الجانب الواعي لقوة العقل هو الأكثر تقييد؛ لأن معلوماته تأتي من خلال الحواس الخمس: السمع، والذوق، والشم، واللمس، والبصر. وحيث إن حواسنا يمكن أن تخدعنا، فإننا كثيرا ما نتقبل مفاهيم، وأفكاراً، وقيماً، ومعتقدات جاءتنا عبر جانب العقل الواعي.
العقل الواعي موضوعي. إنه يلاحظ، وهو منطقي، وهو يوجد حيث توجد إرادتنا. ويمكن تشبيه العقل الواعي بحارس على باب، يحرس الطريق المؤدي إلى العقل اللاواعي. العقل الواعي يحجب جميع المعلومات الواردة ولا يسمح للعقل اللاواعي بقبول أي معلومات إلا تلك التي يرى أنها "الحقيقة"، حتى وإن كان ما يراه ليس هو "الحقيقة" وإنما مجرد يقين خاطئ.
ما نراه بعقلنا الواعي كثيراً ما يخدعنا. فعندما ننظر إلى الأفق، يبدو لنا أن السماء والأرض تلتقيان؛ ويبدو قوس قزح وكأنه يختفي داخل الأرض؛ وتبدو خطوط السكك الحديدية من بعيد وكأنها تلتقي معاً. هذه التحريفات والتشوهات ناتجة عن صور ورسائل زائفة تأتي من عقولنا الواعية، والمرض، والفقر، والقلق، واليأس، والعجز، والقنوط جميعها أيضاً صور خاطئة تقبلناها من عقلنا الواعي واخترنا برمجتها في عقولنا اللاواعية.
لكي نحرر أنفسنا من قيود عقولنا الواعية، ينبغي أن نبحث داخل أنفسنا عن مصدر الحقيقة. والحقيقة لا يمكن أن تنبع إلا من الداخل. والاستمرار في البحث عنها في الخارج يعني الاستمرار في معاناة نفس الظروف التي كانت تقيدنا وتعرقل تقدمنا. لهذا السبب، ينبغي أن ننصت إلى الحدس النابع من العقل فائق الوعي، وأن نأخذ هذه المعلومات إلى عقولنا الواعية ونبرمجها بتأنٍ وروية في عقولنا اللاواعية لنصنع التجربة الحياتية الإيجابية التي نريدها. ولكي نفعل هذا، نحن بحاجة لإلقاء نظرة على الجني الكامن بداخلنا.