كيف حالك؟
بالطبع، يمكن صياغة هذا السؤال باختلافات طفيفة -" كيف الحال؟ ما أحوالك؟ كيف تجري أمورك؟ - لكنه يبقى سؤالا مثيرا للاهتمام على الرغم من هذا. إنه موجه للنقطة التي نقف عندها في مدى رضانا عما نفعل بحياتنا في الوقت المحدد الذي طرح علينا فيه السؤال، وبما أن أغلبنا عادة ما يكون هناك الكثير مما یشغل عقولهم وقت طرح السؤال عليهم، فمن المفترض أننا مشغولون مسبقاً بهموم أثقل، مثل مراقبة الأرقام التي تتتابع على لوحة المصعد، أو مثل التساؤل حول الوقت المتبقي قبل موعد الغداء. فلا نولى السؤال إلا انتباهاً ضئيلاً، ولا نمعن التفكير كثيراً قبل أن نحری جواباً.
وهنا تكمن القيمة والبصيرة المتمثلة في إجابتنا. فبما أننا لا نولى إجابتنا تفكيراً واعياً وجاداً قبل أن نقدمها -فهي تأتي عفوية، وكرد فعل عصبي، كما لو أننا تغشانا سبحة من سبحات الكرى. إنها تصدر مباشرة عن عقلنا الباطن. وعلى هذا فإنها تمثل الحقيقة الداخلية الكبرى التي غالبا ما لا نكون واعين بها كل الوعي: فهل نعتقد أننا نمضي قدما، أم أننا نتحرك في مكاننا، أم أننا ببساطة نرجع إلى الوراء في المخطط الكلى لأمورنا؟ هل نشعر أننا نحرز تقدما بالفعل نحو سبب أعظم شأناً؛ مما يجعل حياتنا لها مغزى، ومرضية نفسياً؟
أم أننا مثل قصاصات الأوراق التي تتلاعب بها الريح، في لحظة نكون سعداء، وفي اللحظة التالية تعساء، وفقا لمهب الرياح إن إجاباتنا اليومية عن هذا السؤال البسيط هي نافذة على أرواحنا، شانها شان التعبير الذي يعلو وجوهنا، أو الشعاع الذي يطل من عيوننا، أو إيقاع سير خطواتنا. ندين للسيد د. " روبرت شوللر " للتوضيح العميق التالي الذي يلقى بعض الضوء على هذه الظاهرة التي ليست بهذه البساطة الخادعة.
مقياس "روبرت شولي" للروح الإنسانية
يوجد وعينا الجمعي، ويعمل عمله على مستويات عديدة، لكنه موجود دائما، ويقوم بعمله دائما. يمكن لنا أن نغتنم رؤية ما لحالتنا و " مكانتنا " الحاليتين -بتذبذبهما النسبي -إذا ما أنصتنا لما نقوله لأنفسنا وللآخرين، فعلى سبيل المثال، إليك عشر إجابات محتملة في جدول قياس من واحد إلى عشرة (من الأدنى إلى الأعلى) مما يستخدمه الناس كثيرا في الإجابة عن هذا السؤال الموجه لهم من قبل الآخرين، عادة المرات عديدة كل يوم:
على مدار الثلاثين عاماً الماضية
أتى لاستشارتي أشخاص من جميع
دول العالم المتحضرة، ومر من بين يدي المئات
والمئات من المرضى، وخلال النصف الثاني
من حياتي. لنقل بعد أن اجتزت الخامسة والثلاثين
عاما. لم يكن هناك واحد من بين جميع
هؤلاء المرضى إلا وتتعلق مشكلته في الملاذ الأخير
بالعثور على استشراف دیني للحياة. ولا بأس في
القول إن كلا منهم قد سقط ضحية المرض؛ لأنه
فقد ما تمنحه الحياة الدينية لمتبعيها عند كل مرحلة
عمرية، ولم يتم علاج أحد منهم فعليا إلا بعد أن
أعاد اكتساب البعد الديني في الحياة.
