التعلم من أخطائنا
وصلنا الآن للدور الذي يلعبه الفشل في تطور الإنسانية. إن الجنس البشري الذي يجوب أنحاء البسيطة اليوم مرت به أوقات عصيبة ليصل إلى ما وصل إليه. لقد ارتقينا جميعا من الإنسان البدائي الذي كافح للاستمرار، وتغلب على الأجناس الأخرى التي انقرضت. دعنا نتأمل بعض التحديات التي واجهت إنسان ما قبل التاريخ في حياته اليومية:
الجوع والمرض
وتقلبات الطقس العنيفة
وهجمات القبائل
والحيوانات المتوحشة
وهكذا بينما فشل بعض من البشر في التعايش نجحنا نحن، وذلك عن طريق:
- التكيف (الفراء كثياب والكهوف كملجأ وحماية)؛
- الابتكار (العظام والصخور للأدوات والأسلحة)؛
- التجريب (النيران؛ والزراعة، وتناول أطعمة مختلفة)
- التواصل (استخدام الصور، وإشارات العيد للتواصل، وإذا استطاع المرء إقناع الآخرين بالانضمام إليه فإن عدد الناجين كان يزيد).
كانت تلك الجماعة التي قامت بتلك الأمور وأمور أخرى هي من تغلبت على العقبات، وواصلت وجودها، ولقد اكتشف أعضاؤها بالتجربة والخطأ، ومارسوا ما أسميه بتركيبة النجاح الطبيعية التي توجد حتى يومنا هذا:
- قرر ما الذي نريده.
- اتخذ تحرکا تجاهه.
- قيم نتائجك (قرر ما الذي يجدي نفعا، وما لا يجدي).
- غير طريقتك.
- واصل التحرك ... في حالة تركيز نائمة على المحصلة المرغوبة.
تذكر ما هي الخطوات التي اتخذتها أنا وأنت بشكل طبيعي عندما كنا صغارا جدا، وأردنا أن نمشي، وأن نتكلم، وأن نأكل، وأن نرتدي ملابسنا، وأن نقرأ، وأن.
دائما ما يوجد النجاح
في طرف طريق طويل
مغطى بشذرات وأكوام
الإخفاقات العديدة.
" والتر ستابلس"
نكتب، وأن نركب الدراجة؛ ففي عمر الخامسة كنا نقوم بالعديد من هذه الأشياء، وإن لم يكن كلها. ولكن هل هناك أي شخص علمنا تلك الخطوات الخمس لعملية التعلم؟ بالطبع لا. فإننا نعرفها بالفطرة؛ لأنها جزء من إرثنا، وجزء من ماضينا السابق على التاريخ، ومن هذه العملية، نرى حقيقة واضحة من حقائق الحياة: الفشل جانب حيوي وضروري من عملية الإنجاز، لأنه من خلال التعلم من أخطائنا فإننا ننجح في نهاية الأمر فيما نرغب في القيام به على خير وجه أياً كان.
وهكذا فإن هناك تركيبة طبيعية للنجاح تعرفنا عليها من خلال تطور جنسنا البشرى. إنها معرفة لا واعية ترسخت تماما مثل غريزة البقاء، ولكن لماذا عندما نتقدم في العمر إذن، فإننا نتوقف عن الاستعانة بهذه التركيبة التي أتت أكلها على خير وجه بالنسبة لنا في صغرنا؟ هل يمكن أن يكون ذلك بسبب:
- الخوف من الفشل (لا أستطيع تحمل الألم المرتبط بالمزيد من الإخفاق)؟
- الخوف من النجاح (هل سيكون أي نجاح أحرزه في هذه الناحية متوافقة مع الصورة التي أنظر بها إلى نفسي حاليا)؟
- الرغبة اللاوعية في معاقبة المرء لذاته بسبب عدم الاستغلال الأمثل لإمكانياتنا كاملة (لا أعتقد أنني أستحق القيام بهذا الأمر على خير وجه)؟
وكلها أمور تعزى إلى تقدير الذات المتدني -أي إننا لا نعطى أنفسنا قيمتها بما يكفي. ويقول مبدأ الألم -المتعة: إن كل سلوك من سلوكياتنا إما أن يكون موجها لجلب متعة أو لتجنب ألم. فإذا حاولنا السعي وراء إحدى المتع لأدركنا أن هناك احتمالا لوجود ألم أعلى (الخوف من الفشل، ومن رفض الآخرين لنا، أو الإحراج)، فسوف نعود على أعقابنا إلى نقطة توازن الألم والمتعة. وبتعبير آخر، ليس هناك متعة عظمى، ولكن في الوقت نفسه، ليس هناك ألم عظيم. إننا جميعا نميل للبقاء في الأمان النسبي لنطاق الراحة الخاص بنا.
