لقد ألهم الحب الكتب، والأغاني، والأعمال الفنية، والإنجازات العظيمة، بل لقد أثر حتى في مجری التاريخ. فالحب هو الرباط والعهد الذي يجمع الجنس البشري معاً.
هناك العديد من التعريفات للحب، إلا أن كل واحد منها غير كافٍ. يوجد الحب في مكان ما بين الود والشهوة. وربما كان هذا هو المكان الذي ينتمي إليه الحب بالفعل!
ولكي نفهم ما هو الحب، يجب علينا أولاً أن نفهم ما ليس هو الحب. الحب ليس هو البغض، أو العنف، أو الطموح، أو المنافسة. إنه ليس الافتتان، فالافتتان يركز فقط على السمات الخارجية وهو مجرد شكل من أشكال الغزو الذي يلبي حاجة شخصية دائماً ما يتبعها الإحباط.
على سبيل المثال، تتزوج امرأة من رجل لأنه وسيم، ثم تقول إن كل ما يشغل ذهنه هو شكله. أو تتزوجه لأنه ذكي، ومن ثم تشعر بالغباء وتتهمه بأنه يدعي علم كل شيء. أو تتزوجه لأنه هادئ وحساس، ومن ثم تجده مملاً ومتبلد الإحساس. أو تتزوجه من أجل ماله، ثم تصبح تعيسة لأن كل ما يفكر فيه هو العمل. أو تتزوجه لأنه جذاب، ثم تعترض عندما تجده جذاباً النساء أخريات. وهكذا وهكذا! هذه الأمثلة لا تعبر عن الحب، وإنما عن الافتتان فحسب، ونفس هذه الأمثلة تنطبق على الرجل أيضاً.
والحب ليس هو الجنس. فيمكنك الاستمتاع بالجنس بدون حب، والحب بدون جنس. ولكن عندما يجتمع الجنس والحب، فإن النتيجة تكون تجربة روحية رائعة لا تضاهيها تجربة أخرى.
ما الحب إذن؟ الحب هو القوة الجذابة، التي توحد وتنسق وتناغم الكون.
الحب هو الرغبة في دعم شخص ما بحيث يكون كل ما يمكنه أن يكونه. إنه مساعدة إنسان آخر على أن ينمو عاطفياً، وذهنياً، وروحياً. وقبل أي شيء آخر، الحب هو منح شخص آخر الحرية الكاملة في أن يكون نفسه وقبول هذا الشخص دون محاولة تغييره.
مشكلة العديد من العلاقات هي أن الحب يكون من جانب واحد. ولكي تكون العلاقة متوازنة، يجب أن تعطي، ولكن أن تتوقع التلقي بالمقابل أيضاً. يجب أن يتم تلبية احتياجاتك واحتياجات شريكك. إن الدافع القهري للعطاء المستمر دون انتظار مقابل، أو التلقي المستمر دون عطاء، لا يدعم الحب الحقيقي.
الحب يعني الحب. انتهى! إنه لا ينطوي على شروط مثل: "سوف أحبك إذا..."، أو "سوف أحبك طالما..."، أو "سوف أحبك عندما...". والحب الذي ينطوي على شروط ليس إلا ابتزازاً عاطفية.
تبدأ قدرة الطفل على الحب عادة عندما يصل إلى سن عامين تقريباً. وهذا هو سبب أهمية بناء تقدير الذات لدى الطفل أثناء هذه الفترة. يجب أن يعلم الطفل أنه مقبول كما هو، وأن الحب (أو عدم الحب) لا يعتمد على أفعاله وتصرفاته.
عادة ما لا تدرك الفتيات الصغيرات أنهن يمكن أن يتلقين الحب لذاتهن. إنهن يشعرن بأنهن في حاجة إلى رجل يجعلهن يشعرن بأنهن محبوبات وذوات قيمة. إنهن عادة ما يتزوجن من أول رجل يطرق بابهن ويخبرهن ما يردن سماعه؛ أنهن محبوبات. وعندما يشعر الرجل بعقدة الدونية تلك، فإنه عادة ما يستغل هذا الشعور بعدم الأهلية ويحاول أن يسيطر على الفتاة. فحيث إنها لا تحب نفسها بالفعل، فإنها ستسعى بشكل مفرط لنيل الاستحسان والحب الذي لم تحصل عليه عندما كانت طفلة، والأرجح أن الحال ستنتهي بها إما في ساحة المحكمة من أجل الطلاق وإما مع زوج مدمن للكحوليات، أو مؤذٍ ذهنياً، أو جسدياً، أو عاطفياً، أو ربما ما هو أسوأ. ولو أنه قد تم صقل وتنمية الثقة بالنفس، وقبول الذات، وقبول الآخرين في مرحلة مبكرة من العمر، لكان من الممكن تجنب هذا الوضع.
