الاكتئاب النفسي مرض قديم قدم الانسانية، ولقد سجل لنا التاريخ وصفا لمرض الاكتئاب لي اوراق البردي التي تركها قدماء المصريين قبل الميلاد بحوالي 1000 عام، وهذا اول تاريخ مكتوب يتم رصده فيما ترك ليصل الينا من أوراق البردي التي تم العثور عليها وترجمة محتواها، ومما ورد في هذا التاريخ أن هذا المرض كان موجودة بصوره تشبه تماما ما نراه الآن، وان هذه الحالات كان يتم تشخيصها وعلاجها ايضا ببعض الطرق في مصر القديمة، كما وردت بعض الدلائل على وجود الاكتتاب في الحضارات الأخرى .
نبذة تاريخية عن الإكتئاب
لعل من اول ما سجلة التاريخ المكتوب أن " امحتب " الذي لقب فيما بعد " ابو الطب " قد اسس في مدينة " منف " القديمة في مصر معبدا تحول إلى مدرسة للطب، وبصحة لعلاج الأمراض البدنية والنفسية، وقد ورد في مراجع التاريخ ايضا أن الأمراض النفسية - ومنها الاكتئاب - كان يتم الاهتمام بها وعلاجها بوسائل وطرق تتشابه كثيرا مع الطرق المستخدمة في العلاج في وقتنا الحالي، فقد ورد وصف للأنشطة الترفيهية والعلاج بالماء واستخدام الأيحاء والعلاج الدینی للإضطرابات النفسية، كما احتوت البرديات القديمة على بعض النظريات التي تربط الأمراض النفسية مثل الاكتئاب بحالة الجسم وامراض القلب، وهذا يتماثل مع النظريات الحديثة التي تؤكد العلاقة بين الجد والنفس، وبين الأمراض العضوية والأمراض النفسية .
لقد ورد في كتب العهد القديم قصة " شاؤول " الذي اصابته الأرواح الشريرة بحالة اكتئاب عقلى دفعه الى ان يطلب من خادمه أن يقتله، وعندما رفض الخادم الانصياع لأمره اقدم هو على الانتحار .
وفي كتابات الاغريق هناك بعض الاشارات عن طريق الاساطير، وعن طريق الشعر والأدب الى حالات تشبه الاكتتاب النفسي بمفهومه الحالي.
فقد ورد في " جمهورية افلاطون " بعض التفاصيل عن حقوق المرضى النفسيين، وكيفية علاجهم والعناية بهم، وقد كان " أبقراط " الذي اطلق عليه " ابو الطب " من اوائل الذين وصفوا حالة الاكتئاب النفسي ونقيضه مرض الهوس ومنا لا يختلف عن الوصف الحالي، وقد ربط " أبقراط " بين الجسد والروح، أو بين الجسم والعقل ، واكد وجود تأثير متبادل بينهما، كما توصل الى ان المخ هو مركز الإحساس وليس القلب، وكان بذلك صاحب نظرة شاملة في الطب العضوي والنفسي، وقام الأطباء الرومان بوصف بعض الأمراض من بينها الاكتئاب، وتم تصنيفه الى نوع خارجی ونوع داخلی مثل بعض التصنيفات الحديثة في الطب النفسي.
وتحتوي الكتابات القديمة على وصف لوسائل العلاج المتبعة في ذلك الوقت، ومنها ضرب المرضي، او منع الطعام عنهم حتى يتم حفز الذاكرة، واعادة الشهية للمريض، واستخدام وسائل التسلية والترفية مثل الرياضة والموسيقى وقراءة بعض النصوص للمريض بصوت عال، كذلك استخدام التغذية الجيدة وحمامات المياة، ونقل المريض الى بيئة ملائمة للراحة والهدوء النفسي .