يتعلق بهذا
إحساس قوي بالذات
لدى كل كائن إنساني سمة متوارثة، وهي الرغبة في التفوق في أمر ما، وهي تنبع من حاجتنا للشعور بقيمتنا وأهميتنا واحترامنا، من قبل أنفسنا والآخرين على السواء. هذه الرغبة التي لدينا جميعا، بأن نتغير، وأن ننمو، وأن نكون جديرين بالاحترام -يمكن لها أن تكون نسمة ممتزجة، من شأنها أن تدفعنا نحو الحلم بأحلام کبری، ولإنجاز أشياء عظمى، أو امتلاك ثروة ضخمة، وإذا كان النجاح هو ملاحقة من هذا النوع، فإننا نشعر بالاكتفاء، والشبع كبشر.
لكن كل تلك المشاعر أمر مؤقت فحسب على أفضل تقدير، ولا تدوم غالبا إلا بمقدار ما يدوم نجاحنا الأخير، وهكذا نكافح من أجل نجاح بعد الآخر، ومن أجل أمل بعد أمل أن ننجح مرة ثانية على الأقل. مع ذلك، نحن نحتاج لأن نفهم أن سلامتنا تكون رهينة وعرضة لخطر كبير في هذا السيناريو، فعاجلا أو آجلا سوف نصطدم بقانون ميرفى-مادام احتمال الخطأ واردا فسوف يحدث الخطأ! هكذا بالضبط هو السبيل الذي تمضي عليه الأمور، من المحتم أن يصل رقمنا إلى حده الطبيعي أحيانا.
عندما نخفق فغالبا ما نشرع في استضافة أفكار ومشاعر سلبية بداخلنا. إننا نشعر بانعدام القيمة، وعدم الجدارة، أو التفاهة. نشعر بعدم الإشباع كبشر !! ولكن لا يجب أن نمضي الأمور على هذا النحو إذا كان لدينا إحساس بالذات على درجة من القوة، وأن نتجنب الربط بين نجاحنا أو إخفاقنا في العالم المادي ربطا مباشرا بقيمتنا الذاتية، ومستوى تقديرنا لذاتنا. .
وبكل أسف، فمدد كبير جدا من الأشخاص في عالم اليوم المادي يقيسون إحساسهم الإجمالي بذاتهم بمقدار ممتلكاتهم، وبوظائفهم، أو مهنهم. إن جوهر وجودنا ليس هو وظيفتنا، أو منزلنا، أو سيارتنا، أو حجم رصيدنا المصرفي، أو حتى الجسد الذي نمتلكه. فما تلك إلا أفخاخ ظاهرية لا أكثر، أو ظروف مؤقتة عند نقطة محددة من الزمن. لقد دخلنا هذا العالم جميعا عرايا، وهكذا سنغادره، لكن ذاتنا الحقيقية لا تتغير خلال العمر كله. إن ذات المرء متمثلة في روحه. شيء ثابت بلا نهاية. شيء أبدى.
في المحصلة النهائية
تكمن حريتنا الوحيدة
في حرية ضبط أنفسنا
وترويضها.
برندان باروخ
رجل سياسة واقتصاد أمريكي
( 1870-1965)
هذه المعركة، ما بين القوى المادية والقوى الروحية من أجل أن نجد معنی لحياتنا، هي الحرب التي يتعين علينا خوضها يوميا. ولقد خسر العديد من شبابنا هذه الحرب بالفعل، والفضل في ذلك للدعاية، والإعلانات المخادعة والسطحية التي تلعب على مواطن الضعف فينا؛ وذلك لأن الطبيعة الإنسانية تنجذب إلى الأشياء السارة، وتنفر من الأشياء المؤلمة. الفكرة القائلة باستمداد الحس الإيجابي للذات عبر الارتباط بأشياء جذابة هي أكثر إغراء من استمداد هذا الحس عبر الارتباط بجوهر ذاتنا، وبما أن الغالبية من الناس ليس لديهم فكرة عمن هم حقا، ويعانون قصورا في ضبط الذات، والثقة بالنفس فلا يحاولون البحث عن هذا، فإن اللعبة الوحيدة التي يتقنونها هي: " مرحبا، انظر إلى ما أملك! وأرجوك تجاهل من أنا ".
وهكذا يقع الناس في فخ الفكرة القائلة بأنه فقط من خلال الممتلكات المتزايدة يمكن لهم أن يثبتوا لأنفسهم وللآخرين أنهم مهمون وذوو قيمة؛ فالشاب الذي يقود سيارة فارهة، ويرتدي أجمل الثياب هو دائما من يحصل على أجمل الفتيات! إذن فما الذي يفعله الشباب الصغير الآن؟ إنهم يهجرون المدرسة ليحصلوا على وظيفة متدنية الراتب أو يقترضون المال حتى يشتروا السيارة، والآن افترض أن هذا الشخص امتلك السيارة، وسرعان ما وجد أن الأمر لا يجدي فنيلا، فماذا يحدث؟ يسوء حال شعوره بدرجة أكبر! يشكو قائلا إن هذا الأمر لم يجد معه، لكنه مازال يعتقد أن الأمر نفسه يجدي مع كل شخص آخر!
إن الملاحقة البسيطة للثروة كهدف في ذاتها لن تثمر أبدا عن الإحساس بالرضا والإشباع. إن جوهر الوجود لا يكمن في الأخذ والنوال، بل في العطاء والمنع، ويقول قانون العطاء المتبادل إننا ينبغي دائما أن نعطي من أجل أن نتلقى، وأننا نتعرف بأنفسنا، بل نجد أنفسنا في الحقيقة، عبر المساهمة التي نقدمها. وكما سوف نناقش هذه الفكرة، فإنها ليست نصيحة بسيطة بأن نؤثر الآخرين على أنفسنا، بل هي نصيحة عملية تثمر عن عوائد حقيقية للغاية.
إننا نبذل ذاتنا على نحو له دلالة وغير أناني، حتی نصیر أغنى أغنياء هذا العالم. إلى أي مدى من " الثراء " وصلت امرأة مثل الأم " تريزا " في اعتقادك؟ إذا كان لي أن أخمن ماذا ستكون إجابتها احتمالا لو أنها سألت هذا السؤال، فسوف تجيب بشيء من قبيل: " ما مدى ثرائي؟ أظن أنه ثراء فاحش لا يمكن قياسه أو حسابه؛ فهناك الكثير جدا من الأشخاص الذين يمكنني مساعدتهم: المرضى، والمساكين، والذين يعانون الوحدة، والضائعين. فمن الواضح أنها تتيس ثروتها بمقدار الإسهام الذي يمكنها تقديمه، فكما قال " تولستوی ": " إننا نحب الأشخاص ليس من أجل ما يمكنهم تقديمه لنا، بل من أجل ما يمكننا تقديمه لهم ".
يمكنك أن تحظى
بأي شيء تريد
إذا ما رغبت فيه رغبة عارمة
بما يكفي.
لابد أن تبلغ رغبتك
درجة من الحماسة
الداخلية؛ بحيث تتفجر
من خلال الجلد والجسد.
شيلا جراهام"
ممثلة إنجليزية المولد
وصحفية في أمريكا.
(1904-1988)