واحدة من أسرع وأسهل الطرق لاكتساب السلطة المطلقة مع الأشخاص أن تستمع إلى مشاكلهم وكلك آذان صاغية ؛ لكي تصبح مستمعا جيدا ، فإنك ستحتاج إلى أن تتعلم أن تستمع إلى الشخص بكل كيانك ، أن تترك نفسك جانبا وأن تتحلى بالصبر ، وأن تهتم فعلا به . هيا بنا نناقش كل نقطة على حدة :
- تعلم أن تستمع بكل كيانك. إنني أعرف أنه ليس هناك طريقة لإلحاق الإهانة بشخص آخر أو جرح مشاعره أسرع من أن تقاطعه في الحديث عندما يحاول أن يخبرك بشيء ما. هل سبق وأن فعل أحد هذا معك ؟ هل سبق وأن حاولت أن تخبر مديرك شينة خاصة بك ولم تجد منه غير الإهمال ، أو ابتعد عنك ، أو تعجلك في أن تنهي له الموضوع ؟ لقد حدث ذلك لي ، وإنني متأكد أنه حدث لك أيضا، إنك تعرف عندما لا يستمع شخص إليك كيف يمكن أن يؤلمك هذا بشكل عميق ، لذا فلا داعي لأن ترتكب مثل هذا السلوك بنفسك .
إذا كان لديك أطفال ؛ فعليك أن تدرك أنهم يشعرون بنفس الشعور، عندما لا تبالی بهم ، وتتجاهلهم ، وترفض أن تستمع إليهم ، أو لا تعير أي اهتمام المشاكلهم.
يقول : روى إليس، عالم نفس إكلينيكي ، عن أهمية الاستماع للآخرين : (إننا نجد في العيادة أن المحاور الذي يحصل على نتائج أكيدة هو الشخص الذي يتقن فن الانتباه إلى المريض والاستماع بتعمق إلى مشاكله) والسبب في ذلك واضح للغاية ، لا يهم أن يكون الشخص شابا أو عجوزا ، سعيدا أو تعسا ، غنيا أو فقيرا ، فكل واحد يستحق الاهتمام ، فجميع الأفراد يحتاجون إلى شخص يستمع إلى ما يريدون قوله.
فقد أحضر زوجان لي حديثا فتاة في الخامسة عشرة من عمرها . قد هربت هذه الفتاة من المنزل ، وأنزلها والداها في مركز للأحداث المعاقين لمدة أسبوع وقاما بتهديدها بأن يرسلاها إلى إصلاحية الفتيات حتى تبلغ سن السابعة عشرة إذا لم ينصلح شأنها ، لكن قاضي محكمة الأحداث أراد مني أن أتحدث مع والدي الفتاة أولا قبل أن يصدر قراره الأخير.
شكت الأم لى (لقد وهبناها كل شيء ولا أعرف ماذا يحدث معها حيث إنها لم تعد تستمع إلى أي شيء نقوله لهاء).
ولكني عندما تحدثت إلى الفتاة ، فقد سمعت قصة مختلفة تماما . قالت الفتاة : لا يهتم والدی بی ، ولا نقوم بأداء أي شيء معا ، ولا تنظر أمي إلى عندما أتحدث إليها ، فهي تداوم على قراءة المجلة أو مشاهدة التلفاز ، أما والدي فهو دائما ما يزجرني عندما أطلب منه مالا أو ملابس، لكن لا يستمع أبدا إلى عندما أحاول أن أفسر له أي شيء ، إنه يقول فقط إنه لا يهتم بذلك ولا يريد مني أن أسبب له إزعاجا .
وقد أخبرت والديها أنه لابد من الاهتمام قليلا بابنتهما وأن يبدأ في الاستماع إليها لكي يساعداها في حل مشاكلها . الحمد لله أنها قد قاما بذلك وأصبحت الأمور أفضل مما كانت عليه بالنسبة لهم .
