسان ان يخضع لها في حياته واذا قارنا ما كان يحدث في عصور سابقة نجد أن الحياة كانت تسير بإيقاع لا يتطلب جهدا كبيرا من الانسان وكانت ضغوط الحياة في الحدود البسيطة المعقولة التي تنحصر في دائرة الحصول على الاحتياجات الإنسانية البسيطة مثل الطعام والملبس ولم تكن الاحتياجات الإنسانية بهذا الكم الكبير غير المحدود الذي يتطلب جهدا هائلا من كل شخص ولا يصل إلى حد الاشباع لهذه الاحتياجات غير المحدودة .
ومن وجهة النظر النفسية فإن الفجوة الهائلة بين القدرات التي يتمتع بها الانسان وبين ما هو مطلوب منه حتى يستطيع أن يجاري الأحتياجات غير المحدودة في هذا العصر قد تكون السبب في اختلال الاتزان النفسي للإنسان حين يجد نفسه عاجزا عن التكيف ومطالبا ببذل المزيد من الجهد للوصول إلى أهداف متعددة ويصعب عليه في ظل قدراته المحدودة أن يحقق كل ما يريد ومن هنا يظل في حالة من الأحباط المستمر تؤدي في النهاية إلى الاكتئاب .
مواقف ومشكلات الحياة :
هل حاولت عزيزي القاري أن تحدد كل الضغوط التي تعرضت لها خلال فترة زمنية محددة ؟ إننا نعني بذلك أن يحاول ای منا أن يحدد كل ما صادفه من مواقف ومشكلات واعباء وما قام به من اعمال لمواجهة مسئوليات حياته الشخصية والأسرية والاجتماعية سواء في المنزل أو في تعامله مع الأقارب والجيران او فی علاقات العمل إن ای واحدة منا إذا حاول ذلك فإنه قد يتمكن من تقييم هذه الضغوط والمواقف والأحداث بصورة كمية يمكن من خلالها حساب تأثيرها عليه .
ونظرا لايقاع الحياة السريع فإننا غالبا ما نقوم بذلك لأن وقت كل منا لا يسمح له بالتوقف ليتأمل الحياة من حوله او ليقيم الخصائر والمكاسب في حياته وهنا نقدم المحاولة التي قام بها عالم النفس " هولمز " الذي قام بسرد قائمة تضم كل مواقف واحداث الحياة المختلفة التي يمكن أن يتعرض لها الشخص وتؤثر عليه من الناحية النفسية تضم هذه القائمة 43 من مواقف واحداث الحياة المختلفة مرتبة حسب اهميتها من وجهة النظر النفسية وقد وضع لكل من هذه المواقف درجة حسب شدتها من وجهة نظر عالم النفس " هولمز " الذي وضع هذه القائمة وهذه الدرجة المنسوبة للنهاية العظمی وهی ۱۰۰ لكل من هذه الأحداث على حدة، وفيما يلي عرض لهذه القائمة :
مواقف ومشكلات الحياة التقدير بالنقط
- وفاة شريك الحياة ( الزوج أو الزوجة ). 100
- الطلاق. 73
- انفصال الزوجين. 65
- السجن أو الاعتقال. 63
- وفاة احد افراد الاسرة. 63
- الإصابة بمرض شديد او في حادث. 53
- الزواج. 50
- الفصل من العمل. 47
- سوء التوافق في الزواج. 45
- التقاعد أو الإحالة للمعاش. 45
- اضطراب صحی او سلوکی لأحد أفراد الأسرة. 44
- الحمل. 40
- مشکلات جنسية. 39
- إضافة عضو جديد للأسرة ( مولود او بالتبني . 39
- تغييرهام في مجال التجارة ( الافلاس او تأسيس مشروع). 39
- تغيير هام في الحالة المالية (خسارة أو مكسب ). 38
- وفاة صديق عزيز. 37
- تغيير في طبيعة العمل. 36
- زيادة أو نقص عدد المجالات اليومية بين الزوجين في الأمور المشتركة. 35
- الحصول على قرض مالي كبير ( لتأسيس منزل مثلا). 31
- عدم سداد دين او رهن. 30
- تغيير في المرتبة بالعمل ( كالترقية أو نزول الرتبة ). 29
- رحيل أحد الأبناء من المنزل ( للزواج او للدراسة ). 29
- متاعب " الحموات ". 29
- إنجاز شخصی رائع. 28
- الزوجة عند بداية او توقف عملها خارج المنزل. 26
- الدراسة : عند البداية او التوقف عنها. 26
- تغيير ظروف الحياة المحيطة ( الاسكان والجيران ). 25
- تعديل بعض العادات الشخصية (كالملبس او طريقة الحياة). 24
- متاعب مع الرؤساء بالعمل. 23
- تغيير رئيسي في عدد ساعات العمل وظروفه. 20
- تغيير محل الإقامة. 20
- الإنتقال الى مدرسة جديدة. 20
- تغيير ملموس في كمية ونوع الترفية المعتاد. 19
- تغيير في النشاط الديني. 19
- تغيير في الأنشطة الاجتماعية. 18
- الحصول على قرض صغير ( لشراء تليفون مثلا). 17
- تغيير اساسي في عادات النوم (زيادة أو نقص او موعد النوم). 16
- تغيير هام في المواعيد التي يجتمع فيها افراد الأسرة معا. 15
- تغيير ملموس في عادات الطعام (كمية ومكان تناول الطعام). 15
- الإجازة. 13
- الأعياد. 12
- الإنتهاكات البسيطة للقوانين ( مثل قواعد المرور مثلا). 11
وكما نلاحظ من خلال هذه القائمة فإن ای واحد منا يمكن أن يتأمل هذه المواقف وعددها 43 ويطبق هذا المقياس على نفسه، كل ما علينا هو أن نحدد ما تعرضنا له خلال السنة الأخيرة من هذه المواقف ثم نقوم بجمع النقاط المقابلة لها، فإذا تجمع لأي واحد منا مجموع 300 نقطة في عام واحد فمعنى ذلك أنه قد وصل إلى حالة لابد أن يعاني من اضطراب نفسي في صورة القلق أو الاكتئاب خصوصا إذا كانت هذه المواقف في مجال الزواج أو العمل أو الأبناء وتصل احتمالات الإصابة بالقلق والاكتئاب في هذه الحالة نسبة 80 % أما إذا كان مجموع النقاط خلال عام بین 150 و 300 نقطة فإن احتمالات حدوث الاضطراب النفسي تكون في حدود 50 % تقريبا .
وإذا تأملنا في المواقف والاحداث التي تضمها هذه القائمة نجد أنها تمثل معظم الضغوط التي قد يتعرض لها اي واحد منا في حياته لكننا نلاحظ انها تضم وقائع سلبية واخرى ايجابية ومن امثلة المواقف السلبية مشكلات الزواج والعمل والمشكلات المنزلية وكلها تسبب الاكتتاب لما ينشأ عنها من احباط وتوتر يهدد الاتزان النفسي، أما المواقف الايجابية مثل الترقية في العمل والاجازات فرغم انها مناسبات طبية الا انها ثم تصنيفها في القائمة على أنها ضمن ضغوط الحياة نظرا لأنها قد تتضمن اثارة الخوف من زيادة المسئوليات والاعباء.