يتعلق بهذا
كل إنسان يتم تنويمه مغناطيسياً بدرجة ما سواء بواسطة الأفكار التي قبلها من الآخرين، أو الأفكار التي أقنع نفسه بأنها صحيحة، تلك الأفكار تؤثر على سلوكه نفس التأثير الذي تتركه الأفكار التي يتم غرسها في عقل شخص منوم مغناطيسياً بواسطة المنوم المغناطيسي بالضبط.
على مر السنين، قمت بتنويم مئات الناس تنويماً مغناطيسياً بغرض توضيح قوة وتأثير الإيحاء والخيال. ولكي أوضح مقصدي بأفضل شكل ممكن، دعوني أشرح ما يحدث عندما يكون الإنسان خاضعاً للتنويم المغناطيسي.
إنني أخبر سيدة ما واقعة تحت تأثير التنويم المغناطيسي أنها لا تستطيع أن ترفع القلم الذي وضعته أنا على المنضدة. والمدهش أنها تجد نفسها غير قادرة
على القيام بهذا الفعل البسيط. ليس الأمر هو أنها لم تحاول إمساك القلم؛ فهي تكافح وتجاهد -بشكل يبدو مسلياً للجمهور ولكنها ببساطة لا تستطيع رفع القلم. فمن ناحية، هي تحاول القيام بهذا الإجراء من خلال جهد إرادي ومن خلال استخدام عضلات جسدها. ولكن من ناحية أخرى، يتسبب الإيحاء المتمثل في عبارتي "إنك لا تستطيعين رفع القلم" في أن يعتقد عقلها يقينا أن هذا مستحيل. هنا نجد أن القوة الجسدية تعادلها قوة ذهنية. إنها حالة من حالات قوة الإرادة في مقابل الخيال. وعندما يحدث هذا، دائماً ما ينتصر الخيال في تلك المواجهة.
كثير من الناس يعتقدون أنهم يستطيعون تغییر حياتهم بواسطة قوة الإرادة وحدها. وهذا ليس صحيحاً. فالأفكار السلبية في الخيال تجعل مثل هؤلاء الناس يحبطون أنفسهم. فبغض النظر عن الجهد الذي يبذلونه في المحاولة، فإنه جهد عبثي لا طائل من ورائه. هؤلاء الأشخاص تقبلوا اعتقاد خاطئ وتعاملوا معه كما لو كان حقيقة. إن كل قدراتهم، ونواياهم الحسنة، وجهودهم، وقوة إرادتهم لا تجدي نفعاً في مواجهة الاعتقاد الخاطئ القوي والمؤثر الذي تقبلوه على أنه حقيقة.
وبنفس الطريقة، أثبت بسرعة للجمهور أنه ما من حد لما يستطيع الإنسان أو لا يستطيع القيام به عندما يكون في حالة نوم مغناطيسي لأن قوة الخيال لا حدود لها. بالنسبة للمراقبين، أبدو وكأنني أمتلك قوة سحرية لجعل تلك السيدة قادرة ومستعدة للقيام بأشياء لم تكن تستطيع القيام بها أو ما كانت لتقوم بها في الأحوال العادية. وبالطبع فإن الحقيقة هي أن تلك القدرة على القيام بالأشياء موجودة بشكل أصيل داخل عميلتي المنومة مغناطيسياً. وبدون إدراك تلك القدرة، تنوم العميلة نفسها مغناطيسية بشكل يجعلها تعتقد أنها تستطيع، أو لا تستطيع القيام بتلك الأشياء. وما من أحد يمكن تنويمه مغناطيسياً دون إرادته لأن كل شخص يشارك في عملية التنويم المغناطيسي بنفسه، والنوم المغناطيسي ليس أكثر من مجرد مرشد يساعد الشخص المنوم على التعجيل بحدوث الظاهرة.
لقد قمت بهذا العرض البسيط لعملية التنويم المغناطيسي لأوضح مبدأ نفسياً مهما قد يكون ذا قيمة عظيمة لك. ونفس هذا المبدأ يزداد وضوحاً بقوة في العملية التعليمية الحديثة حيث يعلم الطالب نفسه في واقع الأمر مع مساعدة ماهرة من جانب المعلم. وهو واضح بشكل أكبر. كثيراً في فنون العلاج حيث يعالج المريض جسده بنفسه
تحت إشراف وتوجيه مهني من جانب ممارس مؤهل لفنون العلاج.
وبمجرد أن يؤمن الإنسان بأن شيئاً ما صحيح (سواء كان صحيحاً بالفعل أو لم يكن)، فإنه حينها يتصرف كما لو كان هذا الشيء صحيحاً بالفعل. إنه يسعى بشكل غريزي لجمع الحقائق التي تدعم اعتقاده بغض النظر عن مدى زيف هذه الحقائق. ولن يكون أحد قادراً على إقناعه بالعكس ما لم يكن هو نفسه قد أصبح مستعداً للتغيير من خلال الدراسة أو الخبرة الشخصية. ومن هنا، من السهل أن ترى أنه إذا تقبل الإنسان شيئاً ليس صحيحاً، فإن جميع تصرفاته وأفعاله وردود أفعاله التالية ستكون قائمة على اعتقاد خاطئ.
