الشعور بالذنب هو أحد أكثر أشكال الضغط شيوعاً في مجتمعاتنا الحديثة. إن العالم مليء بالأشخاص المحملين بالذنب. وما لم تكن واحدا ً من أولئك الأشخاص النادرين الذين تغلبوا على ذلك الشعور المدمر، فالأرجح أنك تشترك مع الأغلبية العظمى من الناس في مجموعة متنوعة من مشاعر الذنب غير الضرورية.
لقد تكيف معظمنا على الشعور بالذنب. فقد حولتنا العائلة، والأصدقاء، والمجتمع، والمدرسة، والأحباء المقربون، والمؤسسات الدينية بوعي أو بغير وعي إلى آلات للشعور بالذنب. لقد كان يتم تذكيرنا دائماً منذ مرحلة الطفولة بما يسمى "سلوكنا السيئ" وتم جعلنا نشعر بالذنب تجاه أشياء فعلناها أو لم نفعلها، قلناها أو لم نقلها. وحيث إن معظمنا قد تكيف على التماس قبول واستحسان الآخرين، فإننا لا نستطيع التعامل مع الذنب عندما يتم فرضه علينا من مصدر خارجي.
الذنب هو الأداة الرئيسية للشخص المناور المخادع. كل ما على هذا الشخص فعله هو جعلنا نشعر بالذنب وهكذا نشعر بالاضطرار إلى العودة إلى حظوته ورضاه في أسرع وقت ممكن. ومعظم الناس يمكن خداعهم وجعلهم يفعلون أي شيء تقريباً إذا أمكن جعلهم يشعرون بالذنب بقدر كافٍ.
لماذا نسمح بحدوث هذا؟ ببساطة لأن الذنب كان مرتبطة بالاهتمام، وإذا كنت لا تهتم، فإنك "شخص سيئ". والحقيقة أن الشعور بالذنب لا علاقة له من قريب أو بعيد بالاهتمام بالناس. إنما هو مظهر من مظاهر السلوك العصابي، السلوك الذي يلقى قبول معظم الناس بشكل يدعو للدهشة -على أنه سلوك "طبيعي". وبعبارة أخرى، لكي تظهر أنك تهتم بالآخرين بحق، فمن المتوقع منك أن تشعر بالذنب. وإذا لم تشعر بالذنب، فإنك لا تهتم بحق. هذا الخط الملتوي في التفكير يسيطر على حياة عدد هائل من الأشخاص.
ومن المثير للاهتمام أن أقول هنا إنني، في ندواتي ومحاضراتي، عندما أقول إن الإنسان لا ينبغي أبداً أن يشعر بالذنب، دائماً ما يرفع أحدهم يده ويسألني قائلاً: "أتعني أنه لا ينبغي على مطلقاً أن أشعر بالذنب تجاه أي شيء؟". وما يريد قوله بالطبع هو أنه كان متكيفاً للغاية مع الشعور بالذنب لدرجة أنه سيشعر بالذنب تجاه عدم شعوره بالذنب!