لنفترض أن لديك السلطة والقدرة اللازمتين لاتخاذ القرار السليم في الوقت السليم، وأن بإمكانك وضع خطط وإصدار أوامر ناجحة تعتمد على تلك القرارات، إلا أن تلك المواهب لا تؤدي دورها في العمل على تحقيق أهدافك في غياب تلك الصفة الحيوية المسماة بشجاعة التصرف ، شجاعة الإقدام على الفعل الذي يتطلبه الموقف .
كيف يمكن اكتساب هذا النوع من الشجاعة ؟ هناك سبيل واحد إلى ذلك هو : أقدم على فعل الشيء الذي تخشاه لتكتسب القوة على أدائه . إن هذا المبدأ هو، في رأیی، من أفضل الأفكار التي يقدمها لك هذا الفصل والكتاب بأكمله ، لذا ساقدم لك فيما يلى نماذج عديدة لاشخاص نجحوا في استغلال هذا المبدأ لاكتساب الشجاعة المطلوبة ، أملا في أن تحتذي بهم ، وأنا أضمن لك أنك باتباع هذا المبدأ بالإضافة إلى مبدأ اعمل كما لو كان الفشل مستحي، ستندهش من حجم السلطة المطلقة التي تكتسبها في التعامل مع الآخرين.
إن الأمر ببساطة هو أنك إذا أقدمت على فعل ما تخشاه فستكتسب القوة على أدائه ، أما إذا ترددت في ذلك فلن تكتسبها مطلقا . فعلى سبيل المثال : إذا كنت ترغب في أن تكون رساما، فلابد لك أن تمسك بالفرشاة وتبدأ المحاولة ، فلن تنجح أحلام اليقظة بأن تصبح رساما مشهورا وناجحا في تحقيق هدفك .
(إذا كنت ترغب في أن تكون كاتبأ فعليك أن تمسك بالقلم وتشرع في الكتابة. إذا كنت ترغب في أن تكون سباحا ماهرا فعليك أن تلقي بنفسك في البحر وتبدأ في العوم وينطبق الكلام نفسه على لعب الجولف والبيسبول والتزحلق على الجليد والعمل في مجال المبيعات وتعلم العلوم أو الطب أو الموسيقي أو الإدارة ، إلى آخره، ينبغي أن تتخذ الخطوة الأولى بنفسك ، فإن لم تفعل، فلن تحصل على القوة اللازمة لإنجاز أي شيء)
إذا كانت هناك أشياء محددة ترغب في القيام بها، ولكن لا تملك الشجاعة الكافية لذلك، فادفع بنفسك إلى التجربة حتى تغلب على الخوف . قد ينطبق ذلك على اتخاذ قرار ما . إن ذلك المبدأ سيأتي عليك بالنفع في مجالات عديدة عدا اكتساب سلطة مطلقة في التعامل مع الآخرين، رغم أنها الهدف الرئيسي من وراء هذا الكتاب .
عندما تشعر بأنك لم تعد تخشى القيام بالأعمال التي كنت تتردد في أدائها من قبل فستكون عندئذ قد نجحت في أن تتحكم في الخوف . إن التعريف السليم للشجاعة في التحكم في الخوف ، فهي ليست غياب الخوف ، كما يعتقد الكثيرون ، ولكن الشجاعة في التحكم في الخوف . يتفق على ذلك جميع المقاتلين ومن ضمنهم الحائزون على وسام الاستحقاق من الكونجرس الأمریکی .
فعلى سبيل المثال : يخشى الجميع التحدث أمام الجمهور للمرة الأولى ، ففي أول مرة وقفت فيها أمام الجمهور شعرت بغصة في الحلق وكان صوتی مهتزا ويدي يتصبب منها العرق ، وقلبي يزداد خفقانه .
ولكني ما لبثت بعد النطق بالجملة الأولى أن شعرت بتحسن فقد كان الخوف يتضال كلما تعمقت في الحديث ، وكنت أسترد الثقة بنفسي ، وهكذا ، بمجرد إقدام على فعل ما كنت أخشاه شعرت بالقوة على أدائه .
فيما يلي نماذج لشخصيات تغلبت على الخوف باتباع نفس المبدأ : الإقدام على فعل ما يخشونة فيكتسبون بذلك القوة على أدائه .