کارل يونج
عالم نفس سويسري
(1875-1961)
إجابات متنوعة:
1. لا إجابة. الشخص واقع تحت
صدمة؛ يغلب عليه الحزن أو الفقدان.
هذا دون الوضع في الحسبان الصحي، الجيدة، ورخاء الحال، والحب، والمكانة، والتوقعات الممتازة للمستقبل
2. سأجن! الشخص يستنفذه الغضب
- إنني محبط. تسيطر على هذا الشخص الأفكار، والمشاعر السلبية.
4.لستُ بالغ السوء. هذا الشخص يمارس حياته بصعوبة؛ ويكتفي بمتابعة جريان الأمور
5.لا بأس. هذا الشخص متوافق مع أحواله، لكنه عُرضة لحدوث أي شيء.
6. أنا بخير ". ترجح كفة الإيجابية على السلبية.
هذا دون حسبان المرض، والهرم، والإحباط، واليأس بل وحتى الموت الوشيك.
7. إنني رائع! ما زلنا عند المستوى السابع. يبرز عنصر التحكم بالأمور.
8. أنا في أروع حال! درجة تحكم عظيمة، واستعداد لإنجاز شيء عظيم.
9. أنا فائق للعادة! الإمساك بزمام الأمور، ودفع عجلة الأحداث للأمام.
10. ببساطة أنا في ذروة الحماس والأثارة!". الإمساك بزمام الأمور ــــ والوفاء بالمسئوليات. حاله رائعة لا تصدق!
كل عمل يكمن في جزاؤه.
من المستحيل فصل السبب عن النتيجة،
أو الوسائل عن الغايات أو البذور عن الثمار؛
ذلك لأن النتيجة كامنة فعلياً في السبب،
والغاية موجودة سلفاً في الوسيلة،
والثمرة في قلب البذرة تنام.
"رالف والدو إيمرسون"
شاعر، فيلسوف، كاتب مقال أمريكي
(1882.1803)
فلتفكر دقيقة في الإجابات النمطية التي تقدمها للآخرين بوتيرة يومية، هل تتراوح إجاباتك من الطرف الأقصى للطرف الآخر النقيض، وفقاً للظروف المحددة المحيطة بك في لحظة زمنية معينة؟ أم أنها تكون ثابتة على الدوان، مهما كانت الظروف المحيطة؟ فلتمعن التفكير الجاد في تلك الإجابات.
ويقدم المخطط السابق بعض الرؤى المثيرة للاهتمام. يمكن لبعض الأشخاص أن يكونوا في حالة معنوية مرتفعة، وأن يكونوا جياشين بالفرح حتى حين يبدو أن شؤون حياتهم تتحطم، فلتفكر مثلاً في شخص مريض مرضاً شديدا، ورغم ذلك فإن روحه المعنوية أكثر حيوية من شخص آخر يتمتع بالصحة والعافية. والعكس بالعكس؛ فقد يكون هناك شخص يحظى بكل شيء ــ الثروة، والصحة، والسلطة، والمكانة الاجتماعية والمنصب ــ ومع ذلك فهو أتعس شخص على وجه الأرض. وسرعان ما يخبرك أو تخبرك بهذا الأم! فهل يمكن لهذا الاختلاف الجذري في وجهات النظر، وفي التوجه النفسي، أن يُفسر بقولنا إن البعض يحظون بحياة ذات مستوى أعلى، وبالتالي هم على وعي بحقائق أكبر مما لا ينتبه إليه الآخرون؟ وبالرجوع إلى الرسم الكاريكاتوري في مستهل هذا الكتاب، فهل هؤلاء يعرفون شيئاً لا نعرفه نحن؟
ولإجابة هذا السؤال، قمت بابتكار مصطلح أسميته عامل س. م. س، وهو يشير إلى الأحرف الأولى من الكلمات التي تحدد قدرتنا على السعي " نحو الهدف "، ومواصلة التركيز، والمضي قدماً إلى الأمام. أنه نوع من" القدرة على القيادة، والتحرك بحماس ".