عندما لا تستمع إلى شخص ما فإنك ترفضه ، لكن عندما تسمعه تتقبله . فالرفض يؤلم ، والقبول يداوي هذا الألم .
عندما تستمع إلى الشخص بكل كيانك ، عليك أن تترك جانبا كل اهتماماتك، ومتعتك والشغل الشاغل الخاص بك ، على الأقل في الوقت الذي تكون فيه مع المتحدث. في هذه اللحظات القليلة معه ، لابد وأن تركز كل اهتمامك بنسبة 100 % وأن تستمع إليه بشكل أعمق . لابد أن تستمع بكل ما تستطيع من وعي وتركيز ، و لكي تتمكن من القيام بذلك لابد لك من :
- أن لا تفكر في نفسك نهائيا. إذا أردت استخدام هذا الأسلوب بنجاح، عليك أن تجبر ذاتك أن تبتعد قليلا وأن تسمح للذات الأخرى أن تجد مكانها بدلا منها .
إنه ليس بالشيء اليسير بالنسبة لمعظم الأفراد، خاصة في البداية، حيث لا يهتم معظمنا بشيء سوى نفسه في غالب الوقت .. بالنسبة لي ، أنا مركز كل شيء ويدور العالم حولي. لكن على قدر اهتمامك بشيء ، فإنك مركز كل شيء والعالم يدور حولك . يسعى كل واحد منا تقريبا ليكون مركز الجذب بالنسبة للآخرين، ونقضي العديد من لحظات اليقظة لدينا في المحاولة لكسب مكانة ما من أي نوع.
لكن إذا أردت أن تكتسب سلطة مطلقة في التعامل مع الآخرين، فهذا بالضبط ما يجب عليك أن لا تقوم به؛ فلابد لك أن تقوم بتدريب ذاتك المتعطشة دائمة للاهتمام بأن تتراجع للخلف من باب التغيير. أن تتوقف عن محاولة أن تكون في دائرة الضوء وتسمح لهذا الضوء أن يسقط على الذات الأخرى ولو لبرهة من الوقت .
هل سيكلفك هذا الكثير بأن لا تفكر في نفسك طويلا حتى تستمع إلى الشخص الآخر ؟ يقول بيرت ويلر ، مؤسس ورئيس مجموعة أسواق ويلر للتخفيض: (إنني وجدت أنه إذا كان بإمكاني أن أنسى نفسي ، ومرکزی ، والأهمية التي أعطيها لنفسى لفترة أطول تكفي لأن أستمع إلى بعض المستخدمين ، فإنني أستطيع أن أحصل على الكثير من الأفكار الجديدة الجيدة ) يقول بيرت (لكني لا أستطيع أن أتعلم شيئا من هؤلاء ، إذا كنت مهتمة أكثر بمركزی ، ومن وماذا أكون أكثر من الذي يريدون هم أن يخبروني به).
(فعلى سبيل المثال ، أستطيع أن أفكر في جميع أنواع التوصيات التي فشلت أن أقبلها في الماضي، فقط لأنني اعتقدت أن لدي من القوة والمكانة ما يجعلاني لا أستمع إلى الصراف أو موظف الحسابات).
(اليوم أعرف جيدا أنني قد تعلمت أن جميع الأنواع من الأفكار الجيدة يمكن أن أتوصل إليها من خلال الأفراد الذين يؤدون بالفعل العمل، لأنهم يعلمون كثيرا عن وظائفهم أكثر من أي فرد أخر ، فكل ما أحتاج إليه هو أن لا أفكر في نفسی لفترة تكفي أن أستمع إلى الآخرين).
