ما النجاح؟
في إطار تحقيق أفضل ما لدينا، ورغبتنا في عيش حياة أكثر سعادة وجدوى، أجرى مركز أبحاث " بيتا " BETA، في سويست بولاية نيويورك، مؤخرا استطلاعا على ألفي رجل وامرأة، سائلا إياهم ما أكثر الأمور التي يودون تغييرها، لو استطاعوا ذلك. وإليك أجوبتهم، بترتيب الأولويات:
1. استقرار مالي أكثر أمانا. 2. التمتع بالصحة والعافية.۳. تحقيق قدر أكبر من النجاح. 4. تعزيز الحياة المنزلية ... تحسين المظهر. 1. تحسين المستوى التعليمي. ۷. علاقات أسرية أقوى. ۸. زيادة الاسترخاء والراحة. 9. تعزيز نمط الحياة .۱۰. منظور أفضل للحياة.
من خلال هذه القائمة، تبين أن كل شخص يطمح إلى المزيد من شيء ما، وهذا بالضبط هو " النجاح ". النجاح عملية مستمرة لتحقيق المزيد، وتنمية إمكانياتنا كاملة بوجوهها كافة. ولكن أولا ينبغي علينا أن نكون متسمين بالمزيد. بحيث نطور أنفسنا عقليا وروحيا معا -قبل أن نستطيع القيام بالمزيد، ثم امتلاك الزيد. يتلى العالم بالأشخاص الذين يريدون نتائج فوق المتوسط دون أن يكونوا مستعدين أن يصيروا أشخاصا فوق المتوسط، وهذا غير ممكن ببساطة.
وإليك ملاحظة ثاقبة كتبتها مارجريت يونج: " يحاول معظم الناس عيش حياتهم بالسير عكس الاتجاه؛ إنهم يحاولون امتلاك المزيد من الأشياء أو المزيد من الأموال لكي يقوموا بالمزيد مما يريدون، وهكذا سيكونون أسعد، وفي الحقيقة فإنهم يعملون عكسيا. إن على المرء أولا أن يكون ذاته حقا، ثم أن يقوم بما يحتاج القيام به، من أجل أن يمتلك ما يود امتلاكه ".
السعادة!
يبحث الإنسان عن السعادة بحثا لا نهاية له. قام عالم النفس الأمريكي الشهير " وليام جيمس " بتحديد هذه السمة العالية منذ وقت طويل حين كتب " إذا طرحنا هذا السؤال: ما أهم مشاغل الحياة؟ ستكون إحدى الإجابات التي تتلقاها ولابد:
إنني أعلم هذا الأمر الواحد:
لن يتوصل أحد منكم إلى السعادة
إلا هؤلاء الذين سيجتهدون
في السعي لخدمة الآخرين.
آلبرت شویتزر"
رجل دين، وموسيقى من
الإلزاس بفرنسا
(1875-1965 )
" إنها السعادة ". كيف نحققها؟ وكيف نحتفظ بها؟ وكيف نستعيد السعادة؟ إن ذلك هو في الحقيقة الدافع السري وراء كل ما نقوم به، وكل ما نحن على استعداد لتحمله ". كما أضاف ويليام باتلر ييتس، الشاعر الأيرلندي وكاتب المقال، إلى هذه الفكرة بقوله: " ليست السعادة متعة ولا هي فضيلة، لا هي هذا ولا هي ذالك، إنها ببساطة النمو. نكون سعداء حين ننمو ".
إن كل العوائد التي تتلقاها في حياتنا -سواء معنوية أو مادية -ما هي إلا تمثيل لدى استغلالنا وتنميتنا لإمكانياتنا كاملة. وإمكانياتنا بدورها تمثيل لثلاثة مكونات أولية هي: مواهبنا الطبيعية؛ ونظامنا الاعتقادي الشخصي ورغبتنا الداخلية. ولابد من توفر المكونات الثلاثة كلها، ولابد أن تدعم بعضها البعض، ذلك إذا كان لنا أن نبلغ مستوى الأداء الذي نطمح إليه، ونستحقه بجدارة.
فمثلا، قد نحظى بموهبة غزيرة ورغبة كبيرة، لكن مازال ينقصنا الاعتقاد فتكون النتيجة غير ذات قيمة. أو قد نحظى بموهبة غزيرة، واعتقاد راسخ، لكن مع افتقار للرغبة، ومرة أخرى، لن تكون النتيجة ذات قيمة، أو قد نحظى بموهبة محدودة، لكن يمكن تحفيزها بالرغبة القوية، والاعتقاد الثابت، فتكون النتيجة في هذه الحالة في الغالب ذات شأن كبير؛ فهناك العديد من الأمثلة، بداية من الأبطال الأولمبيين المحترفين إلى كبار رجال الأعمال والقادة الدوليين وصولا إلى الناس العاديين في الحياة اليومية، حيث أعظم الأشخاص نجاحا ليسوا الأكثر موهبة أو مهارة. بل هم الأشخاص الذين تحلوا بأكبر رغبة وأعظم اعتقاد. هؤلاء الذين بذلوا قصارى جهدهم فيما كانوا ينشغلون بالعمل عليه، ثم جنوا العوائد اللائمة.