يتكون عامل س م س من ثلاثة عناصر:
س ـ السعادة. كون المرء إيجابياً ومتحمساً، على الرغم مما يخبرك به العالم الخارجي.
م ــ المرونة. القدرة على التوافق، بل وتجاوز أي عقبة، أو ظروف معاكسة، ومواصلة المضي قدماً.
س ــ سعة الحيلة. القدرة على إيجاد الرؤية والطقة من أجل استغلال الفرص، بغرض إحراز النتائج المهمة لنا.
وعلى هذا فلنسأل:
إن ميل الطبيعة الإنسانية للخير
مثله مثل ميل المياه للجريان
نحو الأراضي الدنيا.
" مينشيوس "
معلم، وفيلسوف صيني
(288.371 ق.م)
1. من الشخص السعيد، كمسألة اختيار شخصي؟ 2. من الشخص المرن، والمجهز كأفضل ما يكون لتجاوز الصعاب؟ 3. من الشخص واسع الحيلة، القادر على أن يكون مبتكراً وأن يتخذ تحركاً هادفاً في سعيه نحو أهدافه المنشودة؟ مما درسناه، لدينا الآن رؤية وافية للإجابة عن كل تلك الأسئلة.
نعلم أن السعادة، والمرونة، وسعة الحيلة لا تعتمد على السن، ولا النوع، ولا محل الميلاد، أو مستوى التعليم أو الوظيفة، وأنها تأتي في المقام الأول من التركيز الداخلي، وبؤرة التحكم الداخلية ــ من النظر إلى الداخل بدلا من الخارج للعثور على المعنى، والهدف لحياتنا؛ وثانيا، بعد أن ننظر نحو الداخل، تأتي من معرفة من نكون حقاً؛ وما هي ذاتنا الحقيقية. هل تتذكر ما نصحت به "لوسي شارلي براون": " إنك أنت الشخص الذي عليه أن يؤمن، ويصدق ذلك يا شارلي براون. فلم لا تسأل نفسك؟ ".
وهكذا فإنه من خلال فهمنا لمن نكون حقَا نحصل على السعادة القصوى، والمرونة القصوى، وسعة الحيلة القصوى، وتقدم لنا العديد من تعاليم الرسالات السماوية أفضل رؤية لطبيعة ذاتنا الحقيقة، وقد وهبنا الله نوعية الحياة التي علينا أن نحياها.
إن معضلة الإنسان الأعظم شأناً الآن وفي كل زمان هي معضلة أخلافية: أكون خيراً أو لا أكون خيراً؛ أحب أو لا أحب، أبدي تعاطفاً، أو لا أبدي تعاطفاً، اسمح أو لا أسامح، أساهم، أو لا أساهم، ينصب التركيز بضرورة الحال على قيمنا الأخلاقية ــ ما الذي نقرر أن نؤمن به كأشخاص فيما يتعلق بالصواب أو الخطأ، بالخير أو الشر، بالعدل أو الظلم، الأمانة أو الخيانة. على كل منا أن يقرر أي القواعد التي سنتبعها وما هي المعايير التي سنعيش وفقاً لها.
في خطاب قدمه ولي عهد إنجلترا الأمير "تشارلز" أمام كلية وليام وماري في ويليامسبرج، بفرجينيا في 13 فبراير 1993، سأل السؤال التالي: " لماذا لم تتعاظم بأي درجة وسائل تحقيق السعادة في حسن أن أسباب الضغوط والإحباط تبدو أنها الآن أكبر من أي وقت مضى؟ " وأعتقد أن الإجابة تكمن في هذه الحقيقة: " لقد ارتفعت توقعات الناس وطموحاتهم دون زيادة موازية في المسئولية الشخصية لديهم. يُلقي بعض الناس
إن الأفكار التي أناصرها
ليست ملكاً لي.
