استخدم الخوف كأداة قوة، أي كأداة مساعدة، وليس کشیء يجب تجنبه. من الممكن التحكم بالخوف، وتوجيهه من أجل نتائج إيجابية إذا تعلمنا المزيد حول أصوله وسماته.
بداخل البشر استجابة بيولوجية لا انفصام لها عنهم إزاء الخطر المدرك. وتسمى استجابة " الكر أو الفر" عند أجدادنا من سكان الكهوف، ممن استطاعوا أن يركضوا أسرع، ويحاربوا بقوة أكبر، وهم من استطاعوا مواصلة الحياة، لقد استخدموا الخوف کأداة قوة حتى يبقوا أحياء، ولقد ورثنا عنهم تركيبتهم الوراثية.
عندما تشعر أجسادنا بالخوف، فإن الأدرينالين، والجلوكوز، ومواد كيماوية أخرى تنطلق في مجرى الدم لكي تدعم استجابة الفر والكر؛ بحيث نحصل على دفعة إضافية من الطاقة، تصير حواسنا أكثر حدة، وتصبح عقولنا أكثر يقظة، ونستطيع التركيز بدرجة أفضل، وعلى الرغم من ذلك، فإن معظم المخاوف التي نوجهها في حياتنا اليومية هي تهديدات مدركة. فهي ليست تهديدات حقيقية على الإطلاق. وكأمثلة: الخوف من المرتفعات، ومن الصاعد، ومن التحدث على الملأ، ومن الثعابين أو السفر جوا، وكما يقال أغلب المخاوف ما هي إلا أدلة زائفة تظهر كمخاطر حقيقية. لا يوجد الخوف إلا في عقولنا، ولكنه غالبا ما يفلح في بث الرعب والرهبة في نفوسنا، وأن يشحذنا، وكل تلك المنافع العاطفية والبدنية القيمة يتم إهدارها.
والحيلة هي استخدام الخوف كأداة للقوة، والنظر إليه كصديق، وليس كعدو، في مساعدتنا للحصول على ما ننشد، وبهذا النحو يمكننا أن نجد المزيد من الطاقة، وحواسا أكثر حدة مما نحتاج لكي ننفذ المهمة، والتحدي الذي أمامنا، مثل التحدث على الملأ. إننا ببساطة -نقلب المنضدة " على الخوف، ونستخدمه لصالحنا.
إننا نتعثر معظم
الوقت بقوى
خلقناها بأيدينا.
ويليام شكسبير"
شاعر ومسرحي إنجليزي
(1564-1616)
ثمة تفسير منطقي للظاهرة المعروفة ب " رعب المنصة ". فما يخافه الأشخاص حنا هو الإذلال والحرج اللذان يتبعان الإخفاق، ويستثير هذا التهديد الدرك بشكل تلقائي استجابة الفر أو الكر. تصير عضلاتنا متصلبة ونرتجف؛ يشحب لون وجوهنا؛ لأن الدماء تغيض عن البشرة بحيث لن ننزف حتى الموت إذا ما جرحنا وتبدأ قلوبنا في الخفقان لتعطينا المزيد من القوة. وفي الحين نفسه، تطلق غددنا الأدرينالين إلى مجری الدم لنصير أكثر يقظة، وتجف أفواهنا بحيث لا نغص مختنقين بلعابنا. وهكذا نرى أن جهازنا العصبي يقوم بكل ما نحتاج إليه ليساعدنا على النجاح أو الفشل، بناء على ما نختار أن يكون استجابتنا.
وفي سياق التحدث على الملأ، يمنحنا التوتر الحافة التي يمكن لها أن تصنع الفارق ما بين الأداء المتميز، والأداء المعقول، وسوف يشهد جميع الخطباء المحترفين والممثلين بأنهم ما كان لهم الوصول لمستوى الأداء الذين يقومون به إذا لم يكن رعب المنصة موجودا؛ ليرفعهم إلى مستوى أعلى من التوتر والشدة. ليس الهدف إذن هو التركيز على التوتر، أو الضغط في محاولة للتخلص منه، بل الهدف هو قبول الضغط، وتوجيهه بطريقة إيجابية لتحسين الأداء.
كيف تتغلب على الخوف؟
إذا كنت معرضا للمخاوف، وأنواع الإرهاب، أو هجمات الذعر من نوع أو آخر، فقد يساعدك ما يلي، ولكن يجب الحذر مع هذا، فلا يجب أن تكون هذه المعلومات بديلا عن النصيحة الطبية المتخصصة، بناء على درجة خطورة المشكلة المحددة التي تعانيها.