كيف تغلبت ماجي سميث على خوفها؟ . ماجی سمیث ، المؤلفة والمحاضرة المعروفة ، ذكرت أنها كانت تعاني من ارتباك شديد قبل إلقاء كل محاضرة من محاضراتها ، إلا أن شعورها بالارتباك كان يتضال كلما استمرت في الحديث حتى يتم السيطرة عليه تماما ، والسبب في ذلك هو ببساطة فعل الشيء الذي كانت تخشاه ، بل إنها ألقت في العام الماضي حوالی 150 حديثة ، ولم تنزعج إلا لأن العام لم يكن يزيد عن 365 يوما .
فيما يلي مقتطفات من عدة خطابات أرسلها إلى الكثيرون ممن استمعوا إلى محاضرتي عن هذا الموضوع فقاموا بتطبيقه عمليا ، تكشف تلك الخطابات عن فاعلية فكرة الإقدام على فعل ما تخشى فعله .
كيف نجح أحد مندوبي المبيعات في تطبيق الفكرة؟ . كتب إلى ستيفن دی، مندوب مبيعات من أورلاندو، بولاية فلوريدا بقول : لقد شعرت عقب سماعي لمحاضرتك عن كيفية التغلب على الخوف من التعامل مع الناس بأنه يمكنني أن أخوض تلك التجربة مع أي شخص ، وبالفعل توجهت بالأمس إلى مكتب عميل شديد الفظاظة كنت أخشی دائمة التعامل معه ولم أنجح في الحصول منه على أمر شراء واحد ، وقبل أن ينطق به «لا» ، كما هو معهود ، قمت بنثر العينات على مكتبه، بينما كنت أخشى من قبل مجرد أن أفتح حقيبتي في مكتبه . لك أن تتخيل كيف كان رد فعله ؟ لقد عقد معي صفقة من أكبر الصفقات التي حصلت عليها في حياتي ، ولكن لماذا فعل هذا ؟ لأنه لمس في تصرفي الإيجابية والثقة البالغة ، وأني لا أخشاه . لقد أدركت الآن ، ما الذي قصدته في حديث عن كيفية اكتساب سلطة مطلقة في التعامل مع الآخرين .
كيف استخدمت إحدى مندوبات المبيعات ذلك المبدا بنجاح؟ . كتبت سالی آر، مندوبة مبيعات خجولة من أطلانطا، جورجیا رسالة تقول فيها : ولقد كان ينتابني خوف شديد من العملاء إلى حد أنني كنت أبدو وكأني أعتذر لهم عن إزعاجهم بعرض خدماتی عليهم ، بل إني كنت مترددة في حضور محاضرتك خوفا من أن يراني أحد معارفي فيسخر مني ، وبعدها تملكني الفزع من التطبيق العملي لفكرة الإقدام على فعل ما أخشاه لاكتسب القوة على أدائه ولكن لم يكن أمامي سبيل أخر ، لقد أعطاني مدير المبيعات مهلة قدرها ثلاثة أسابيع لكي أرتفع بمعدل مبيعاتی کغیری من زملاء العمل .
بمجرد اتباعى توجيهاتك ، شعرت على الفور بقدر أكبر من الثقة عند الحديث مع العملاء . ازدادت ثقتي بنفسي ورباطة جأشی وبدأت في الإجابة عن الأسئلة بثبات . كانت النتيجة أن ارتفعت نسبة مبيعاتی بنحو 40 % في الشهر الماضي ، ولم تتردد كلمة واحدة عن فصلي من العمل ، بل إن مدير المبيعات طلب منى أن أفكر بجدية في تولى إدارة أحد الأقسام !
بإمكان ربات البيوت الاستفادة من هذا المبدأ أيضا . كتبت إلى إيلين جي ، ربة منزل من میامی بفلوريدا ، رسالة تقول فيها : لقد كنت أتردد في دعوة صديقاتي لتناول القهوة في منزلي خوفا من أن أعجز عن تبادل أطراف الحوار معهن ، ولكن بعد أن استمعت إلى الخطبة التي ألقيتها ليلة الأحد الماضي تشجعت وبادرت اليوم إلى دعوة ست من جاراتي إلى منزلي لتناول القهوة، وقد كانت زيارة ناجحة للغاية ، فلم يكن من الصعب على إثارة موضوعات شيقة للحديث ، أشكرك بشدة على نصائحك.