إن وضع فكرتك في صورة سؤال، بدلاً من طرحها في صورة واضحة، يمكن أن يفتح الآذان الصماء. إن الأشخاص الذين يتفاهمون مع الآخرين كثيراً نادراً ما يبدءون بجمل مثل "إن نصيحتي لك هي..."، أو "إن الحقيقة هي..."، وبدلاً من ذلك يطرحون سؤالاً مثل "هل تعتقد أنه يمكن أن يساعد إذا...؟"، أو "ماذا قد يحدث إذا...؟"، أو "هل يمكننا أن تتحدث عن...؟"
لينكلتر (۱۹۸۲، ص ۷۰-۷۱) كتب:
إن الأخطاء باهظة الثمن التي تحدث بسبب سوء الإنصات جعلت الكثير من المدراء التنفيذيين يخشون التواصل اللفظي. ورغم ذلك، قاعدة "اكتب ما تريده" هي قاعدة خاطئة في معظم المواقف. حيث من السهل أن تسيء فهم الرسالة المكتوبة أكثر من الرسالة المنطوقة.
الإنصات: قوام الحياة في العلاقات
إن الشخص الذي يكتب مذكرة أو خطاباً يخسر كل فرصه لجعل رسالته أكثر إفهاماً عن طريق نبرة صوته، وتعبيرات وجهه ، وتعبيراته الجسدية، وأسلوبه بأكمله. والأسوأ من ذلك، ربما يتم قراءة نصف المذكرات و الخطابات فقط، أو تدفن وسط ركام الأوراق الأخرى. وعلى الأرجح، لن يمنح التواصل المكتوب أي تغذية راجعة على الإطلاق. ربما لن يعرف الشخص أبداً هل تمت قراءة كلماته ام لا، وهل تم فهمها أم لا، وهل تم تصديقها أم لا، وهل تم التصرف حيالها أم لا.
إن التغذية الراجعة تنتج بسهولة عن الأخذ والعطاء المتواجدين في الحديث. قال لنا موظف خبير ناجح: "نفضل أن نعمل وجهاً لوجه أكثر من أن نعمل عن طريق تمرير المذكرات".
وفي الأيام الحالية، تقوم شركة من كل أربع شركات بطرح استفتاءات لتتعرف على الحقائق التي لا تظهر بسهولة: مثل هل ينصت الموظفون حقاً لما تخبرهم به الإدارة أم لا.
على سبيل المثال، في شركة Burlington Northern Railroad ، يمكن لأي موظف أن يقدم شكواه من خلال برنامج جديد يسمى dial Boss. يتلقى مسجل هاتفي رسالته. ومكفول له أن يحصل على رد مكتوب من رؤسائه في العمل. ومكفول له أيضاً ألا يعرف رؤساؤه المباشرون هويته. ولقد أوجدنا كثيراً من الاقتراحات الجيدة التي ربما لم تكن لتقدم - أو يتم الإنصات لها- من دون هذه الطريقة.
كيف تحل الخلافات من خلال الإنصات؟
يعتبر لي إياكوكا واحداً من أساطير الأعمال الأمريكيين. في منتصف الستينيات، أصبح مشهوراً بسبب أنه الرجل المسئول عن سيارة موستانج التي تصنعها شركة فورد موتور الأمريكية، السيارة التي أحدثت ثورة في جانب من صناعة السيارات الأمريكية. ثم في الثمانينيات، استطاع بمفرده تقريباً أن ينقذ شركة كرايسلر من الإفلاس واكتسب سمعة كمدير تم اعتباره بشكل جدي مرشحاً لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
ماذا قال لي إياكوكا عن الإنصات؟
وفقا لإياكوكا، تعتبر قدرته على الإنصات من أهم أسباب نجاحه المتواصل. كتب في كتاب سيرته الذاتية الذي حقق أعلى المبيعات:
كنت أتمنى أن أجد معهداً واحداً يعلم الناس كيفية الإنصات. فرغم كل شيء، يحتاج المدير الجيد أن ينصت على الأقل بقدر حاجته للتحدث. يفشل العديد من الأشخاص في إدراك أن التواصل الحقيقي يتخذ كلا الاتجاهين.....
واستطرد قائلا:
عليك أن تكون قادراً على الإنصات جيدة إذا كنت ستحمس الأشخاص الذين يعملون لديك. هذا هو تماماً الفرق بين شركة متوسطة وشركة كبيرة. إن أكثر الأشياء إشباعاً لي كمدير أن أرى شخصاً قد صنفه النظام على أنه متوسط أو عادي حصل على ما يستحقه فحسب لأن شخصاً ما قد أنصت لمشاكله وساعده على حلها. (لي إیاکوکا 1984، ص 54-55).
الإنصات: قوام الحياة في العلاقات