عند الدخول في أحد المواقف المخيفة، نميل إلى رؤية فقط ما نظن أننا سنراه، ومعظم المخاوف نتيجة للمنظور الخاطئ، والسبب في وجود الأفكار المخيفة من الأصل هو أن وعينا قاصر، ولا يرى إلا ما نأمره بأن يبحث عنه. مرة أخرى، إنها عملية منظور انتقائي هي ما تعمل هنا. والعلاج، بدلا من محاولة التخلص من شيء لا يوجد حقا على أي حال، هو توسيع نطاق وعينا من أجل رؤية بعض الأشياء التي نختار أن نتجاهلها.
إن السحر الكامن في الخيال،
والقوة التي يمنحها للمرء
لكي يحول عالمه إلى عالم جديد
من النظام والفرح،
يجعل الخيال أغلى الكنوز من
بين جميع قدرات الإنسان.
فرانك بارون "
عالم نفس أمريكي
لا يعد الخوف جزءا متأصلا في موقف بعينه، لكنه رد فعلنا الذهني على ظرف، أو موقف محدد، رد فعلنا على الصور التي نضعها في عقلنا. إذا تمنينا القضاء على الخوف لابد أن نكتسب المقدرة على رؤية الأمان، وعلى التحكم بتلك المواقف التي كنا نجدها فيما سبق مبعثا للخوف والتهديد، وإليك بعض الخطوات نحو هذا الهدف:
- أرخ جسدك (وبالتالي عقلك) وذلك بأن تتنفس تنفس بطيئة وعميقا ومتحكما به.
وشد وأرخ عضلاتك. كن منتبها انتباها حارا للهواء الذي يدخل أنفاسك ببطء. ويملأ رئتيك. ثم يخرج في زفير ببطء.
- انثر في رسائل كل الصور التي في عقلك بحيث لا يصير لها أي معنی مهما كان.
- أعد تأطير " الصور " التي لديك في عقلك لتصبح أي شيء آخر غير تلك التي كانت موجودة من قبل. مع الإبقاء على فكرة واحدة هي التركيز تماما على ما يجري في اللحظة الحاضرة -مثل تنفسك. أو ما يحدث من حولك. وفكرة أخرى هي الاحتفاظ بالأفكار السارة وحسب استدع الوداعة والسكون المشهد وجودك على الشاطئ وأخرى، وهي التركيز بشدة على. لا شيء! حاول إلغاء كل الأفكار من عقلك. بالطبع لا تستطيع القيام بهذا ولكن المحاولة ممتعة.
- قم بالتركيز بشدة على تلك الأفكار، والصور الجديدة حتى تصير " مفقودا " في وسطها.
- كرر الخطوات من 1 إلى 4 البينة أعلاه كلما دعت الضرورة.
إن فهم أصول الخوف، وطريقة التعامل معه ليس نتيجة لأي کشف علمي حدیث في علم النفس الحديث. " فإن ماركوس أيورلیوس (۱۲۱ -۱۸۰ م)، الفيلسوف الرواقي الذي كثيرا ما يستهدي به والإمبراطور الروماني، قال ذات مرة: " إذا أثقل عليك هم أي شان خارجي، فإن الألم لا يرجع إلى ذلك الشأن نفسه، ولكن يرجع إلى تقديرك له؛ وهذا لأن لديك القوة على اتباعه في أي وقت.
تذكر أنك لست محتاجا لقدر هائل من القوة لكي تتخلص من شيء ما، خصوصا إذا | كان شيئا ليس موجودا حقا في المقام الأول، وهكذا فلتختبر الفكرة المخيفة، ثم تخلص منها وكفى. لا تحاول إرغام الفكرة المخيفة على الذهاب عنك؛ لأنك إذا واصلت التركيز على ما لا تريده لن تنال إلا المزيد منه. ما عليك إلا التركيز على فكرة أخرى، فكرة أكثر سرورا، ومن اختيارك.
إن أول الانتصارات، وأهمها
هو الانتصار على الذات؛
أما أن تهزمنا أنفسنا فهذا من
بين أكثر الأشياء
جلبا للخزي والعار.