مبدأ "ستابلس "
كان د. " لورانس بيتر "، الكاتب، والمعلم الراحل، والكندي المولد، معروف في أنحاء العالم بـ " مبدأ بيتر " الشهير. ويقول مبدأ " بيتر " إن المرء يرتفع بمستواه من القصور وانعدام الكفاءة. لا يبدو أن هذه الظاهرة تصدق على الغالبية العظمى من الناس، من أولئك الذين يعيشون تبعا للمصادفة، وليس وفقا لاختيارهم، فهم لا يقبلون الفكرة القائلة بأن التطوير الدائم، والتعلم الثابت لابد أن يتواصلا دون نهاية.
وبما أننا نعرف أن هذا المبدأ لا ينطبق على الجميع فإن هناك مبدأ يتسم بقدر أكبر من العالمية، بالرغم من أن من يفهمونه تمام الفهم، ويطبقونه في حياتهم اليومية هم قلة مختارة، هذا هو مبدأ " ستابلس "، ينبغي أن يدون في كل كتاب تعليمي، وأن نقش في عقل كل طالب وكل شخص في مجال الأعمال والإدارة يأمل تحقيق أي شيء له قيمة.
سوف ترتقون دائما
في حياتكم
بمقدار المسئولية
التي تكونون
مستعدين
لتحملها.
رالف والدوايمرسون"
فيلسوف، وكاتب مقال، وشاعر أمريكي
(1803-1882)
إن المرء يرتقي إلى مستوى الكفاءة
بقدر ما يطمح، ويعد نفسه لذلك.
إننا نعرف أن إرادة الفوز لا وزن لها دون إرادة الاستعداد للفوز؛ فقد صرح إبراهام لنكولن أنه آل على نفسه في شبابه قائلا: " سوف أحاول على الدوام أن أبذل قصارى جهدي مهما كلفني ذلك، وذات يوم ستأتي فرصتي ". ولدى نادى المتفائلين (The Optimists Club) مقولة مثيرة للاهتمام: " ينتمي المستقبل إلى هؤلاء الذين استعدوا له "، ويقول " زيج زيجلار ": " إذا كنت متهاونا مع نفسك ستشق عليك الحياة؛ وإذا أخذت نفسك بالشدة ستهون عليك مصاعب الحياة ". والسؤال هو أي طريق منهما سيكون طريقك؟
الحياة هي ...
ما الحياة؟ حاول الأشخاص ذوو المعرفة الإجابة عن هذا السؤال على مدى القرون، وإليك طريقة لوصف الأمر: " الحياة أقرب إلى عربة تجرها مجموعة من الخيول. إذا لم تكن أنت الجواد الذي في المقدمة، وتقتحم دوما أرضا جديدة، لن تتغير رؤيتك للعالم على الإطلاق! " (وبتعبير آخر، فكل ما ستراه هو مؤخرات الجياد التي تسبقك وذيولها!) وقد قالت روزاليند راسل في أحد أفلامها: " الحياة مثل مائدة؛ لكن هناك دائما بعض المغفلين المساكين الذين ينجحون رغم هذا في الموت جوعا ".
وإليك إجابتي عن سؤال " ما الحياة؟ " الحياة هي ... سلسلة من الأفكار. أبسط من أن تصدق، أليس كذلك؟ ثلاث كلمات وحسب! ينبغي أن نفهم أن أفكارنا هي ما تجعلنا ما نحن عليه، وتجعل العالم يظهر لنا كما يظهر، وإننا اليوم في الموضع الذي قادتنا إليه أفكارنا، وسنكون غدا في موضع آخر تأخذنا إليه أفكارنا، فإذا لم تتغير أفكارك، فلا شيء يمكن أن يتغير في حياتك.
الاقتباس التالي من كتاب " البالی کانون " وهو مخطوط عتيق من تراث الفلسفة البوذية يرجع إلى الفترة ما بين عامي ۵۰۰ و250 ق.م، وبه من البصيرة ما هو جدير بالملاحظة. يقول: " كل ما هنالك ينبع من العقل؛ ويعتمد على العقل؛ ولا يشكله إلا العقل ".
لا أرى حقيقة أكثر تحفيزا
من القدرة المؤكدة للإنسان
على السمو بحياته
عبر جهده الواعي.
هنری دافيد ثورو
فيلسوف، وعالم طبيعة،
وكاتب أمريكي
(1817-1862)
كل ما هنالك" يبدو أن ذلك يشمل قدرة لا بأس به من الأشياء، أنا واثق من اتفاقك معي في هذا. إنه عقلنا. وعقلنا وحسب هو ما بصنع واقعنا. ما من شيء يوجد حقا إلا ما يقرر لنا عقلنا أنه موجود. مما يقدم لنا المفهوم الهم ل " العلة الأولى ". على نطاق الحياة الإنسانية، رأينا أن كل شيء يبدأ من فكرة. وعلى هذا فإن الفكرة هي العلة الأول. وكل شيء آخر هو نتيجة استتباعيه، وفيما بعد، سوف نناقش من أين تنبع الأفكار.