مهارة إدارة العلاقات في الذكاء العاطفي
على الرغم من أن إدارة العلاقات هي ثاني مكونات الكفاءة الاجتماعية، إلا أن تلك المهارة ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالثلاث المهارات الأولى من الذكاء العاطفي: الوعي الذاتي، وإدارة الذات، والوعي الاجتماعي. إن إدارة العلاقات هي القدرة على استخدام وعيك بمشاعرك ومشاعر الآخرين لتنجح في إدارة التواصل الاجتماعي. ويعد ذلك بمثابة تأييد لوضوح التواصل والتعامل مع الصراعات بفاعلية. كما أن إدارة العلاقات تمثل الصلة التي تربطك بالآخرين بمرور الوقت. فمن يجيدون إدارة العلاقات يدركون فائدة التواصل مع العديد من الأشخاص، حتى من لا يهتمون بأمره.
فالعلاقات الوطيدة أمر ينبغي السعي وراءه ورعايته؛ حيث إنها نتاج لما تسلكه من طرق في فهمك للآخرين ومعاملتك لهم وما تتشاركون فيه من خبرات.
وكلما ضعفت علاقاتك بشخص ما، ازداد الأمر صعوبة بالنسبة لك في محاولتك لتمرير آرائك إليه.
أهمية الذكاء العاطفي في إدارة علاقاتك:
إذا كنت ترغب في أن ينصت إليك الناس، فعليك أن تمارس إدارة العلاقات، وتتحرى النفع من وراء كل علاقة، خاصة تلك العلاقات التي تنطوي على تنافس.
إن الاختلاف بين العلاقة والتفاعل الاجتماعي هو في مدى التكرار. حيث تنتج العلاقة عن الجودة، والعمق والوقت الذي تقضيه في التفاعل مع شخص آخر.
تمثل إدارة العلاقات أقوى أنماط التحدي التي يواجهها الأشخاص خلال فترات التوتر. وإذا وضعت في الحسبان أن نسبة تفوق 70 بالمائة ممن قمنا باختبارهم واجهوا صعوبة في التعامل مع التوتر، فمن السهل أن تدرك صعوبة إقامة علاقات وطيدة. وتحدث بعض المواقف التي تنم عن أكبر قدر من التحدي والتوتر في العمل. حيث تزداد النزاعات في العمل عندما يميل الأشخاص إلى تجنب المشكلات على نحو سلبي؛ لأن هؤلاء الأشخاص لا تتوفر لديهم المهارات اللازمة للمبادرة بحوار مباشر بناء، ومن ثم تنشب النزاعات في العمل عندما لا يتعامل الأشخاص مع الغضب أو الإحباط الذي يصيبهم، ويجنحون إلى التخلص من تلك المشاعر بأن يصبوا جام غضبهم على الآخرين.
تكسبك إدارة العلاقات المهارات التي تحتاج إليها لتجنب الاحتمالين المذكورين، والاستفادة من كل تفاعل اجتماعي تقوم به مع شخص آخر لأقصى حد.
نماذج ناجحة لإدارة العلاقات بذكاء:
1- جيل سي.، مديرة مالية - حاصل إدارة العلاقات = 95
ماذا يقول عنها زملاؤها في العمل:
"لدى جيل قدرة غريزية على استنباط أفكار الأشخاص ومشاعرهم، ومن ثم تسعى للاستفادة من ذلك في خلق ساحة حوار تجذب جميع الأطراف. لم أجد باب جيل موصداً متى قصدتها في حاجتي، كما أنها تحتفظ على الدوام بأسلوب سلس ومحترم حتى عندما تزداد أعباء العمل عليها. يدرك الناس أن بإمكانهم الاعتماد على جيل، وأن ما يوجهونه إليها من حديث سوف يلاقي احتراماً بلا أدنى شك، ولن يتم التأكيد عليه مراراً وتكراراً".
