قيمة الموت كل يوم
لست راغباً في أن أصبح أغنى رجل في العالم. فما أتمناه في هذه الحياة هو ألا يفارقني أحبائي، وأن أكون في صحة جيدة وأشعر بالسعادة (وبالمناسبة، لا أحد يشعر بالسعادة طوال الوقت إلا في أفلام السينما)، وأن أقترب كل يوم من الوصول إلى أقصى طاقاتي واستغلال كل إمكانياتي، وأن أؤدي العمل الذي أحبه، وأن يكون لي أثر ملحوظ في العالم من حولي. كيف تستطيع إذن أن تظل في حالة من التركيز على أهم الأشياء بالنسبة لك، وسط ضغوط الحياة اليومية؟ الإجابة هي أن تموت كل يوم.
وقد كتبت عن هذه الفكرة في كتابي " الراهب الذي باع سيارته الفيراري"، ولكن هذه النقطة المهمة تستحق تكرارها: إن تقبل حقيقة أن الحياة قصيرة وأنك لا تعرف متى ستحين نهايتك هي عادة شخصية عظيمة سوف تمكنك من التركيز على أهم أولوياتك. وعندما تستيقظ كل صباح وتسأل نفسك: "ما الذي كنت سأفعله اليوم لو كان هذا آخر أيام حياتي؟"، فليس هذا تمريناً تحفيزياً تافهاً، ولكنه طريقة عميقة تضفي بها على أيامك قدراً من الإلحاحية والالتزام. وقد عبر ستيف جوبز، الرئيس التنفيذي الشركة آبل. عن هذه الفكرة بصورة رائعة ما كنت لأصل إليها أبداً: "لا أحد يرغب في الموت. حتى أولئك الذين يريدون أن يدخلوا الجنة لا يرغبون في الموت لكي يصلوا إلى هناك. غير أن الموت هو الوجهة التي نتشارك فيها جميعاً، والتي لم يستطع أحد الفرار منها أبداً. إن الموت ربما يكون أفضل ما ابتكرته الحياة".
إن معظمنا يتركون الحياة تصنع بهم ما تشاء، وكأننا نیام بينما تمضي بنا عربة الحياة. والأيام تصبح أسابيع، والأسابيع تصبح شهوراً، والشهور تصبح سنين. وفي لمح البصر، نجد أنفسنا على فراش الموت، ونتعجب ونتساءل فيم أنقضى كل هذا الوقت؟ وقد تحدثت مع الكثير من المسنين ممن عبروا عن هذه الفكرة بالتحديد، وبعيون دامعة. وقد عبر عنها أحد المشاركين في ندوة حديثة بطريقة جميلة، من خلال تلك العبارة التي ذكرها لي نقلاً عن أحد أفراد أسرته: "عندما أشرقت الشمس وفتحت المحلات المغرية أبوابها، نسيت ما كنت أريد شراءه للأسف. والآن حل الظلام، وتذكرت ما كنت قد نسيته".
عندما تستيقظ كل صباح وتسأل
نفسك: "ما الذي كنت سأفعله اليوم لو
كان هذا آخر أيام حياتي؟"، فليس هذا
تمرينا تحفيزيا تافها، ولكنه طريقة
عميقة تضفي بها على أيامك قدراً
من الإلحاحية والالتزام.
سوف أعرض عليك تحديا لطيفاً: مت كل يوم. تذكر دائماً حقيقة أنك مخلوق فان. ثم امنح ذاتك للحياة. عش كأن الغد لن يأتي. خاطر وجازف. افتح قلبك أكثر قليلاً. كن على حقيقتك. أظهر احترامك لنعمة الحياة التي وهبك الله إياها. تألق أكثر اليوم. طارد أحلامك. إن من المؤسف أن معظم الناس يفضلون التشبث بالأمان عن محاولة الوصول إلى أفضل صورة ممكنة. ثم استيقظ غداً واجعل طموحاتك أسمى وأنبل. وفي النهاية، سوف يتذكرك الناس كواحد من العظماء. وستتحول جنازتك إلى احتفالية.