لقد استعرتها من سقراط،
واختلستها من شيسترفيلد،
وأخذتها من الكتب المقدسة،
ثم وضعتها في كتاب،
وإذا لم ترق لك قواعدهم هذه
فإلى أي أفكار ستلجأ؟
"ديلي كارنيجى"
مؤلف كتب
HOW TO WIN FRIENDS AND
INFLUENCE PEOPLE
(1888-1955)
باللوم ولو جزئياً على الحكومة، وبرامجها العديدة للمساعدة الاجتماعية، بما في ذلك الضمان الاجتماعي، وكفالة العاطلين عن العمل، فبالنسبة لبعض الأسر صار هناك جيل ثالث بل ورابع من متلقي الضمان الاجتماعي، وهم يطرحون السؤال التالي: "من خلال تلك البرامج، هل تقوم الحكومة بتحفيز بذل الجهد والمبادرة الفرديين، أم أنها تكبتهما؟ أهي ببرامجها تعيق الناس، أم تساعدهم على تحمل المسئولية بنسبة 100% عن حياتهم في كل وجوهها؟ "، ولكن من الواضح أن حكومة كبرى لا تستحق كل هذا اللوم وحدها.
تقول السجلات العالمية ...
تقول السجلات العالمية أن الجريمة متفشية، وتتزايد في كل مكان بالعالم. وليس هذا مقصوراً على الدول الفقيرة والمتخلفة حيث الجهل والجوع والفقر هي نمط الحياة. فالحقيقة إن تفشي الجريمة، والانهيار الأخلاقي يجري على نطاق واسع في دول حيث التعليم، الرخاء، والفترة أكثر شيوعاً. وتعتبر الولايات المتحدة بوجه عام أكثر دول العالم رخاء بين الدول الرأسمالية، ومع ذلك فإن جميع سجونها ممتلئة عن آخرها. ولا يمكن بناء سجون جديدة بالسرعة الكافية لاستيعاب جميع الوافدين الجدد. يتحتم على السطات أن تطرد النزلاء قبل إتمام فترات سجنهم إلى الخارج من الباب الخلفي؛ حتى تسمح لآخرين بالدخول من الباب الأمامي. واليوم هناك روج تزهق بلا جريرة كل 22 دقيقة في الولايات المتحدة. والسؤال الذي لابد من طرحه هو: لماذا يسود هذا الانهيار الأخلاقي والاستهانة بالقانون والنظام؛ بالرغم من أن الناس لن يجنوا الكثير من وراء ذلك؟ وما هي بعض الحلول الممكنة للمشكلة بحيث يكون لها فعالية؟
إن أحد أضخم الأنشطة على الصناعية على الأرض تتمحور حول صناعة الأسلحة التي يقصد منها حمايتنا من بعضنا البعض. من الواضح أن أهم عدو لنا هو نحن أنفسنا! وشغلنا الشاغل هو الأمان والحماية: أي أن تمنع كلا منا من الوصول إلى عنق الآخر. تركز معظم عناوين صحف اليوم على جماعة، أو أخرى من الأشخاص في موضع ما من العالم مصممة على هزيمة جار لها ــ بل وتحاول أن تمحوه محواً من على وجه الأرض.
أن تضحك بوفرة معظم الوقت؛
وأن تكسب احترام الأشخاص المستنيرين
وتكسب تعاطف الأطفال؛ أن
تفوز بتقدير النقاد المخلصين وأن
تتحمل خيانة الأصدقاء المزيفين؛
وأن تبجل الجمال؛
وأن تعثر على ما أفضل في الأخرين؛
وأن تترك العالم وراءك وهو
أفضل قليلا، سواء كان ذلك
من خلال طفل سعيد، أو حديقة صغيرة
أو ظروف اجتماعية جيدة؛
وأن تعلم أن روحاً واحدة صارت
حياتها أيسر بفضل وجودك،
هذا هو معنى النجاح.
"رالف والدو إيمرسون"
شاعر، فيلسوفو كاتب مقال أمريكي
(1882.1803)