لأننا نستخدم كلمات مألوفة في التعبير عن أفكار أقل ألفة، دعنا نرٌ ما إذا كنا نستطيع توضيح الأمور قليلاً، خاصة حين تمسك الأساليب شخصية.

لست أبالي بما تعتقده عن نفسك. ربما كنت تعتبر نفسك ذكياً بشكل استثنائي، أو شديد الغباء، أو زائد الوزن، أو ناقص الوزن. ربما كنت مؤيداً لمذهب الفعالية والعنف، أو لمذهب معارضة العنف، أو موظفة مكتبية، أو تنفيذية، أو ربة منزل، أو امرأة عاملة، أو شخصاً منبسطاً ودوداً، أو شخصاً انطوائياً خجولاً. ربما كنت مدمناً للكحوليات، أو المخدرات، أو كاذباً، أو مبالغاً، أو غشاشاً، أو عصابياً. ربما كنت مكتئباً طوال الوقت خائفاً من كل شخص وكل شيء. ربما كنت تكره الطقس، أو الكلاب، أو القطط، أو التمرين، أو النحل الطنان، أو الاختناقات المرورية، أو السبانخ. ولكن شيئاً من كل ما سبق لا يعبر عن حقيقة ذاتك بحق.

إنها جميعاً أوصاف تعبر عن الأشياء التي تفعلها أو التصرفات التي تقدم عليها.

إذا كنت تتوحد كلياً مع أفعالك وتصرفاتك، فإنك تفهم حقيقة ذاتك بشكل خاطئ. إنك تحكم على نفسك، وتقيدها، وحتى ترفضها دون مبرر أو برهان.

تقدير الذات المتدني هو ببساطة مشكلة وعي. فبمجرد أن تعي حقيقة ذاتك، ستكون قادراً على أن تدرك لماذا أنت على ما أنت عليه، والأكثر أهمية أنك ستتعلم أن تحب وتتقبل ذاتك.

ويمكن تعريف وعيك على أنه الوضوح الذي تدرك وتفهم به بوعي وبغير وعي كل شيء يؤثر في حياتك.

إنه مجموع تجارب وخبرات حياتك، وتكيفك الشامل، ومعرفتك، وعقلك، وحدسك، وغرائزك، وكل ما يمكنك إدراكه من خلال حواسك الخمس. ومستوى وعيك الحالي يشير إلى طباعك، وحالاتك المزاجية، ومواقفك الذهنية، وردود أفعالك العاطفية، وأهوائك، وآرائك، وعاداتك، ورغباتك، ومخاوفك، وطموحاتك، وأهدافك. والأكثر أهمية أنه يشير إلى شعورك بقيمتك الشخصية؛ وبعبارة أخرى، ما تشعر به تجاه نفسك.

والوعي أيضأ يحدد مفهومك عن الواقع. إن عقلك مثل كاميرا تلتقط باستمرار صور الأحداث التي تقع في حياتك. وأنت الشخص الذي يحدد أنواع المشاهد التي ترغب في تسجيلها على فيلم، وتلك الأشياء تشكل وعيك. قد تسجل كاميراتك السمات السلبية للآخرين أو تسجل عدم أهليتك، وعجزك، ويأسك الشخصي. قد تقرأ الصحف، أو تشاهد التليفزيون، أو تركز على مصادر أخرى للمأساة، أو المرض، أو الفقر، ويتم التشبع بها جميعاً أو تسجيلها ذهنياً. وبينما تركز وتنقح وتحفظ، تتقبل أخيرأ تلك الأشياء على أنها واقع، لأن لديك الصور التي تثبته.

والمشكلة هي أن الحقيقة والواقع ليسا بالضرورة نفس الشيء. فإذا كان عقلك قد تقبل أفكاراً، ومفاهيم، ومعتقدات، وقيمة خاطئة عن نفسك والآخرين، فإن وعيك سوف يتشوه. وعلى الرغم من أنك ستنطلق من وجهة نظر خاطئة، فإنها سوف تبدو في الحقيقة وسوف تتبني أنت نمط الشخصية والنماذج السلوكية التي تبررها. وكل هذا يعود إلى ما قلناه في الفصل 1:

كل قرار تتخذه وكل فعل تقدم عليه يقوم على مستوى وعيك الحالي.