تلك ليست فكرة جديدة. فمنذ بدء الخليقة، كان كل من الرجال والنساء في حالة من النوم المغناطيسي لم يكونوا واعين لها، ولكن أدركها الأساتذة والمفكرون العظماء عبر القرون. هؤلاء أدركوا أن البشرية تقيد نفسها من خلال "حقائقها الخاطئة" وحاولوا إيقاظنا وجذب انتباهنا إلى قدرتنا على أن نكون عظماء، تلك القدرة التي تتجاوز كثيراً أي شيء يمكننا بحال تخيله.
لذا، فمن الأهمية البالغة ألا تفترض أنك مستيقظ ومدرك لحقيقة ذاتك. وبعبارة أخرى، ينبغي ألا تفترض أن ما تعتنقه الآن كحقيقة هو، في واقع الأمر، الحقيقة بالفعل. وبدلاً من ذلك، ينبغي أن تتقدم وأنت تحمل فكرة أنك حاليا منوم مغناطيسية بواسطة معتقدات، وأفكار، ومفاهيم، وقيم خاطئة زائفة تمنعك من التعبير عن قدراتك وإمكانياتك الحقيقية.
ويمكن القول بمكر عند هذه النقطة إنك أنت وأنا في الأساس نتيجة لما كان يقال لنا وما تعلمناه، وما كان يروج لنا وما اشتريناه، وما يتم إقناعنا به وما اقتنعنا به.
إن الشخص العادي لا يقترب أبداً من الوصول إلى قدراته غير المحدودة لأنه يعيش في ظل الافتراض الخاطئ بأنه يعرف الحقيقة بالفعل. إنه يصدق ما أخبره به والداه، وما علمه إياه معلموه، وما قرأه، وما سمعه من الناس دون أن يثبته لنفسه بالفعل.
ملايين وملايين من الناس اتبعوا كالعميان الخطب البليغة لأولئك الذين يدعون أنهم "عالمين ومطلعين" دون أن يتأكدوا من أن المبادئ التي يعرضها هؤلاء "الخبراء" تثبت أمام حقائق الحياة. وهم يقيدون أنفسهم أكثر عن طريق اعتناق تلك الأفكار، والمفاهيم، والقيم، والمعتقدات حتى بعد أن يكونوا قد تطوروا بما يجعلهم يتجاوزونها. ومن حسن الحظ أن شيئاً ما أو شخصاً ما أثار اهتمامك بتجاوز مستوى وعيك الحالي، وهو الأمر الذي يشتمل على اكتشاف وتطوير الثقة التامة بالنفس.
إن مهمتك الأولى هي أن تستيقظ من حالة النوم المغناطيسي التي تمنعك حالياً من أن تكون الشخص الذي ترغب في أن تكونه. اقرأ العبارة التالية:
الدرجة التي تحققها من اليقظة تتوقف بشكل مباشر على قدر الحقيقة الذي يمكنك قبوله عن نفسك.
الآن اقرأها مرة أخرى! هذا هو الأساس الذي يحدد إلى أي حد ستكون قادراً على تغيير حياتك. "تعرف على الحقيقة، وسوف تحررك"
العديد من الأفكار والمفاهيم الواردة في هذا الكتاب ستكون معارضة تماما لما تعتنقه الآن كحقيقة. وبعضها قد يبدو غريباً وغير مألوف أو غير منطقي وستتناقض مع نظام معتقداتك. سيكون لديك خيار إما أن تكتشف أنها صحيحة، وإما أن تقاومها. والخيار لك. ويعيدنا هذا إلى ما قلناه من قبل: سوف تتغير حياتك بشكل يتفق تماماً مع قدر الحقيقة الذي يمكنك قبوله عن نفسك.
إذا كنت صادقاً ومخلصاً في رغبتك في تغيير حياتك وزيادة ثقتك بنفسك، ينبغي أن يكون لديك عقل منفتح. إنني لا أريدك ولا أتوقع منك أن تقبل أي شيء تقرؤه في هذا الكتاب على أنه صحيح لمجرد أنني أقول إنه صحيح. فإذا فعلت ذلك، فإنك لن تستفيد كثيراً مما تقرؤه. ينبغي أن تجرب المبادئ بنفسك. إن الإيمان والأمان الداخلي الذي ينبع من إثباتك لنفسك بغرض الاقتناع أن ما نعرضه عليك على أنه حقيقة هو في واقع الأمر الحقيقة بالفعل -هو الأساس الذي يمكنك بناء شخصية ديناميكية واثقة عليه.
لكي تشيد بناءً "فعالاً" جديدة على موقع يقوم عليه بناء قديم "غير فعال"، عليك أولاً أن تزيل البناء القديم. وينبغي أن يتم هذا عن طريق تحطيم "الحقائق الخاطئة" التي كانت تعوقك عن تجسيد الحياة الوافرة، الصحية، المفيدة، غير المحدودة التي ترغبها. وهذا هو جوهر هذا الكتاب في الأساس.