من السهل أن تفهم السلوك الإنساني عندما تدرك أن الناس يفعلون ما يفعلونه لان لديهم احتياجات ورغبات أساسية خاصة، من اللازم إشباعها لكي يشعروا بالسعادة . كل شيء يقوم به الشخص موجه لإشباع هذه الاحتياجات والرغبات الأساسية . بعض هذه الرغبات مجرد رغبات عضوية جسدية ، أما الاحتياجات الأخرى فتكتسب عن طريق التعلم والخوض في غمار الحياة .
الاحتياجات الجسدية. إشباع الاحتياج الجسدي يمكن أن يصبح هدفا محددا ودافعا لكي يتصرف الشخص بطريقة معينة . الاحتياجات العضوية الأساسية هي تلك الاحتياجات التي تتعلق بوجود الشخص وبقائه ، مثل الحاجة إلى الطعام والشراب والنوم والملبس والمئوي والإشباع الجنسي وبقية العمليات الجسدية العادية الأخرى .
من النادر أن تجد الفرصة لاستخدام احتياجات الشخص العضوية كأهداف التحريك إلا في لحظة واحدة عندما يصبح هذا الاحتياج رغبة بسبب الجشع.
أعلم أن كلمة الجشع كلمة مزعجة ، لكني لم أجد بدأ من التلطف في وصف الواقع الموجود لدى معظمنا، وبرغم وجوده فإننا نحب أن نسمح له بالظهور ، لقد وجدت أنه عندما تفشل في استخدام كل دوافع الشخص ، فإنه يمكنك دائما الاعتماد على دافع الجشع ، وهذا هو سبب بقاء الشخص المخادع أو السلبي اليوم، وسيبقى دائما مستقب.
الجشع سيؤجج رغبة المرء في منزل أوسع، وسيارة أكبر، وأفضل ماكل وأغلى ملبس ، وأيضا الرغبة في الحصول على أموال أكثر مما يحتاج . دعني أضرب لك بعض الأمثلة على ذلك ، مثلا المنزل الذي به حمام واحد سيمثل احتياجا أساسية لمعظم الناس أما المنزل الذي به ثلاثة أو أربعة حمامات سيلبي رغبة بعضنا . والمعطف العادي سيكون متطلبة للمرأة في الطقس البارد، لكن بعض النساء سيرغبن في معطف مصنوع من فراء المنك .
عندما يتحول احتياج الشخص إلى إرادة ، فإن ذلك يكون عادة بسبب تحركه بدافع الرغبة العميقة في إشباع. ذاته ، أو الأنا ، فستجد أنه يريد إشباع إحساسه بالأهمية أو الفخر ، بالإضافة لرغبته في الحصول على مزيد من المال مزيد من الأشياء التي سيشتريها بالمال . نحن جميعا نرغب في الإحساس بالمزيد من الأهمية أكثر من أي شخص آخر ، وهذه حقيقة سواء أظهرنا هذا الإحساس للأخرين وسمحنا به أو كبحناه .
على سبيل المثال : هل تفضل قيادة سيارة مارة فورد أو لينكولن ؟ كلاهما وسيلة تنقل ، إنك ستفضل السيارة لينكولن ، أليس كذلك ؟ لماذا ؟ هل لأنك تحتاجها أم لانها تشعرك بالمزيد من الأهمية ؟ بالطبع ، كل شيء متصل بالآخر . إن الإحساس الحقيقي بالأهمية يأتی من كونك أكثر أهمية من أي شخص آخر . وأعتقد أنه بإمكانك الاستمتاع بسيارتك الـ(لينكولن) إلى حد بعيد عندما يقود جارك سيارته الفورد .
لا تبتئس ، فأنا أيضا أفضل السيارة لينكولن . إذن ما هو هدفي من كل ذلك؟ إنني لا أحاول أن أربك أي شخص . إنني شخص مذنب كالشخص التالي . إنني أقود سيارة كبيرة جدا لإشباع احتياجاتی ، وأعيش في منزل واسع للغاية للوفاء بمتطلباتي ، ولدى الكثير من الحلال والاحذية بأعداد كبيرة، بحيث لا يمكنني ارتداؤها كلها في أسابيع ، إنني أكل أفضل طعام وأكثر مما ينبغي لي أن أكله ، وهذا ما يظهر عندما أزن نفسي . كل ما أريد أن أوضحه هو تلك الأشياء أو الأمور التي تجعل الآخرين يتصرفون بالطريقة التي ينصرفون بها ، إنني أريد بكل بساطة أن تفهم ميكانيكية وحركة السلوك الإنساني ، حتى يمكنك استخدام هذه المعلومات في اكتساب سلطة غير محدودة في التعامل معهم .
