الأمر بسيط ؛ فالناس يشترون ويبيعون ويتاجرون في الاستثمارات _ والتي يطلق عليها أسهم _ وهذه الأسهم مقسمة حسب الشركات . كيف يعمل هذا النظام إذن ؟ والأهم من ذلك ، كيف نفلح في الاستفادة منه ؟

الإجابة السهلة للسؤال الأخير هي : " اشتر السهم بسعر منخفض ، ثم بعه بسعر مرتفع " ، لكن كلنا يعلم أن الأمر ليس بهذه البساطة . إن عملية تحديد مالذي ستشتريه وكم ستدفع مقابله ومتى تشتريه ( وعندئذ متى سوف تبيعه ) هي موضوع آلاف وآلاف من الكتب ، وأغلبها أكبر حجماً من هذا الكتاب الذي بين يديك ، ولهذا سوف أقصر إسهاماتي هنا على بعض القواعد الخاصة بعملية الاختيار ، وأول هذه القواعد هو أن تفهم أهم عاملين مؤثرين على عملية الاستثمار برمتها : القيمة والمضاربة.

ومن ناحيتي أعتقد أن علماء الاقتصاد لا يختلفون عن المنجمين في عملهم كثيراً ، لكني لا أعترض على الاقتباس منهم . وأحد أهم هؤلاء العلماء هو " جون مانيارد كينز " والذي قال إن سوق الأسهم هي أشبه بمسابقة لاختيار ملكة الجمال .

وعندما قال هذا لم يكن يقصد ان سماسرة الأسهم يجب عليهم أن يهجروا ستراتهم ويستبدلوا بها ملابس السباحة ويعلنوا عن رغبتهم في العمل لمساعدة الأطفال أو لتشجيع السلام العالمي ، بل كان يعني نوعاً من مسابقات الجمال كان يجري في بريطانيا ، والذي كانت تديره جرائد لندن ، والذي كان يربح فيه القراء الذين يختارون صورة ملكة الجمال لندن ، والذي كان يربح فيه القراء الذين يختارون صورة ملكة الجمال التي تحوز على أعلى نسبة أصوات من القراء الىخرين ، وهذا يعني أن المكسب غير مرتبط باختيار الفتاة الاجمل ، ولا عن طريق توقع أجمل فتاة في عيون جمهور القراء ، بل عن طريق تخمين أي فتاة سيخمن جمهور القراء أنها الاجمل من وجهة نظر معظم الناس وهذه هي الوسيلة التي تدار بها سوق المال حسب رأي " كيني " ؛ فالمستثمرون يحاولون كسب المال عن طريق شراء الأسهم التي يعتقدون أن المستثمرين الآخرين سيرغبون في شرائها مستقبلاً ، والسعر الذي هم مستعدون لدفعة مقابل سيرغب الناس في دفعه مقابل ذلك السهم . هذه هي أسس المضاربة في سوق الأسهم أو هذا هو السبب وراء أن القيمة الأساسية للسهم وسعره المتداول قد يتباين بصورة كبيرة .

إن تخمين حركة سوق رأس المال عملية ممتعة لو كنت تريد أن تراقب التوجه الجماعي في الواقع ، لكن في مثل عالمنا غير المستقر هذا ، لا تعد هذه وسيلة لتحقيق الثراء . إذا ماكنت ترغب حقاً في تكوين ثروة من سوق المال ، إليك القاعدة التي أتبعها : كون ثروتك بهدوء ، لكن بثقة ، مع الاعتماد على القيمة . تجاهل كل تلك الضوضاء والأضواء البراقة التي تحدث نتيجة تأثير هذا الخبر او تلك الشائعة

على سعر الأسهم . ابتعد عن تلك الوسائل " المجربة " الخاصة بتنبؤ أسعار الأسهم غداً اعتماداً على أدائها بالأمس ( التحليل الفني ، لا تنخدع بهذا العنوان البراق ؛ فهو شيء غير عقلاني بالمرة ) وأرجو أن  تقاوم إغراء بيع وشراء الأسهم بحثاً عن الثراء السريع . إذا ما انتويت أن تستثمر في الأسهم ، فابحث عن القيمة . ابحث عن الشركات التي تنتج أو تفعل أشياء سيجدها الناس أكثر قيمة في المستقبل ، وابحث عن الشركات التي تقدر صناديق الاستثمار قيمتها ( سنتحدث عنها في القاعدة 50 ) .

وبمجرد أن تجد هذه الأسهم ، قم بشرائها ، وإذا لم تتغير أسس تلك الشركات ، احتفظ بأسهمها ، وشاهد ثروتك وهي تنمو .

إذن ، لكي تشتري السهم المناسب بالسعر المناسب ، إياك والسير مع القطيع ، بل ابحث عن القيمة ، واعلم أن هذا الأمر قد يستغرق منك بحثاً ، لكن يمكنك تسهيل الأمر على نفسك إذا مااتبعت القاعدة التالية