إليك قاعدة أخرى تضعها نصب عينيك : إن شراء الأسهم _ أو أي شيء آخر بغرض بيعه لاحقاً لتحقيق المال _ هو في جوهره نوع آخر من المقامرة.

حينما أعمل كمدير للنادي ، كان واضحاً أن هناك طبقات في النوادي . أقلها تلك النوادي ذات ماكينات العملات والتي تملؤها الضوضاء ، وعلى القمة هناك نوادي الرجال الأثرياء المحترفين ذات الاضواء البراقة ، والمقامرون بالطبع يميزون الفارق ويشعرون أن تلك الأخيرة " أنظف " ، وبالمثل ينظر الناس لسوق المال على أنها أرقى منزلة _ وبالتالي خالية من المناظر تماماً ، لكن كلها مقامرة ، ولاشيء أكيد فيها .

إذا كنت تنوي المقامرة في الأسهم ( أو أي شيء آخر تريد بيعه ثم شراؤه).

قلل احتمالات الخسارة بقدر الإمكان عن طريق الاستثمار أو شراء الأشياء التي تعرفها وتفهمها فقط ، وهذه هي الوسيلة التي تمكنك من تجنب الكثير من الغموض والذي قد يقودك إلى المخاطرة بأكثر مما تنوي ، أو القبول بمخاطر أنت في العادة لا تقبلها ، أو الوقوع في حبائل سوق المال .

إذا ذهبت للتسوق في متجر " مارك آند سبنسر " ورأيت أن الفرع الجديد يبلى  بلاء حسناً ، وأن المتاجر مليئة بالمتسوقين وتسمع الحديث يدور عن كيف أن سلسلة متاجر " مارك آند سبنسر" تحسنت هذا العام . عندئذ اشتر أسهم " مارك آند سبنسر " ، وإذا ما

واصلت دراستك للمتاجر واستمعت للمتسوقين فسوف تدرك سريعاً ما إذا كانت ستظل بمثابة استثمار جيد أم لا .

عليك فقط أن تكون واعياً للأساس الذي تشتري الأسهم عليه ، قلبك أم عقلك . لديَّ صديق يستثمر أمواله فقط في الشركات صديقة البيئهة ، وهو يتغنى دوماً بسموه الأخلاقي . وهو يعتقد أنه حجز مكاناً في الجنة بهذه الوسيلة. إنه مقامر . لكنه لا يدرك هذا . هل يشتري الأسهم بعقله مثلما يشتريها بقلبه ؟ إذا ما وجدت استثماراً في مجال تحبه ، تحقق أولاً ما إذا كنت تشتري أسهم هذا الاستثمار بناء على مباديء العمل الرئيسية ، أم أنك لا ترغب في هذا فقط . إذا ما قال لك تحليلك العقلاني للسوق بأن طواحين الهواء المولدة للطاقة هي المستقبل ، وأنها صناعة نامية لها عوائد مرتفعة . وانها رائعة وهكذا ستستثمر بقلبك وعقلك معاً.

إذا كنت لا تفهم نوعية معينة من الأعمال . ولا تنوي بذل الجهد لمعرفتها بما يكفي . فمن الأفضل أن تستثمر في قطاع آخر . إذا ما أردت الاستثمار في الاسهم . لكن لا تنوي بذل الجهد واتخاذ القرارات بنفسك ، يمكنك استثمار أموالك في صندوق مشترك . هذا هو موضوع قاعدتنا التالية .

حاول -  بكل الوسائل – الاستعانة بمحترفي عملية الاستثمار( لكن لا تدعهم يستغلوك )

كما خمنت من القاعدة 49 فإن معظم الذين يختارون اسهمهم بأنفسهم يعتقدون أن بمقدورهم رؤية القيمة التي لا يراها الآخرون ، وبالطبع لن نرغب في أن ننظر كثيراً لنرى إذا ما كانت اختياراتهم السابقة تدعهم ذلك ام لا ، وأنا واثق أنه حتى أشد الملتزمين بقواعدنا الواردة هنا لابد أنهم قد أقدموا على اختيارات وقرارات استثمارية خاطئة من قبل . إذا كنت لا تثق بقدرتك على اتخاذ قرارات استثمارية صائبة على الدوام ، أو ربما تريد أن توفر على نفسك مشقة اتخاذ القرارات الاستثمارية بنفسك وتدع شخصاً آخر يفوقك علماً ليعتني بالأمر كله – عندئذ من المناسب ان تستعين بالمحترفين .

عند الحديث عن عملية الاستثمار ، ستجد هؤلاء المحترفين كلما وجدت بنايات مرتفعة ولقاءات غداء طويلة . وول ستريت ، سنغافورة ، مدينة لندن ... كلها أماكن تعج بخبراء الاستثمار المستعدين لتسخير خلاصة عقولهم ، وحتى أقوى حواسبهم الألية كي تعمل عنك ، كل هذا بالطبع مقابل أتعاب بسيطة تدفعها .