هناك مفارقة كبرى من مصطلح " النضج " لأننا حين ننضج، غالبا ما نصير أقل كفاءة في تعلم أشياء جديدة، وفي السعي وراء أمور جديدة، وفي القيام بأشياء جديدة. الاختيار؟ إن الاختيار الوحيد الذي أمامنا هو أن نقوم بشكل واع بما كان يعد في الماضي عملية لا واعية نحو النضج والاستقلال بالذات حين كنا أطفالا. لكي نكون قادرين على ذلك، لابد أن نعمل ببراعة على إحساسنا بذاتنا، والوصول لإجابتنا عن أول الأسئلة الجامعة وهو: " من أنا؟" وبشكل أكثر تحديدا، لابد أن نجد طرقا لنزيد من إحساسنا بقيمة ذاتنا بشكل كبير: أي مقدار تقييمنا، وتقديرنا لذاتنا.
بفكر الإنسان المتفوق
دائما في الفضيلة
. ويفكر الرجل العادي
في الراحة.
كونفيوشيوس
حكيم،
ومعلم صيني
(557-479 ق.م)
أشعل حماستك؟
مارك هيوز
نزلت المأساة بمنزل " مارك هيوز " في لوس أنجلوس عندما كان في عمر الثامنة عشرة وكانت البداية لتغيير كل ما بقي من حياته.
والقصة تبدأ قبل هذا ببضع سنين، فبعد أن أنجبت والدة " مارك " أطفالها وجدت وزنها يزيد 35 رطلا، وكانت مصممة على فقدان هذا الوزن، وأن تستعيد جسمها السابق. سعت والدته للحصول على العون من طبيبها الذي وصف لها أقراصا متنوعة كان من المفترض بها أن تأتي بالنتيجة المرغوبة. ولكن للأسف، فإن الأقراص كذلك وضعتها في أقصى حدود التوتر، وحرمتها النوم. ولمواجهة هذا، أوصى طبيبها بأقراص منومة. وسرعان ما صارت مدمنة للروتين اليومي من المنشطات والمثبطات، ثم قضت نحبها في عمر السادسة والثلاثين فقط.
وبعدها بفترة قصيرة، انتقل "مارك " ليعيش مع جذيه، وترك المدرسة بعد الانتهاء من الصف التاسع، ونتيجة لمشكلات والدته، كان قد نما بداخله اهتمام عارم بالحمية والتغذية، لكنه عمليا لم يكن يعرف أي شيء بهذا الشأن، وهكذا بدأ دراسة جادة اعتمادا على نفسه لصناعة الأغذية الصحية جميعها. وسرعان ما توصل إلى منتجات غذائية متنوعة وعالية الجودة مما طورتها وكالة ناسا من أجل رواد الفضاء المرتحلين في برنامج أبولو. وفي الوقت نفسه، صار خبيرا في العلاج بالأعشاب المستخدم في الصين على مدار آلاف السنين.
وبهذه المعرفة التي صارت في متناوله، قام " مارك " بتأسيس شركة هيربالیف إنترناشيونال في لوس أنجلوس عام ۱۹۸۰، وهي شركة تخصصت في المنتجات نفسها التي تمنى لو كانت متاحة لأمه عندما احتاجت إليها. وفي عامه الأول، كان إجمالي المبيعات ۲ مليون دولار، وحاليا فإن للشركة أكثر من 500 ألف موزع نشط في أكثر من 25 دولة في أنحاء العالم، وبمبيعات بحوالي 1 مليار دولار.
إنك تضفي اختلافا عن طريق منحك شيئا من ذاتك لصالح الآخرين. لقد أضفى " مارك هيوز " اختلافا، لقد جرؤ على أن يحلم أحلاما کبری، وبالتالي اشتعل بالحماس!
كم من الهموم يضعها
المرء عن كاهله
إذا هو قرر
ألا يكون شيئا ما،
بل شخصا ؟!!
کوکو جابرييل شانيل