إننا مسئولون عن حياتنا
" المسئولية ثمن المنجزات العظيمة "
ونستون تشرشل
ابتكار الحوافز الخفية
في مكان ما، بمدينة ما، تحدث إحدى الأعاجيب. في هذه اللحظة نفسها: يولد طفل. هذا الطفل هو روح نقية، وإمكانية محضة تصب في قالب إنساني کتجسد للذكاء غير المحدود. ومع ذلك، ففي الحال يتأثر الطفل بمجموعة كبيرة من المثيرات الخارجية: المرئيات، والأصوات، والروائح، والملموسات. كما يجدها في بيئتها الجديدة. وفي العملية، تتشكل ذاكرة عقله الباطن، وتتشوه معرفته بذاته، ويتشكل إحساسه بذاته.
وهناك شيء ما عجيب جدا ومؤسف جدا في هذه العملية: عجيب لأن الطفل حر في أن يعتنق أفكاره الخاصة، وأن يكتشف إمكاناته الخاصة، وأن يقرر مستقبله الخاص، ومؤسف لأن معرفته بذاته الحقيقية تكبت بمجرد حقيقة أنه حي -بتجاربه داخل عالم فزيائي قاس وصارم غالبا. وما هم إلا قلة من المحظوظين ممن يجدون السعادة، والإشباع من هذه العملية، بينما الغالبية الساحقة لا يجدون إلا الإحباط والخيبة، ومع ذلك فلا يوجد سبيل آخر نحو الوعي بالذات، ما من سبيل آخر نحو توجيه الذات، ما من سبيل آخر نحو إشباع الذات.
من شأن هذا أن يمنحنا فكرة حول التحدي الهائل الذي نواجهه، ففي سنوات تكويننا نكون مضطرين لتلقي وتقبل رسائل من عالم محير وفوضوي يشرع في تحديد ذواتنا ۔ سواء كان هذا العالم يفرض علينا الفقر، أو العنف، أو تدني مستوى التعليم -يمكن أن يكون هناك المئات، بل والآلاف غالبا، من الخبرات السلبية. ولهذا كله أثره، ولا يمكننا أن نختبئ من تلك الآثار، لأنه ما من ملتجأ منها. وفي السن الصغيرة، لا يكون بمقدورنا أن نصدر أحكاما وجيهة بشأن مدى صحة تلك الرسائل أو بشأن مطابقتها للحال.
أكن في روحي إعجابا متواضعا
للروح المتسامية التي لا حدود لها، والتي تعرب عن نفسها في أهون التفاصيل
التي لا نستطيع إدراكها بعقولنا الضعيفة الواهنة.
آلبرت آینشتاین"
فيزيائي ولد بألمانيا
(۱۹۵۵.۱۸۷۹)
تلك الانطباعات الأولية مخزونة في الذاكرة كذكريات الطفولة، وسرعان ما ينساها العقل الواعي، ولكنها بالضرورة يكون لها أثر فعال ودائم، بحيث تعاود ظهورها فيما بعد في حياتنا بصفتها حوافز خفية، وبينما ننمو وننضج، لا يعي أغلبنا، حتى إننا قد تأثرنا بشكل مهم بكل الأشياء المحيطة بنا، ولكن ما من شك هناك في أن هذا قد حدث. والغالبية العظمى منا يقضون بقية حياتهم في محاولة إصلاح كل الأضرار.