من المهم في العلاقات الحفاظ على الحب. ولكي تفعل هذا، من الضروري أن تدرك أنكما لستما شخصاً واحداً. فعلى الرغم من فيض الصور والمجازات الشعرية، فمن المستحيل تماماً دمج شخصين في شخص واحد. إنكما ببساطة فردين منفصلين وجدا العديد من الجوانب التي يمكن أن يشتركا فيها. لقد أتيت إلى العالم وحيداً، وسترحل عنه وحيداً.
من الحماقة التامة أن تعد بحب شخص آخر إلى الأبد. في حين أنه من الرائع أن نسمع شخصاً يؤكد على أنه سيحبناً إلى الأبد، فإن هذا وعد أجوف. فكر في الأمر اللحظة. إنك لا تستطيع أن تعتمد على أن يحبك حبيبك للأبد، بغض النظر عما يقوله، لأن الحب تجربة تعاش لحظة بلحظة. لقد نفد حب الأمس، وحب الغد لم يولد بعد، وحب اليوم لابد وأن يكتسب.
الحقيقة هي أن الحب سوف يستمر فقط طالما كان كل طرف يلبي احتياجات الطرف الآخر ويسهم في نجاح العلاقة. ويجب أن يستمر الحب إذا كانت هناك رغبة في استمرار العلاقة. والعقد القانوني لن يفعل هذا!
ولكي يبقى الحب ويستمر، يجب ألا يحاول أي طرف تغيير الطرف الآخر. يحدث هذا أكثر مما ينبغي وهو عامل رئيسي من العوامل التي تسهم في الانفصال والطلاق.
الحب، والرومانسية، والإثارة جميعها ممكنة عندما تسمح لشريكك بالتعبير عن فرديته. عندما ا تكون العلاقة مقيدة بمطالب وتوقعات غير معقولة، فإنها تصبح أكثر قرباً وحميمية. فكلما زاد شعورك بالاستقلالية، زاد تقديرك لشريكك. الحب الحقيقي يقوم على الحرية الحقيقية. الأحرار فقط هم الذين يستطيعون منح الحب بدون تحفظ.
الوقت الذي تقضيانه معاً يجب أن يخصص لدوافع الحب والمشاركة في الأشياء التي يستمتع بها كلاكما.
هذا من شأنه أن يزيل الملل ويحافظ على حيوية العلاقة. ومن المهم في هذا الشأن تنمية شخصية رومانسية. بدون الرومانسية، تفتقر حياة الإنسان للسحر والجاذبية، لذا فمن المهم أن تكتسبها وتنميها. الشخصية الرومانسية ستزيد من سحرك وتمكنك من جذب الناس، والأحداث، والظروف التي تريدها. إننا جميعاً بحاجة إلى الرومانسية في حياتنا ونشعر بالامتنان تجاه هؤلاء الذين يحفزونها ويشجعونها.
كل شخص يرغب في أن يكون محبوباً. وكل غريب تقابله يصرخ بداخل نفسه ويقول: "أحبني من فضلك". أحياناً يكون من الصعب تفسير هذا في ضوء أفعالنا؛ وأحياناً لا يدرك الأفراد أنفسهم هذا على أنه النهم الداخلي الذي يشعرون به.
يعتقد أكثر الناس أنهم ليسوا محبوبين بما يكفي. هذا لأنهم لا يمكنهم استعادة الشعور بالحب الذي عرفوه ذات يوم عندما كانوا أطفالاً. لذا فإنهم يعيشون الحياة في محاولة لاستعادة هذا الشعور الرائع عن طريق البحث خارج أنفسهم.
تأمل حياتك. إنك تذهب إلى متجر البقالة من أجل شراء الطعام، وتذهب إلى المدارس من أجل التعليم،
وإلى الطبيب لمداواتك، وإلى المقاول لبناء منزلك، وإلى مصفف الشعر لتصفيف شعرك، وإلى محل الملابس لشراء ملابسك. وكذلك الأمر مع الحب. إنك تلجأ إلى الآخرين من أجل الحب. ومثل جزرة متدلية أمام فرس، فإن الحب أيضاً بعيد المنال تماما.