إدارة حالتنا العقلية
إننا نعلم أن العقل لا يمكنه التركيز إلا على فكرة واحدة كل مرة، فمن المستحيل أن نركز على أمرين اثنين في الوقت ذاته، وهكذا فالأمر يرجع إلينا في أن نعطي وقتا يوميا للتأكد من أننا ننكر " الأفكار " الصائبة، ونتصور " الصور " الصائبة المتفقة مع " الأمور " الصائبة -أي مع من نريد أن نكون، والمقصد الذي نريد أن نمضي إليه. إذا ما حفظنا عقولنا في حالة تركيز على أهدافنا حصرا وقصرا، ستصير المشوشات العديدة. وإحباطات الحياة اليومية إلى مضايقات هامشية لا أكثر، وليست عقبات كبرى على طول الطريق.
إليك خمس خطوات لكي تتحكم وتدير " حالة عقلك ".
- أوجد مكانا هادئا، واجعل كلا من عقلك وجسدك في حالة استرخاء.
- کرر لنفسك المعتقد الجديد الذي تتمنى أن تعتنقه، ويكون متوافقا مع السلوك الجديد الذي تريد أن تتحلى به.
- تخيل نفسك وكأنك بالفعل تتحلى بالمعتقد الجديد، وبالفعل تؤدي على النحو المنشود، وتخيل ذلك بالتفاصيل قدر استطاعتك.
- امتلئ بالمشاعر الإيجابية التي يولدها في المشهد الذي تراه.
- بصورة ذهنية، قم بإضافة هذه التجربة " الجديدة إلى ملف ذاكرتك. والآن ستكون قادرا على تذكره في الحال لكي تنعش المشاعر الإيجابية بداخلك.
هذا التتابع يشتمل على ثلاثة عناصر حاسمة، فلابد أن:
- تجزم وتؤكد.
- تصوغ المفهوم.
- تنفعل به عاطفيا.
المعتقد الجديد -متمثلا في محتوى الفكرة، ومحتوي الصورة، والمحتوى العاطفي -أن هذه العناصر الثلاثة تتضمن عملية إبداع كل فكرة جديدة، وإني لأطلق على ذلك تقنية الفكرة، والصورة، والعاطفة.
إن كل فكرة طيبة
تفكر بها
تسهم بنصيب في
المحصلة النهائية
لحياتك.
"جرينفيل کليسر"
مؤلف أمريكي
(1868-1935)
تسمح لنا هذه التقنية بأن نبرمج عقولنا بغرض محدد عن طريق تخيل الأمور التي نريدها بأكبر قدر ممكن من التفاصيل، ونعلم أن بوسعنا أن نتخيل في عقلنا أي حدث تخيلا إبداعيا بأدق التفاصيل؛ فيكون هذا الحدث تلقائيا جزءا من ملف ذاكرتنا، وعن طريق إدارة عقولنا على هذا النحو القصدي والمركز نكسب السيطرة على أكثر ما نحتاجه على الإطلاق، أي تجربة النجاح، ونعلم أن النجاح يلد النجاح، سواء كان نجاحا حقيقيا أم متخيلا، وهكذا فلكي نحظى بمثل تلك التجارب، فإننا بحاجة إلى تكرارها المرة تلو الأخرى في خيالنا.
هناك طريقة أخرى لكي نمسك بزمام السيطرة على كل من أفكارنا وأعمالنا، وهي أن نرى الجانب الإيجابي الذي يمكن أن يوجد في أشد الأحداث سلبية، فقط إذا ما نظرنا ودققنا النظر. قد لا يكون هذا كافيا للتخلص التام من ثقل كل التأثير السلبي الذي نتلقاه بشكل أولى، لكن هذه طريقة تمنحنا على الأقل التوازن والمنظور السليم إزاء التقلبات التي لا مناص منها مما نختزنه في حياتنا اليومية.
فمثلا، إذا تم تسريحنا من عملنا، يمكن لنا أن نمضي كل وقتنا نتمرغ في اللوم على الذات، والإحساس بالانهيار. أو يمكننا أن نستجمع أنفسنا، ونتأمل خياراتنا، ونرسم خطة للبحث عن عمل جديد قد يكون أعلى أجرة، وأكثر تحديا لنا، وهكذا سيمنحنا قيمة أزيد لأنفسنا. أمر يسير؟ بالطبع لا. ولكن هل نجد أمامنا خيار آخر حقا إذا أردنا أن نمضي قدما؟
باستخدام تلك التقنيات، يمكننا التحكم بحالتنا العقلية على الفور، وبنسبة مائة بالمائة من الوقت، فإما أنه يجب علينا نحن أن نشكل منظورنا للحياة، أو أن نترك أن شيء، أو أي شخص ليشكله لنا، وليس هناك معنى لأي شيء -ما لم تمنحه نحن بعض المعنى، ونعلم أننا إذا غيرنا معنى الشيء، فلقد غيرنا بهذا الشيء نفسه، والعكس بالعكس، فحين نفير انطباعنا عن ذاتنا. فإننا نغير أنفسنا!
وبصورة واضحة، فإن سمة التواصل الداخلي تحدد سمة حياتنا الخارجية. ولیکن هدفنا هو تحقيق حالات متفائلة غنية ترشدنا إلى العمل الهادف، وليس إلى الارتداد المرتعب.
تهجع بداخلي. في العقل والقلب.
أعمق أفكار الشغف والعاطفة
إلى أن يكتشفها عقل آخر،
وقلب آخر، لشخص آخر.
" رالف والدو إيمرسون "
كاتب مقال، وفيلسوف،
وشاعر أمريكي
(۱۸۸۲.۱۸۰۳)
والسبيل لكي نحقق هذا هو أن نحلل نظام اعتقادنا الشخصي، وأن نجدده أولا فأولا، وكذلك مع صورتنا عن ذاتنا، وأن نحركها باتجاه ذاتنا نحو الثقة، والخطوات هي:
أن نفكر. ما الذي أراه / أحب به في حياتي؟
أن نعيد التفكير. هل هذا له صلة؟ ماذا يعني هذا؟
ثم ... أن نفكر مرة أخرى. ماذا يعني حقا في ضوء ذاتي الحقيقية؟
إننا نولد جميعا بداخل رباط من الحواس، وما دمنا قد وضعنا ثقتنا في صلاحيتها، فإننا نبقى عبيدا لها؛ فكما لاحظ تیار دی شاردان: " لسنا بشرا ذوي خبرات روحية، لكننا كائنات روحية لها خبرات بشرية ". إن ذاتنا الحقيقية لهي شيء يستعصي على الوصف. إنها قوة أعظم من أن يمكن لأي منا أن يأمل في فهمها.