ان الاصابة بالاكتئاب بالنسبة لأي انسان هي مسألة لها جذور و عوامل قد تكون بدايتها منذ بداية عهده بالحياة وعادة ما يكون هناك تراكم لعدد من الأسباب والعوامل تجمعت معا لتؤدي في النهاية للإصابة بالاكتئاب وقد تكون هذه العوامل في الشخص نفسه او تكون نتيجة لتأثره بالبيئة المحيطة به وتعنى بها الأسرة والمجتمع وهنا نحاول الإجابة على السؤال : ما هي الأسباب وراء الإصابة بالاكتئاب ؟
أسباب متعددة للاكتئاب
ويخطئ كثيرا من يتصور أن العلم الحديث رغم ما احرزه من تطور هائل قد وضع يده على كل الحقائق التي تتعلق بحالة الصحة والمرض النفسي او انه قد توصل الى معرفة دقيقة لمسببات الاضطرابات النفسية عامة والاكتئاب النفسي بصفة خاصة، وذلك على الرغم من استمرار محاولات البحث الجاد في هدا المجال، ودراسة كل ما يمت اليه بصله، غير أن المحصلة ف ي النهاية لم تعد مجموعة من النظريات والافتراضات يتحدث البعض فيها عن اسباب نفسية للاكتتاب بينما يعزو البعض الآخر هذه الظاهرة الى عوامل وراثية وبيئية واجتماعية، ويتجه المستحدث من هذه النظريات الى التركيز على العوامل البيولوجية والكيميائية، ورغم أن كل هذه الافتراضات لها حيثياتها، ويعزز معظمها الدراسة والتجريب الا انه ليس من اليسير التأكيد على مصداقية او خطا اي منها.
ونحن بذلك لم نصل فيما اتصور - إلى نقطة ينتفى الاختلاف واللى قواعد عامة متفق عليها يمكن أن تتطبق في كل الحالات او على الأقل في معظمها، ولعلی بذلك قد مهدت الى نقطة هامة لؤيد تأكيدها، تلك أن كل حالة لفرد واحد من حالات الاكتئاب النفسي في موضوع مستقل بذاته، ووضع لا ينطبق عليهما يصدق على الآخرين، وبعبارة أخرى فإن كل حالة ينبغي أن ننظر اليها على انها انسان يتألم لاسبابه الخاصة، وبطريقته وأسلوبه المتميز، لأن البشر لا يتشابهون فيما بينهم حتى في حالة الصحة النفسية، فكيف يكون الحال في حالة المرص النفسي ؟
وإذا كانت النظريات قد تعددت، والآراء قد اختلفت حول السبب المباشر الحالة الاكتئاب التي تنتشر في عالم اليوم فإن هناك حقيقة تظل شبه مؤكدة وهي تداخل الأسباب وتعددها واكثر من ذلك تفاعلها مع بعضها البعض حيث يكون من العسير تحديد سبب محدد لكل حالة أوالفصل بين اسباب متعددة .
الاكتئاب والشخصية
والبداية الصحيحة لمحاولة فهم الأسباب والعوامل التي تؤدي الى الاكتتاب النفسي ينبغي أن تبدأ من دراسة شخصية الإنسان، ومحاولة فهمها من حيث تكوينها وخصائصها في حالة الصحة النفسية وقبل بداية رحلتها مع الاضطراب النفسي
، واذا تبعنا الطريق من بدايته نجد أن شخصية الإنسان هي محصلة لمؤثرات خارجية متعددة وصلت اليه بالمعرفة والإدراك لما يحيط به، إضافة الى غرائز وانفعالات قطرية تكمن في داخله، ومن التفاعل بين ذلك كله ينشأ السلوك الإنساني وهو الجزء الذي يراه الآخرون، ويعرف به ذلك الفرد بين الناس، ولعلي أذكر هنا بأن المقابل ف ی الانجليزية لكلمة الشخصية قد اشتق من اصل قيم يعني القناع وهذا يعي أن ما يظهر من الانسان لمن حوله ليس سوى قناع تختفي خلفه اشياء شتی .
وشخصية الانسان العادي - بحكم تكوينها الفطرى - تدرك وتتحسس المشاعر المختلفة ومنها شعور اللذة(اى السعادة)، والألم (او الكآبة)، وهما يقفان علی طرفي نقيض مثل المحور الذي تنتقل بين طرفيه مشاعر كل منا في حياته النفسية الطبيعية، ولكن بعض الناس يغلب عليهم طابع التقلب بين هذه المشاعر من ح زن وفرح بصورة مبالغ فيها، وقد لوحظ في مرضى الاكتتاب عند التقصي عن حالتهم قبل المرض أن شخصيتهم كانت تتصف بأنها من النوع الاجتماعي الذي يغلب علیه تقلب المزاج من المرح والتفاؤل والنشاط وحب الحياة، الى المزاج العكسي من الكسل والتشاؤم والحزن ،كما يقال أن هؤلاء يتميزون بطيبة القلب وخفة الظل، غير انهم مع ذلك لا يتحملون التعرض للمشكلات، وينظر الواحد منهم الى ذاته نظرة دونية، ولا يتوقع خبرا بل يتوقع الهزيمة دائما .