الضيوف ملوك
تعلمت بعضاً من أعمق الدروس في الحياة من سائقي التاكسي. فهل ترغب في قضاء بعض الوقت مع شخص حکیم؟ عليك إذن أن تستقل سيارة أجرة، ثم تضع جهاز الكمبيوتر الخاص بك جانباً وكذلك هاتفك المحمول، وتحاول التعرف على هذا الإنسان الجالس أمامك. فهو يتحدث مع مئات من الناس كل يوم. وستجده في أغلب الأحيان أكثر حكمة وتعقلاً مما قد تتخيله. وقد تذكرت هذه الحقيقة مساء أمس.
كنت في مومباي أثناء كتابة هذا الفصل. وكنت، هنا لإلقاء ندوة عن القيادة تستغرق النهار بطوله، ثم لإلقاء عرض تقديمي أخر لشركة يانج بریزیدنتس أورجنیزیشان في المساء. وأنا أحب هذا المكان. أحب طعامه. أحب ما تشع منه من طاقة. وأحب تأسه. كان السائق يدعی رامش شارما. ولما رأى اسمي على تذكرة حجز التاكسي، بادرني قائلاً: "روبين شارما... من أين والدك؟ ". ثم بدأت بيننا محادثة طويلة، فالمرور في مومباي مزدحم جداً، ولذلك كان أمامنا متسع من الوقت)، تعارفنا خلالها حقاً. كان يضحك كطفل، فالهنود هم من أسعد الناس الذين قابلتهم في العالم. حدثني عن عائلته، وعن شغفه بالقراءة، وعن فلسفته. ثم قال شيئا لن أنساه أبدا.
أشار قائلاً بكل فخر: "في شمال الهند، حيث مسقط رأسي، يعتبر الضيف ملكاً. فعندما يأتي أحد لبيتك، تعامله بأسمى احترام وحب، وتحرص على إكرامه في الطعام، حتى لو كان ذلك يعني حرمان نفسك منه. تلك هي ثقافتنا. وهي تجلب لنا السرور والبهجة". شيء رائع.
ففي حياتك، وداخل شركتك، هل تعامل ضيوفك كما لو كانوا "ملوكاً"؟ هل تعد هذه الفكرة جزء من ثقافتك الشخصية، ومن ثقافة شركتك؟ اسمح لي أن أسألك أيضاً: كيف يمكن أن تبدو حياتك الشخصية إذا عاملت كل من يأتي لزيارتك كما لو كان "ملكاً" (سواء كان هذا الشخص أحد أفراد أسرتك، أو شخصاً غريباً عنك؟ كيف يمكن أن تبدو حياتك المهنية إذا عاملت عملاءك بتوقير وإعجاب؟ سوف تصبح شخصاً من الطراز الأول. وستصبح أكثر نجاحاً. وأكثر سعادة. وستصل إلى العظمة.
في حياتك، وداخل شركتك، هل تعامل
ضيوفك كما لو كانوا "ملوكا"؟
غادر العمل مبكراً 30 دقيقة اليوم. استقل سيارة أجرة، واطلب من السائق أن يأخذك في جولة. لا تحمل معك جريدة أو هاتف. فقط احمل عقلاً متفتحاً (وقلماً). وحاول أن تتعرف على الإنسان المتواجد معك في السيارة. وربما سيعجبك ما تسمعه منه.