الاحتياجات (والرغبات) المكتسبة. إن الاحتياجات المتعلمة يكتسبها المرء طوال حياته ، حيث يتعلم كل ما يمثل قيمة في نظر الآخرين وما يمثل أهمية بالنسبة للاتجاهات الاجتماعية . الاحتياجات النفسية مثل الرغبة في الإحساس بالامان والاستحسان الاجتماعي والتقدير ، هذه الاحتياجات يمكن أن تكون بنفس قوة أكثر الاحتياجات العضوية قوة ، وسيقوم الناس بكل ما يلزم لإشباعها .
يمكنك استخدام احتياجات أو رغبات الشخص النفسية كأهداف لتحريکه بشكل أفضل مما لو استخدمت الاحتياجات العضوية ( ما عدا تلك التي أشرت إليها مسبقا ) للحصول على ما تريده منه أو لاكتساب سلطة غير محدودة في التعامل معه . هذه الاحتياجات والرغبات الأساسية المتعلمة والموجودة لدى أي شخص طبیعی هی :
- النجاحات المالية، مثل الحصول على المال وكل ما يمكن أن يشتريه المال .
- الاعتراف بمجهوداته وإعادة تأكيد قيمته .
- الاستحسان الجماعي أو الاجتماعي وقبول نظراته له .
- إرضاء الأنا ، والإحساس بالأهمية .
- الرغبة في الفوز، والرغبة في أن يكون الأول، والرغبة أيضا في التفوق .
- الإحساس بالانتماء إلى مكان ما والتعلق به .
- إعطاء الشخص الفرصة للتعبير الخلاق والمبدع .
- تحقيق أي إنجاز الأمور الجديرة بالاهتمام .
- اكتساب خبرات جديدة .
- الإحساس بالقوة الشخصية .
- التمتع بصحة جيدة وعدم الإصابة بالمرض والراحة الجسدية .
- الحرية والاستقلال .
- الإحساس باحترام الذات وتوقيرها والتقدير الذاتي .
- الإحساس بالحب بجميع أشكاله .
- الأمان العاطفي .
إنني لم أرتب قائمة الاحتياجات أو الرغبات المكتسبة هذه حسب أهميتها ، فيما عدا الاحتياج إلى الأمان العاطفي . لقد ذكرته في آخر القائمة، لأنه إذا لم تشبع أيا من الاحتياجات الأربعة عشر السابقة ، فإن المرء ليس بإمكانه الإحساس بذلك الأمان العاطفي .
إذن ، من المهم هنا أن تعلم أنه إذا لم تشبع أيا من هذه الاحتياجات في حياة المرء ، فإن الشخص لا يشعر بالإشباع التام أو السعادة . إذا لم تتذكر أي شيء آخر عن الطبيعة البشرية ، فضع هذه الاحتياجات الأساسية لكل شخص في اعتبارك ، وتذكر أن كل تصرف يقوم به الشخص يهدف لإشباع هذه الاحتياجات . إن كل كلمة وكل تصرف وكل تفكير للشخص موجه لتحقيق هذه الأهداف . إذا ساعدته في تحقيقها؛ فإنه سيفعل كل ما تريده منه مهما كان، وستكتسب سلطة غير محدودة في التعامل معه .
يرى بعض علماء النفس أن الرغبة في الفوز يجب أن تكون في المرتبة الأولى، وأن الرغبة في التفرق جزء من رغبة الفرد في أن يشعر بالأممية ، وربما يكون ذلك صحيحة إلى حد ما ، لكني أرى أن الرغبة في الفوز مسالة مهمة لدرجة تكفي لتصنيفها على حدة .
وهناك رغبة أساسية أخرى يسعى المرء لتحقيقها ، لم أذكرها لانه من النادر استخدامها لاكتساب سلطة غير محدودة في التعامل مع الآخرين ، ليس هذا فقط ، ولكنها تمثل أيضا دافعة يواجه بقوة عموما من قبل الأشخاص غير العاديين أكثر من الأشخاص العاديين ، وبالرغم من أننا جميعنا ستتملكنا هذه الرغبة في وقت أو أخر طوال حياتنا . هذه القوة الدافعة تتمثل في رغبتنا في الانتقام ، أي الرغبة في اللحاق بشخص ما للانتقام منه . هذا الدافع كان يستخدم غالبا في قصص الغرب حيث يكرس البطل كل حياته للحاق ومتابعة الشخص الذي ارتكب خطأ ما تجاه المنتقم أو تجاه عائلته بشكل ما . هذه الرغبة في الانتقام عادة ما تتملك الشخص العادي لفترة قصيرة ، بحيث لا تصبح هاجسا يطارده كما هو الحال عند الشخص غير الطبيعي .