الحياة الناجحة والسعيدة تتطلب منا تكريس أنفسنا لتنفيذ خطة لحياة تستحق العيش. إذا لم نعطٍ حياتنا بوعي الهدف والاتجاه، فإننا سنكون كسفينة بلا ربان يقودها، وبلا خريطة توجهها في الطريق الصحيح. هذا النوع من السفن يكون مصيره أن يصبح حطاماً على شاطئ جزيرة صحراوية نائية، أو الأسوأ، الغرق في أعماق البحر.
في الحياة، تفوتنا العديد من الفرص بلا داعي لأننا لا نعلم إلى أين يأخذنا الطريق. وإذا أمعنا النظر، فسنرى أن هناك قوة عاقلة مفكرة في الكون تكشف عن خطة شاملة بارعة للخلق. أنت وأنا جزء من هذه الخطة. وإذا نظرنا إلى النجوم، وعالم الحيوان، وعالم النباتات، والبحر، فسيكون من السهل علينا أن نرى أنها جميعا مكونات لكون هائل التنظيم.
كل شيء له مكان وسبب للوجود، من الواضح تماماً أن هناك مكاناً لك، وأنت وحدك من يناسب هذا المكان بشكل منظم وجذاب.
ربما كان وجود مشكلاتك في الأساس يعود إلى أنك لست في مكائك الصحيح. هناك أشياء يجب عليك فعلها ولكنك تتجاهلها أو تتجنبها. إنك لا تقدر تماماً حقيقة أنك شخص متفرد له مكان خاص ومتميز يشغله وهدف يحققه. قد لا تبدو إسهاماتك في الحياة رائعة أو مبهرة، ولكنك، كجزء من خطة سامية، لست أدني على الإطلاق، بل إنك على نفس قدر أهمية أكثر الأشخاص الذين تعرفهم منزلة ومكانة.
إن كل شيء مهم وذي قيمة حدث عبر العصور ما هو إلا جزء من خطة شاملة تتكشف لنا. جميع إنجازات العالم العظيمة في كل مجال أصبحت ممكنة لأن بعض الأفراد أنصتوا للتوجيه الداخلي الذي أظهر رغبة قوية وألهمهم البدء في تحقيقها. بالنسبة لآخرين، ربما بدت تلك الرغبات مستحيلة. ولكن هؤلاء المبدعين كان لديهم الهدف والاتجاه معاً. لقد أدركوا أنهم ليسوا مجرد قطع من الفلين تطفو بغير هدف على سطح المحيط، ولكن أفراد لديهم تحكم كامل في مصائرهم.
تظهر الدراسات النفسية في الأداء الشخصي أن الأفراد الذين لديهم خطة وأهداف لحياتهم أسعد حالاً وأكثر نجاحاً من أولئك الذين ليست لديهم خطط وأهداف.
في هذه المرحلة من تطورك، من المهم أن تضع خطة لحياتك، خطة تستفيد من كل مواهبك وقدراتك. يجب عليك أن تأخذ بعض الوقت الآن لتفكر فيما تريد فعله وأي حد تريد أن تبلغ. بخلاف ذلك وكتلك السفينة بلا ربان-ستنتهي حياتك إلى حطام.
تأمل كل مجال في حياتك وقم بوضع خطة خاصة بما ترغب في الوصول إليه، وما ترغب في تحقيقه، والأكثر أهمية، ما ترغب في أن تكونه! إذا فعلت هذا، فستعرف ما إذا كنت تحرز تقدما أم لا. فكيف لك أن تعرف ما إذا كنت تحقق نجاحاً أو تحرز تقدماً إذا لم تضع لنفسك هدف أو وجهة؟ بمجرد أن تبدأ في فعل هذا، سوف تكتشف متعة وبهجة ورضا وقيمة وضع خطط مفصلة للأشياء التي ترغب في إنجازها.
أحد الأسرار الأساسية لتحقيق أهدافنا هو أن نقسم أهدافنا الكبيرة إلى عدد من الأهداف الأصغر. ليس هناك شيء صعب حقاً إذا تم تقسيمه إلى أجزاء. وعندما يصبح كل جزء كل هدف قصير الأجل-حقيقة واقعة، فإن الرضا النابع عن تحقيقه سيكون حافزاً على تحقيق الهدف التالي. العديد من الناس ممن يفشلون في فهم هذا المبدأ يقاومون وضع أهداف كبيرة لأن الجهد الكلي المطلوب لتحقيقها يبدو هائلاً.
إن كوباً واحداً من الماء يمكن أن يصنع ضبابة كثيف. وإذا قمت بتقسيم هذا الماء إلى ست بلايين نقطة، فإنها يمكن أن تغطي مبنى کاملاً، يرتفع لمائة قدم نفس الشيء ينطبق على جهودك. فإذا وظفت جهودك كل يوم، فإنها ستصنع أثراً هائلاً أيضاً في النهاية.
وفي لعبة تحديد الأهداف، ليس المطلوب هو النجاح بنسبة مائة بالمائة. فحتى إذا أخفقت في إنجاز كل ما حاولت إنجازه، فإنك ستكون قد حققت تقدماً أكبر كثيراً مما لو جلست دون أن تفعل أي شيء، كما هي حال العديد من الناس. إنها حقيقة أن الأهداف تغير حياة الناس بشكل إيجابي وبناء، سواء تم تحقيقها أو لا. إنها توجه طاقاتنا الذهنية نحو قنوات إيجابية. كل ما يتطلبه الأمر هو أن تعرف ما تريد امتلاكه، وما تريد إنجازه، وما تريد أن تكونه.