إننا نجد أنه من الصعب علينا تغيير مستوى وعينا الحالي لأن:

  1. ما نتصوره ونتخيله في عقولنا يقوم على ما نعتقد الآن أنه حقيقة، بغض النظر عن مدى ما قد يكون عليه من خطأ أو تشوه. إن عقولنا تتحكم في أفعالنا وردود أفعالنا.
  2. من السهل تقديم الأعذار أو كما نفضل أن نسميها "الأسباب المنطقية" لعدم ضرورة التغيير، أو حتى عدم إمكانيته.
  3. إننا نبحث فقط عن تلك الخبرات والتجارب التي تدعم قيمنا الحالية ونتجنب، أو نقاوم، أو إذا لزم الأمر-نرفض بقوة تلك القيم التي لا تنسجم مع معتقداتنا الحالية.
  4. لقد قمنا بصنع وبرمجة الاستجابات الخاطئة في عقولنا الواعية وأجهزتنا العصبية المركزية لمواقف الحياة مما يجعلنا نستجيب بالطريقة التي تمت برمجتنا بها. وبعبارة أخرى، إننا نستجيب للطريقة التي تكيفنا بها على الشعور والتصرف. وهذا "النظام" من صنع أنفسنا ونحن فقط من يستطيع تغيير أنماطه الأساسية.

    عقلياً، قد نتفق على أن هناك أشياء في حياتنا ينبغي علينا تغييرها، ولكننا دائما تقريبا ما نشعر بأن موقفنا مختلف عن موقف أي شخص آخر. وهذا يجعلنا نتجنب، ونقاوم، ونرفض بقوة -إذا لزم الأمر-أي فكرة تهدد معتقداتنا. خذ على سبيل المثال مدمن الكحوليات. من وجهة نظر هذا الشخص في الحياة، يبدو من المنطقي أن                  يستمر في شرب الكحوليات. ومدمن المخدرات، ومدمن المقامرة، ومدمن الطعام جميعهم يشعرون بنفس الشيء تجاه إدمانهم. إنهم يكسبون تصرفاتهم صفة المنطقية بناءً على مستوى وعيهم الحالي، بغض النظر عن مدى خطئه.

إن العائق الرئيسي أمام تغییر وعينا هو أننا نرفض إدراك أن "حقائقنا الخاطئة" قد شوهت وحرفت إدراكنا. ولهذا السبب، من المهم أن نراجع ونفحص معتقداتنا، بين الحين والآخر، لنرى ما إذا كنا نعمل انطلاقاً من وجهة نظر خاطئة.

إن معتقدات الإنسان صاحب الشخصية الطبيعية، الصحية تمر بعملية مستمرة من إعادة التنظيم، ولكن صاحب الشخصية العصابية يتشبث بمعتقداته، برغم أنها قد تكون خاطئة ومشوهة. وعادة ما تكون الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يتغير بها الشخص العصابي هي أن يواجه أزمة كبرى تجبره على تغيير أنماط عاداته القديمة المحبطة للذات.

    إذا كان عقلك قد تم برمجته أو تكييفه لقبول أفكار، ومفاهيم، وقيم خاطئة ومشوهة، فإنك حينها تقوم بصنع أسلوب حياة يبرر ويثبت هذه الأفكار والقيم. إنك تفترض أن شيئاً ما صحيح، على الرغم من أنه خاطئ... ومن ثم، وبحثاً عن إثبات أنك على صواب، فإنك تقوم بجمع وصنع الحقائق المناسبة. تصبح مثل كلب يطارد ذيله. ويؤدي بك الاعتقاد الزائف إلى آخر حتى تصل في النهاية إلى عدم القدرة على أداء وظائفك بشكل عقلاني منطقي.