هل سبق أن اصطدمت قدمك بصخرة ثم ألحقت الضرر بها أكثر، بضربك لهذه الصخرة ؟ أو حدث أن وقفت واصطدمت رأسك بباب الخزانة ثم ازداد الأمر سوءا بإصابة يدك عندما صفعت هذا الباب المسيء ؟ حسنا، فذلك يحدث للكتاب أيضا !
فذات يوم أصيب كاتب صديق لي بالإحباط الشديد عندما عجز عن قول ما يريد قوله ، بالطريقة التي يريد التعبير بها، لدرجة أنه في النهاية نهض بامتعاض وضرب الحائط ! وقد أدى ذلك إلى كسر اثنين من أصابعه ، فضلا عن إتلافه جزءا من ورق الحائط، وانتهى الأمر به إلى وضع يده في الجبيرة لستة أسابيع ، فالكاتب الذي يعجز عن الكتابة بشبه صيادا بلا بندقية أو صياد سمك دون أدوات صيد.
وتكمن المشكلة ، بالطبع، في الصمت التام الذي يتمتع به كل من الصخرة وباب الخزانة؛ فهما لا يستطيعان الحديث أو إخبارك عن كيفية حدوث ذلك . لا يهم عدد مرات غضبك أو ضربك أو لعنك لهما ، فهما لا يتحدثان ، وكلما زاد هدوءهما ، زاد غضبك.
إنك تستطيع استخدام سياسة الصخرة مع متحديك . فبكل بساطة ، تجاهله، فالعديد من حالات الطلاق تحدث نتيجة نقص الاهتمام أكثر من الخيانة كما أنه لا يوجد من يحب أن يكون عرضة للتجاهل.
وبعد عدم الاكتراث بالآخر من أفضل الأسلحة التي استخدمت للتقليل من قيمة الشخص . ويستخدم هذا السلاح الموظفين والمساعدين والعملاء ، وكذلك من يعملون على خدمتك في المطاعم والحانات والفنادق، فلقد تم استبدال مضيف عربة الطعام في قطار الأمس ، بمضيفي خطوط الطيران في طائرة اليوم ، وهم جميعا خبراء في تهدئة الأشخاص المتهورين وردهم إلى أماكنهم بالأسلوب البسيط ألا وهو تجاهلهم .
وأنت تستطيع عمل الشيء نفسه ، فتعلم منهم ؛ حيث تستطيع كبح جماح معارضك اللدود بتجاهله ، فببساطة لا تعر اهتماما لمطالبه أو أرائه أو أوامره أو تهديداته أو رغباته . فعلى سبيل المثال ، انتبه إلى رئيس المجلس في الاجتماع المقبل لمجلس المدينة تجده يتجنب بحرص الوقوف ضد مسبب المشاكل كثير المضايقات وقائد الهجمات وزعيم الدهماء ، فإذا أجاد القيام بعمله التمهيدي، فسيصبح له شركاء منتشرون في طاقم العمل ولديهم من الأسئلة ما يكفي لطرحها طوال الوقت .
فمثلا ، عندما يقوم القنفذ بتكوير نفسه على هيئة كرة ، لا يستطيع الثعلب أو ذئب شمال أمريكا إلحاق الأذى به ، وبالتالي فكل هجماتهما تذهب هباء . وفي النهاية ، يستسلم المهاجم على مضض ويذهب بعيدا.
ويقول روبرت سکوت سميث ، ناظر مدرسة ثانوية : دائما ما أحاول كسب الوقت بعدم الانتباه لهؤلاء ، فلقد بلغت من العمر ما يجعلني أرتدى سماعات للاذن على الرغم من عدم احتياجي لها ، فسمعی ممتاز .
لكن المعلمين يجهلون ذلك ، فعندما يأتون إلى مكتبی صائحين بصوت عال وشاكين من بعض العمل الإضافي أو من عبء العمل الثقيل أو من أحد المدرسين غير المتعاونين أو من طالب مشاكس ، فعليهم الانتظار حتى أضع سماعة الأذن لأتمكن من الإنصات.
وبالطبع فإنني أسمع كل ما يقولونه ، ولكن التظاهر بوضع سماعة الأذن يمنحني الفرصة لأطلب منهم إعادة السؤال أو المشكلة إذا أردت المزيد من الوقت للتفكير في الإجابة ، وعندما يتحتم عليهم الجلوس، وإعادة قول كل شيء مرة أخرى، قد يصل الأمر إلى مرتين ، فهذا، يسهم في تهدئتهم، وفي بعض الأحيان يكتشفون بأنفسهم أنهم مخطئون قبل أن أنطق بأي شيء ، ولكن في غضون ذلك ، تكون قد سنحت لي الفرصة لاستحضار إجابة عن سؤالهم في عقلی.
وكنت قد شارفت على الأربعين قبل أن أدرك أن والدي كان دائما يستخدم نفس الأسلوب مع الجميع بمن فيهم أبناؤه حيث كان يسمع دائما ما يريد سماعه.