إن شخصية جيل من الشخصيات الحساسة للآخرين والتي تحاول أن تجعل المواقف في وضع أفضل. وما إن يشعر شخص ما بالضيق، حتى تطرح جيل من الأسئلة ما يكفي لأن تمسك بزمام الأمر، ومن ثم تستطيع أن تقدم نصيحة واقعية، وتساعد ذلك الشخص الذي بدوره يشعر بتحسن بنسبة 100%. وعندما تقوم جيل بتقييمك، فإنها تنشر في نفسك الإحساس بالذكاء والثقة، حتى إن ارتكبت خطأ ما. كما أنها تساعد موظفيها على التطور والنمو، فهي تعد خير مثال للتعبير عن الرأي والتعامل مع الآخرين بحزم".
حتى عندما يحتد النقاش، تميل جيل إلى الحفاظ على علاقات حسنة مريحة مع كل الموجودين. وتسعى جيل للكشف عما يخص الطرف الآخر من اهتمامات، وتسأل عن تلك الاهتمامات عند اللقاء، حتى إن لم يبد على السطح أي نقاط التقاء. ولدى جيل قبضة حازمة على مشاعرها، فعندما تتحدث معك تشعر كما لو أنها تشعر بما تحس أنت به تماماً، مما يبعث في نفسك الإحساس بوجود ترابط وتفاهم بينكما".
2- آليستر بي.، طبيب - حاصل إدارة العلاقات = 93
ماذا يقول عنه زملاؤه في العمل:
"آليستر حليم للغاية، ومستمع شديد الإنصات؛ ولذلك يحبه مرضاه. كما أنه يبذل أقصى ما بوسعه حتى يتفادى إصدار الأحكام، ويعطي الناس ميزة الشك. ويلاقي آليستر نفس الإعجاب والحب من الممرضات والفنيين. لقد رأيته في مواقف كانت عائلات المرضى تمطره بوابل من الأسئلة الصعبة، بينما كان يجيب رابط الجأش عن أفراد العائلات من دون أن ينفر ممن طرح السؤال.
ينصت آليستر بعناية لكل ما يقوله الآخرون ولا يبدي تجاه ذلك أي ضيق أو ضجر. ورغم لطف إجاباته إلا أنها تمتاز أيضاً بالحسم".
"لدى آليستر مهارات تفاعل اجتماعي فائقة، ففي بعض المواقف التي شهدتها لم يكن راضياً عن نتيجة محددة، فكان يعبر عن منظوره برؤى عميقة تبوح بتطلعاته من دون أدنى غضب أو انفعال. يمكنني أن أصفه بأنه شخص صريح، ومع ذلك فإنه لا يدخل في مواجهات أو يفقد أعصابه. كما أنه يسرع في الإطراء على جهود العاملين ونجاحهم متى استحقوا ذلك. ويجيد آليستر رؤية الوضع كاملاً، ثم يغدو يقدم إرشاداته بأسلوب رفيق وواقعي".
"لم أترك آليستر أبداً إلا وأنا في أحسن حال. فهو يعرف متى يتعامل مع موضوع ما بحساسية، ومتى يقدم الإطراء والتشجيع. يعرف آليستر زملاءه جيداً، مما يساعده على التعامل مع النزاعات بأسلوب هادئ إيجابي. كما أن تجميعه للتقييمات قبل التوصل إلى نتيجة ختامية خطوة أكسبته احتراماً كبيراً.
كما أنه يحاول أن يجد أفضل الطرق للتواصل مع الآخرين، حتى عندما يشوب الجو العام مقاومة أو ارتباك أو نزاع فوري. فلديه قدرة استثنائية على تقمص الآخرين مما يساعد على نمو علاقات وطيدة إيجابية".