إن الذهب ، كما يقولون ، قد يكلفك الكثير لدى شرائه . ولطالما تساءلت لمصلحة من يعمل هؤلاء الخبراء حقاً . لديَّ صديق قام

بدراستهم جيداً وكتب عنهم وهو يقسم أنهم ماهم إلا محتالون في سوق المال ، وعلى الأقل كان " ديك توربين " لديه من اللياقة والاحترام ما جعله يرتدي قناعاً وليس سترة مقلمة . سامحني إذا كنت سمساراً من سماسرة البورصة ــ فقد يكون صديقي مصاباً بعقدة الاضطهاد ــ لكني شخصياً أعتقد أنك إذا كنت ستستخدم واحداً من هؤلاء السماسرة ذوي السترات المقلمة ليدير استثماراتك ، وهو المقصد من وراء هذه القاعدة . كيف تستعين بهؤلاء الخبراء لكسب المال ، دون تركهم يأخذون أموالك ؟

والآن لهذه النقطة ــ فهي هامة للغاية ؛ فسوف يقولون لك أولا ً إنهم سيأخذون منك مالك ، ثم يستثمرونه بنشاط ، ومن ثم يتجاوزون

أداء السوق ، وإنهم يفعلون هذا بالفعل وسيواصلون عمله بكل تأكيد ، وربما يعرضون عليك بعض الجداول الملونة التي توضح لك كيف تغلبوا على السوق ، كل عام . ما عدا العام السابق بالطبع ( حيث كانت هذه زلة ــ مجرد تصحيح للمسار ؛ حيث استرخى الجميع في هذه الفترة ، لكن في العام القادم سوف ... فقط وقع هنا واسترخى وسرعان ما ستربح أرباحك أكثر من " وارن بافيت " نفسه ) . هل هذا أجمل من أن يكون حقيقياً ؟ أجل ، فما هذه إلا مجرد أمان مبنية على منطق مغلوط .

لكي نسهل الأمر اقول لك إنه لكي يحقق شخص ما أداء أعلى من أداء السوق لابد أن يؤدي آخر بالمقابل أداء أسوأ من أداء السوق ، وبما أن الشركات الكبري تستثمر بالفعل معظم اموالها في سوق المال ، فمن يهزمون حقاً ؟ أنفسهم ؟ بالفعل ، وهذه هي الحقيقة البغيضة عي عالم الاستثمار ؛ ففي أي عام ، سوف يتفوق البعض ، بينما يخسر البعض الآخر لكن على المدى الطويل سوف يتفوق السوق على كليهما ، في معظم الأجوال . آه ، أنا واثق أن العديد منهم يحاولون بجد . وبصدق لكن في النهاية يقشل معظمهم في تحقيق أي أرباح تتجاوز معدلات السوق ؛ لذا لا تكافئهم على مجرد المحاولة . هل توجد طريقة فعالة مؤكدة للتنبؤ بالأسهم الرابحة ؟ من غير المحتمل . هل من نصيحة للاستثمار في أسهم شركات التكنولوجيا ؟ كلام فارغ . اسأل نفسك هذا السؤال . إذا ماكنت مثل معظم الناس تقرأ نشرات الدعاية ةتستمع لنصائح الخبراء ( والذين يستفيدون من العمولات ) وتشتري أسهماً في صندوق يهدف إلى التفوق على أداء السوق ـ ماهو

الشيء الوحيد الذي من المؤكد أنه سيزيد عن المتوسط ؟ الفوائد ؟ أم العمولات والأتعاب ؟ أظن أنك تعلم الإجابة ، أليس كذلك ؟

إذا ما كنت تريد المساعدة لتحديد كيفية استثمار أموالك في السوق ، دون أن يذهب منها جزء كبير لجيوب الآخرين ، اجعل الأمر سهلاً ميسراً .

إذا كنت لا تملك الوقت الكافي أو لا تعرف كيف تبحث عن أفضل الصناديق المشتركة ، فعليك إذن باتباع قاعدة القليل يؤدي إلى الكثير (وغالباً ما يأتي رخيصاً) ضع ثقتك في الصناديق التي لا تحملك بالعمولات الضخمة والتي لا تتبع سياسات استثمارية حاذفة خطرة تهدف للتفوق على السوق . اختر الصناديق التي يديرها أكفاء يعرفون أنه ــ على المدى الطويل ــ لا يمكن أن يتفوقوا على السوق عن طريق السعي وراء سهم رابح آخر . اختر الصناديق التي يديرها أشخاص سيديرون أموالك دون ضجة كبيرة وبأتعاب قليلة في أسهم جيدة تعقب أداء السوق ، ثم استرخ واذهب لتناول غدائك . يمكنك عندئذ أن تنام هانيء البال ( أو عد لقراءة كتابك المفضل ) ، وأنت مطمئن إلى أن أمالك تعمل نيابة عنك بهدوء في سوق المال .

إذا ما كنت تتساءل عن كيفية إيجاد مثل هذه الصناديق ، فاعلم أنها يطلق عليها الصناديق المرتبطة بالمؤشرات ، وهي بالطبع تدفع عمولات أقل للوسطاء وتنفق أموالاً أقل في الدعاية ؛ ولهذا تجد أن نشراتها الدعائية هي آخر ما يعرضه لك مستشارك المالي ، لكن عند الحديث عن استخدام محترفي الاستثمار ، ابدأ في وضع ثقتك في الوقت .

وليس الأساليب الحاذفة ، ويمكنك أن تنحو منحى أكثر إيجابية مع ازدياد خبرتك لاحقاً ، لكن صدقني ، ستكون الأتعاب أقل بكثير .