أفلاطون
فيلسوف إغريقي
(427-247 ق.م)
إن أغلبنا مثل ذبابة ترتطم بزجاج النافذة، كما أننا أسرى غرفة زجاجية تعرف بنطاق الأمان والراحة الخاص بنا، وإننا نحلق فيها صادمين رءوسنا في الجدران. نستطيع أن نرى الخارج، ونعلم ماذا نريد، وأين نريد أن نذهب، لكننا لا نستطيع اختراق الحدود غير المرئية. ينتهي بنا الحال منهكي القوى، مثل الذبابة، فقط بداخل النقطة التي تبدأ عندها حريتنا.
وحين نجد طريقة لاختراق حدود مخاوفنا، أي مخاوف لنا، فإننا نجد الحرية التامة، ونصير حقا على أهبة القفزة الكمية المستوى أدائنا، وعلى أهبة واقع جديد! ابق على الموجة. لقد بدأنا فقط توا!
إن الحقيقة، كل الحقيقة، تكمن
داخل الإنسان وليست في العالم المحيط به
أبدا. إن الذي يدرس العالم الخارجي للإنسان
يدرس الأثر، أما الذي يدرس عالمه الداخلي
فإنه يدرس السبب والمصدر الحقيقة الأشياء
كما هي في الواقع.
يو أس اندرسن
كتاب " THREE MAGIC WORDS"
أشعل حماستك!
جيم آبوت
ولد " جیم آبوت " في فلينت، بولاية ميتشجان بعام ۱۹۹۷ وليس لديه إلا إصبع إبهام بدلا من يده اليمنى. لكن هذا لم يمنعه من القيام بما أراد القيام به -أن يكون رياضيا محترفا. خلال طفولته، قضی جیم ساعات عديدة يسدد بالمضرب كرات البيسبول المتخيلة في عقله. وفي عمر الحادية عشرة، كان يمسك بالضرب في فريقه الصغير. " كان على القيام بهذا بيد واحدة؛ لأن هذا هو كل ما لدي " هكذا يقول حين يصف كيف كان يحرك قفازه للخلف والأمام بحيث يستطيع الإمساك بالكرة.
في مدرسة فلينت الثانوية، كان جيم ظهيرا خلفية لفريق كرة القدم ورئيس فريق البيسبول، وكلاعب بالمضرب لجامعة ميتشجان عام ۱۹۸۷، فاز بجائزة سوليفان لأفضل أمريكي رياضي غیر محترف، وفي عام ۱۹۸۸ قاد جيم فريق الولايات المتحدة الأمريكية للفوز بالميدالية الذهبية في أولمبياد صيف سيول، ثم في عام ۱۹۸۹، كان واحدا من لاعبي المضرب القلائل الذين توجهوا مباشرة من الجامعة إلى الفريق القومي للبيسبول حين كان عضوا في فريق كاليفورنيا أنجل. في عام 1993 انضم لفريق نيويورك يانكيز الأسطوري.
ما الذي كفل نجاح " جيم "؟ يقول: " لقد كنت محظوظا عندما كنت صغير السن؛ فإن كلا من مدربي ومعلمي وزملائي في الفريق ووالدي شجعوني. ولم يثبطوا من همتي أو يعوقوني ". ويشرح قائلا: إن والديه سمحا له بان يحلم بأي شيء." وبينما أصير أكبر سنا، كنت دائما أرى نفسي باعتباري لاعب بيسبول، ولم أفكر في نفسي قائلا :| يا للهول، ليس لدى إلا يد واحدة ". لقد ركز جيم على قدراته، وليس على إعاقته.
فما الذي حدث فيما بعد لهذا الرجل صاحب الكرة التي بلغت سرعتها 94 ميلا في الساعة؟ في ۲۹ مايو ۱۹۹۳، كان " جيم " من بين أسباب الهزيمة التي لحقت بفريقه حيث أخفق في إحدى ضرباته، فهل أحبطه هذا " الفشل "؟ حسنا، ما هي إلا أسابيع بعد ذلك وفي 4 سبتمبر، سدد جيم 4 رميات مقابل صفر لفريق كفلاند اندیانز. کیف يمكن تكرار هذا ؟! لم يتوقع أحد مستوى النجاح الذي بلغه " جيم ".
إنك تحدث اختلافا عندما تبذل شيئا ما من نفسك لمصلحة الآخرين. لقد أحدث " جیم آبوت " اختلافا؛ لقد جرؤ على أن يحلم أحلاما کبری، وفي هذه العملية، أشعل نفسه بالحماس!
لقد حاولت تغيير
حياتي ذات مرة. لم يفلح الأمر؛
فأقلعت عن المحاولة.
آرشی بانکر
من المسلسل الكوميدي الأمريكي
"ALL IN THE FAMILY"