نماذج لضعف الذكاء العاطفي وسوء إدارة العلاقات
1- ديف إم.، مدير مبيعات - حاصل إدارة العلاقات = 66
ماذا يقول عنه زملاؤه في العمل:
"إذا لم يتفق ديف مع شخص ما قلباً وقالباً، فإنه يقول علانية بأن هذا الشخص غير جدير بعلاقته. أود أن يبذل المزيد من الوقت والجهد ليصل إلى اتفاق يحقق ما فيه صالح الشركة. وعندما يشعر أن شخصاً ما يعمل معه قد لا يكون حليفاً ولا حتى موضع ثقة له، فسوف يكون رأيه في ذلك الشخص قاطعاً. ومن ثم يكون لذلك وقع كبير على من يشي بهم من الأشخاص، مما يفسد أواصر الزمالة. عندما يسعى ديف للتعرف بشكل أفضل على الآخرين، فإنه يصبح أكثر فعالية، فيثق بأنهم لا يمثلون أي تهديد بالنسبة له، وذلك هو ما يجب على ديف القيام به حتى يستطيع الاستمرار في ارتقاء السلم الوظيفي".
"عندما يقابل ديف أشخاصاُ جدداً، فإنه يفرط فيما يشعر به من إثارة، قد يكون ذلك خصلة جيدة، إلا أن البعض لا يستجيب لحماسه، فيشعرون نحوه بانقباض، ومن ثم يصعب عليهم التواصل معه. أود أن أرى ديف يعمل على توحيد فريقه، ويبدد ما يسري فيه من مشاعر بأن اتخاذ القرارات يتم وفق هواه هو أو تحيزه. ففي الغالب يشعر الأشخاص بتجاهل آرائهم المهنية على الرغم مما يقدمونه من أدلة دامغة تدعم رؤاهم".
غاية ما يقوم به ديف هو تقديم ردود الأفعال تجاه الآخرين لا الاستجابة إليهم. أن يكون لك رأي قاطع فذلك أمر جيد، لكن أن تنبذ أفكار الآخرين, فذلك ليس بالأمر الجيد على الإطلاق. كما أن عليه اختيار الأسلوب المناسب للتعامل مع كل شخص على حدة. فتوجه ديف يتسم بالصراحة على الدوام، مما يصعب على بعض الناس تقبله".
2- ناتالي تي.، مشرفة دور - حاصل إدارة العلاقات = 69
ماذا يقول زملاؤها في العمل عنها:
"تعمل ناتالي على الدوام على التقليل من وجهات نظر الآخرين أو خبراتهم. كما أنها تبرر المواقف السيئة على الدوام بأنها قد تصير أكثر سوءاً؛ لذا لا تشغل بالك بالأمر، أو ينبغي لك أن تتجاوزه. صحيح أنها صريحة إلا أنها لا تتفهم الأمور، خاصة مع من ترأسهم. أود لو أنها صارت أكثر ذكاء في التعامل معهم، وأن تظهر تقديراً عاماً للآخرين".
"إن ناتالي في حاجة للتوقف عن تصيد الأخطاء. فهو أمر مرهق ومثبط. عليها أن تبدأ في ملاحظة ما يحققه الآخرون من إنجازات. وتلاحق ناتالي لهم أمر يصمها بالعار؛ حيث تعرف بالقسوة، وصعوبة التعامل معها، وعدم القدرة على الاقتراب منها. فقد تحقق نتائج لكن على حساب الآخرين".
"أود أن أرى ناتالي تتجنب التفوه بالعبارات السلبية، أو إطلاق الأحكام على فريقها أو على الآخرين، عندما لا يكون لما تتفوه به أي قيمة. إن مساعدة الأشخاص على رؤية ما يجب القيام به من منظور مختلف أمر يفيد في تطورهم، إلا أن تقييمها السلبي المستمر ينبع من شعورها بدونية الآخرين؛ لذا لم يعد الآخرون يأبهون بما تقول، وقد يعتبرونه في بعض الأحيان نوعاً من الاستعلاء".