- ممارسة الصبر. إنني أعرف أنه ليس بالشيء اليسير أن تكون صبورة عندما تكون في عجلة من أمرك وأمام إصرار شخص أخر بأن يخبرك بتفاصيل كل دقيقة له . لقد كان المستخدم، الذي اعتاد أن يعمل معی، من هذا النوع ؛ حيث إنه تقريبا دفعني أحيانا إلى الحائط ، وشعرت كأنني أصل إلى فمه وأسحب منه الكلمات لينهى حديثه بسرعة ، لكني عندما كنت صبورا معه حتى ينتهي من حديثه فإنني عادة ما كنت أحصل على مكاسب كبيرة من حيث الأفكار السديدة والمنطقية لديه وهذا لا يمنع أن هناك مرات كان على أن أستمع فيها إلى هراء ، لكن الحق يقال فقد فاقت أفكاره الجيدة أفكاره العقيمة بشكل كبير.
يقول جوردن فريمان ، مهندس تصميمات : (يمكنك أحيانا أن تنتهي سريعا من هذه العملية بأن تطلب من الشخص أن يقدم لك ملخصا شفويا مختصرا وأن يكتب التفاصيل الدقيقة ، لكن ليس هذا ممكنا ا، لذلك فإذا أردت أن لا تقوم بمخاطرة فقد شيء حقیقی مهم وذي قيمة ، فعليك ببساطة أن تطور من ممارسة الصبر لأن تستمع إلى الشخص).
إحدى الطرق الجيدة لممارسة الصبر هو ألا تنقد وألا تصدر حكما متسرعا مهما كان عامل الوقت لا يساعدك ، فمن الأفضل لك دائما أن تتمهل أولا قبل أن تطرح رأيا، وخصوصا إن كان هذا الرأي الذي يمكن أن يدمر ذات ، أو كرامة واحترام الشخص الآخر ، فالنقد العقيم لم يعد الطريقة المناسبة لتحقيق السلطة المطلقة في التعامل مع أي فرد .
الصبر لعدة مرات يعتبر ببساطة مجرد انتظار وترقب واستماع ومساندة إلى أن يتوصل الفرد الذي تحاول أن تساعده إلى حل لمشكلته .
- الاهتمام بالآخرين . لماذا تنجح مؤسسة (الكهوليكس أنونيموس) ، في مساعدة الأفراد عندما تفشل الطرق التقليدية الأخرى ؟ لأن الأفراد في المؤسسة يتعلمون أن يستمعوا بكل كيانهم إلى الأفراد الذين في حاجة إلى مساعدة ، إنهم لا يفكرون في أنفسهم نهائيا من أجل خدمة الآخرين ، إنهم يتمتعون بالصبر والتفاهم - إنهم لم يقوموا بالنقد أبدا .
فالاكثر من ذلك ، أنهم يهتمون بشكل كبير بمصلحة أقرانهم الآدميين ، ونتيجة لذلك ، فإنهم قادرون على تحقيق قوة جماعية تصنع المعجزات للشخص الذي بحاجة إلى مساعدة متخصصة .
إذا كنت تشعر بأنك تستطيع أن تحقق سلطة مطلقة في التعامل مع الآخرين على حساب الشخص الآخر ودون اهتمامك بهذا الفرد ومصلحته ؛ فدعني أخبرك مباشرة الآن أنك مخطىء بشكل كبير . لابد وأن يستفيد الأخرون من سلطتك المطلقة أيضا وإلا لن تنجح هذه السلطة بالنسبة لك.
لذا لابد وأن تهتم بشكل أعمق بالآخرين قبل أن تتوقع حصولك على السلطة المطلقة عليهم ، لا فائدة من الاستماع إلى شخص ، وعدم التفكير في النفس ، وممارسة الصبر، إذا لم يكن هناك اهتمام حقیقی بالشخص ومصلحته الشخصية .
يعتبر الاهتمام بالآخرين هوالأساس الرئيسي لجميع العلاقات البشرية العميقة والباقية ، إنها محور جميع الصداقات والطريق الحقيقي للسلطة المطلقة في التعامل مع الآخرين .