إن الرغبة في الشعور بالأهمية تنبعث من داخل أعماقنا ، قال سيجموند فرويد : إن كل شيء يفعله الشخص إنما ينبعث من هذا الباعث أو الحافز ( الرغبة في أن تكون عظيما ) . وقال چون دیوی : (إن أكبر الدوافع في الطبيعة البشرية هي الرغبة في أن تكون مهمة ) ، وقال الفريد آدلر : إن الإنسان ( في أمس الحاجة لأن يكون مهما ) . وذهب ويليام جيمس لما هو أبعد من ذلك ، حيث قال : (إن أعمق المبادئ في الطبيعة البشرية هو الرغبة الشديدة في تقدير الآخرين لك ، إنه من الواضح إذن أن أعظم قوة دافعة ومحفزة توجد بداخلنا جميعا هي الرغبة في أن نكون عظماء ، والرغبة في أن نشعر بالاهمية .
إنني لم أحصل على شهادات علمية في علم النفس أو الفلسفة ، ولكنني أتفق مع هؤلاء العلماء الأربعة ، وأعلم من خلال خبرتي في التعامل مع الناس أن كل شخص يريد لفت الانتباه إليه بطريقة أو بأخرى ، فكل شخص يحتاج أن يظهر وأن يبرز وسط الآخرين وأن يشعر بأهميته ، ولا يهم في ذلك من يكون أو ماذا يفعل ، ولم يحدث أبدا أن التقيت مع أحد لا يريد أن يشعر بأهميته بطريقة ما .
كل منا يريد لفت انتباه الناس الذين يحيطون به سواء أردنا الاعتراف بذلك أم لا ، فكل شخص يريد أن ينصت إليه الآخرين عندما يتحدث لأن لديه رغبة مشتعلة - نعم ، أو حتى رغبة نهمة - في الشعور بأهميته ، وفي تقدير الآخرين له. بإيجاز ، كل شخص يريد أن يكون ذا شأن .
طبعا تعتقد الآن أن ذلك الكلام لا ينطبق عليك ؟ أخبرني الآن ، هل سبق لك وأن ذكرت قصة مرحة ، فاقتحم شخص ما حديثك ليغير الموضوع عندما كنت في منتصف القصة التي ترويها ؟ كيف كان شعورك وقتها ؟ بالطبع كنت تشعر بأنك تريد خنقه ، أليس كذلك ؟ هل تعرف حقا لماذا كنت تشعر بذلك ؟ ألانه لم يكن مهذبة لمقاطعة حديثك ؟ لا، لقد شعرت بذلك لأنه أهان غرورك ، وجعلك تشعر بأنك صغير أو قليل الشأن ، أو غير مهم ، أو ليس لك شأن ، حيث إنه وضع نفسه في محور الاهتمام ودفع بك إلى خارج دائرة الضوء.
دعنا نفترض أنك تنظر إلى الصورة الفوتوغرافية التي تضم مجموعة العمل أثناء القيام بالرحلة الخلوية السنوية . أين ستذهب عيناك أولا ؟ إلى نفسك ، بالطبع. لماذا ؟ لأنك تهتم بنفسك أكثر من أي شخص آخر . هذا ليس انتقادا ، ولكنه تعبير بسيط عن الحقيقة . إننا جميعا نشعر بنفس الشيء ، فمن وجهة نظري، إنني أشعر بأنني محور الاهتمام لكل شيء ، وأن العالم بأكمله يدور حول هذا المحور ، ولكن من وجهة نظرك ، فأنت تشعر بأنك محور الاهتمام لكل شيء ، وأن العالم بأكمله يدور حول هذا المحور ، وكل شخص غيرى وغيرك يشعر بنفس الشعور وأنا كذلك .
إذا لم يشعر الناس بأهميتهم في وظائفهم أو عملهم ، فسوف يجعلون أنفسهم يشعرون بالأهمية في أي مكان آخر، فسوف يصبحون قادة في دور العبادة، أو سوف يعملون في مؤسسات الإيواء أو المؤسسات الخيرية ، وسوف يقومون بنشاطات في العلاقات أو الشئون الاجتماعية والمدنية أو في الهلال الأحمر.
لن أنسى أبدا الحاجب ( البواب ) الذي كان يعمل في نفس الشركة التي عملت فيها ذات يوم ، فقد كان يقوم باكثر الوظائف ضعة في المصنع، ودائما ما كانت ملابسه رثة وغير نظيفة ، ولم يكن أحد يعيره أدنى اهتمام ، ولكن عندما يغادر المصنع في نهاية اليوم ، فياله من تحول هائل ! لقد كان يرتدي حلة رياضية على أحدث موضة ، بعد أن يغتسل ويحلق ذقنه ويعد نفسه حتى يظهر في أبهى الصور ، وكان يقود سيارة رياضية ذات أضواء حمراء ويالها من سيارة!
يمكنك التعامل مع الناس بشكل جيد ، بشرط الاحتفاظ بهذه الأفكار أثناء التعامل معهم :
- كل شخص مغرور أو أناني ، يحتاج إلى لفت الانتباه إليه ، وإلى التقدير والعرفان من قبل الآخرين .
- كل فرد يهتم بنفسه أكثر من اهتمامه بأي شخص أخر .
- وجهة نظر كل شخص أنه هو محور الاهتمام من كل شيء ، وأن العالم بأكمله يدور حول هذا المحور .
- كل شخص تقابله يحتاج لأن يشعر بأهميته وبأنه يساوي في أهميته شيئا عظيمة .
- يريد كل شخص أن يشعر باحتياج الآخرين إليه بطريقة ما، يريد أن يشعر بأنه لا يستغنى الآخرين عنه في عمله ، ومنزله ، ودور العبادة ، أو في النادي الذي يلتقي فيه بأصدقائه ، فهو يريد أن يشعر بأن الأخرين لا يستطيعون مواصلة الحياة بدونه .
سوف يفعل كل شخص ما يراه ضرورية للفوز باهتمام وانتباه وتقدير الآخرين، لأنه يحتاج إلى كل هذه الأشياء وبذلك يستطيع أن يشعر بمزيد من أهميته .