لا شيء يفشل كالنجاح
ريتشارد کاریون، الرئيس التنفيذي لأكبر بنوك بورتوريكو، أخبرني بشيء لن أنساه أبداً: "روبين، لا شيء يفشل كالنجاح". فكرة في غاية الأهمية. فأنت، وكذلك شركتك، تصبح أكثر عرضة للفشل في أكثر أوقاتك نجاحاً. فالنجاح بكل تأكيد يشعر صاحبه بالرضا عن ذاته، مما يؤدي إلى عدم الاستمرار في العمل بكفاءة وفعالية، والأسوأ من ذلك كله أنه يولد الغرور. فعندما يحقق الأشخاص والشركات النجاح ـ فغالباً ما يغرمون بأنفسهم، ويتوقفون عن الابتكار والإبداع والعمل بجد، ويتجنبون المخاطرة، ويبدؤون في الاسترخاء والاكتفاء بما حققوه. إنهم يتحولون إلى موقف الدفاع، ويبددون طاقاتهم في محاولة لحماية نجاحهم، بدلاً من مواصلة العمل بنفس الطريقة التي ضمنت وصولهم للقمة في الأساس. وكلما عرضت هذه النقطة أمام حشد كبير من الرؤساء التنفيذيين، أجدهم جميعاً يهزون رءوسهم تعبيراً عن موافقتهم. اسمح لي من فضلك أن أقدم لك مثالاً حياً من واقع حياتي.
في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، اصطحبت أطفالي إلى المطعم الإيطالي المفضل لدينا، فمأكولاته وأطعمته غاية في الروعة، كما أنه المكان الوحيد خارج إيطاليا الذي يمكن أن تجد فيه شرائح اللحم المتبلة، وكذلك أفضل أصناف المكرونة. غير أن الخدمة في هذا المطعم سيئة جدأ جدأ (كما هي في معظم الأماكن). لماذا؟ لأن المطعم مكتظ بالناس دائماً. ولأنهم يعملون بشكل جيد، فإنهم يأخذون هذا النجاح على أنه أمر مسلم به. ولكنهم لا يعرفون أن القيام بذلك هو بداية نهايتهم.
وأنا أحب التقاط الصور. علمني والدي أن أسجل رحلة حياتي بالصور. ولذلك فأنا عادة ما أحمل معي كاميرا صغيرة. المهم أنني طلبت من النادلة أن تتكرم وتلتقط صورة لنا ونحن نتناول المكرونة الأسباجتي، فردت بهذه الإجابة الجافة المقتضبة: "ليس لدي وقت". شيء لا يصدق. مشغولة لدرجة أنه ليس لديها خمس ثوان لكي تسعد أحد عملائها. مشغولة لدرجة تجعلها لا تقدم هذه المساعدة البسيطة. مشغولة بحيث لا يمكنها أن تظهر بعض الإنسانية.
كلما أصبحت أنت وشركتك أكثر
نجاحاً، احتجت لأن تتعامل مع
عملائك بقدر أكبر من التواضع،
وتظهر لهم قدراً أكبر من التفاني.
لقد قالها ريتشارد كاريون: "لا شيء يفشل كالنجاح". وهو ما قاله ديفيد نبيلمان، الرئيس التنفيذي لشركة جيتبلو، عندما أشار بقوله. "عندما تحقق مكاسب وأرباحاً جيدة، تميل إلى التفريط في جودة أدائك". والكثير من الرؤساء التنفيذيين لا يرتكبون هذا الخطأ. فكلما أصبحت أنت وشركتك أكثر نجاحاً، احتجت لأن تتعامل مع عملائك بقدر أكبر من التواضع، وتظهر لهم قدرة أكبر من التفاني. واحتجت أيضاً إلى أن تكون أكثر التزام بالكفاءة والفعالية والتحسن الدائم. واحتجت إلى أن تزيد من سرعة أدائك وتقدمك. واحتجت إلى أن تضيف قيمة أكبر. لأنك في اللحظة التي ستتوقف فيها عن فعل نفس الأشياء التي أوصلتك في المقام الأول إلى القمة، ستبدأ في الهبوط والانحدار نحو القاع.