الذكاء العاطفي والوعي الإجتماعي:
يُعد الوعي الاجتماعي مهارة أساسية، كأحد مكونات الكفاءة الاجتماعية. ويتمثل الوعي الاجتماعي في قدرتك على إدراك مشاعر الآخرين بشكل سليم، ومن ثم فهم ما يتوافق معهم فعلياً.
وفي الغالب فإن مفاد ذلك إدراك ما يدور بخلد الآخرين ومشاعرهم حتى إن لم تكن تحس بنفس المشاعر. فمن السهل أن تنكفئ على مشاعرك وتسهو عما لدى الآخرين من مشاعر. ويعمل الوعي الاجتماعي على احتفاظك بحالة من حدة التركيز واستيعاب المعلومات المهمة يعد الاستماع والملاحظة أهم عوامل الوعي الاجتماعي.
أهمية الوعي الإجتماعي:
وبحُسن الاستماع والملاحظة لما يدور حولنا، يصير لزاماً علينا التوقف عن القيام بأمور محببة للنفس. حيث سيكون علينا الكف عن الحديث وعن مناجاة النفس التي تدور في أذهاننا، وعن توقع ما يريد الطرف الآخر التوصل إليه، وعن التفكير فيما نقبل على قوله. فممارسة الوعي الاجتماعي تنطوي على مراقبة الأشخاص أثناء تعاملك معهم وحسن التقدير لما يدور ببالهم من أفكار ومشاعر، سوف تشعر في بعض الأحيان أنك كما لو كنت عالماً في علم الأجناس البشرية.
فتلك الفئة من العلماء تكسب قوتها من مراقبة الوضع الطبيعي للآخرين، دون أن يدعوا أفكارهم ومشاعرهم تشوش على عملية المراقبة. وهذا هو الوعي الاجتماعي في أرقى صوره. ويكمن الاختلاف في أنك لن تكون بعيداً على مسافة 100 ياردة تشاهد وضوح الأحداث تدريجياً عبر المنظار. فالوعي الاجتماعي يستلزم إدراكك لمشاعر الآخرين أثناء وجودك بينهم، فتصبح عضواً مسهماً في التفاعل، وفي الوقت ذاته تعي بفطنة ما يجري.
نماذج للوعي الاجتماعي والذكاء العاطفي:
ألفونسو جيه.، مدير مبيعات بشركة أدوية - الوعي الاجتماعي = 96
ماذا يقول عنه زملاؤه في العمل:
"لدى ألفونسو موهبة نادرة في القدرة على رصد مشاعر الآخرين بشكل سليم. كما أنه قادر على التكيف مع مواقف مختلفة ويسعى لإقامة العلاقات مع أي شخص كان. ومن أمثلة ذلك، علاقاته مع المندوبين في حفلات العشاء والاجتماعات والجولات".
"يقوم ألفونسو بعمل رائع تجاه ما يلاقيه المندوبون من إحباط في الأقسام الأخرى من شركتنا. فهو دائم الحرص على المندوبين، ولديه القدرة على أن يتقمص دور المندوب ليدرك الخلل الموجود في الموقف. ومن ثم يدين الكثيرون بالولاء لألفونسو".
"لألفونسو طريقة فعالة في إدراك المشاعر عند استعراض المؤشرات الشهرية والسنوية مع المندوبين لديه، وذلك حتى يستوفي العمل على أكمل وجه. كما أنه كان يتقن إقامة العلاقات مع الجراحين على طاولة العشاء لأنه كان خبيراً بكيفية توجيه دفة الحديث دون أن يشعرهم بأنهم تحت السيطرة".
مايا إس.، مديرة التطوير بإحدى المؤسسات - الوعي الاجتماعي = 92
ماذا يقول عنها زملاؤها في العمل:
"تتوفر لدى مايا قدرة خارقة على تحديد المشكلات الجلية التي يتلافاها الآخرون، ومن ثم تجيد التعامل معها. حيث تقوم بخير عمل في تقدير مشاعر الآخرين عندما يكون عليها أن تنقل إليهم أخباراً سيئة. فتدرك ما يحس به الآخرون، وتعمل على تعديل أسلوبها في التواصل حتى تصل إلى قدر من الوضوح. كما تعمل مايا على معرفة الناس على المستوى الشخصي حتى يمكنها أن تفهم وجهات نظرهم وتعمل معهم على أفضل نحو".
"تقوم مايا بعمل رائع في اجتماعات الفريق التنفيذي حيث تصغي على أفضل وجه لزملائها، ثم تعرض وجهة نظرها. كما تسعى بجد لفهم الأشخاص وتتقدم إليهم برؤى قيمة توافق أقوالهم أو أفعالهم. كما أنها أحد العوامل التي تساعد على بناء الفريق وتقوية أواصره".
"إن مايا أفضل من رأيت في حياتي من المستمعين الفعالين. فلديها المهارة في خلق السياق المناسب لما تود طرحه من تعليقات، وتهدف من ذلك إلى التأكيد على الفهم. ولا تتعارض ممارستها لسلطتها على الآخرين مع ما تبديه تجاههم من احترام. وتسعى مايا لتحفيز وإلهام الآخرين. حيث ترفع من معنوياتهم وتتيح لهم سبل الراحة".
نماذج لسوء الوعي الاجتماعي والذكاء العاطفي:
كريج سي.، محام - حاصل الوعي الاجتماعي = 55
ماذا يقول عنه زملاؤه في العمل:
"ينبغي لكريج أن يتيح للآخرين الفرصة ليحسوا بجودة أفكارهم، حتى عندما تتوفر لديه خطط أفضل. كما ينبغي له أن يكون أكثر صبراً ويفسح للآخرين المجال لتصير لديهم خطط فعالة على نفس القدر تختلف عما لديه من خطط. أود لو أنه سعى لتفهم مشاعر الآخرين وأفكارهم وملاحظة ما يتوفر من أدلة على الواقف قبل أن يشرع في إبداء رأيه أو طرح ما لديه من حلول".
"كريج في حاجة إلى أن ينصت على نحو أفضل من ذلك. وعليه أن يوجه قدراً أكبر من الانتباه لما يدور من حوار لا للتفكير فيما يود قوله. فلغة جسده تشي بوضوح بعد إنصاته، مما يثبط من عزيمة الآخرين. كما أود لو أنه التزم الدقة عند التعبير عن أفكار الأشخاص الآخرين".
"لا ينتمي كريج لتلك الفئة الاجتماعية من الناس. فشغله الشاغل هو الانكفاء على العمل، وفي بعض الأحيان يعبر عن عدم مبالاته لما يقع مع شخص ما في يوم ما. وعندما تصير لديه أفكار جديدة (أو أفكار من الشركة التي كان يعمل بها سابقاً)، فإنه يمضي وقتاً عصيباً في شرح تلك الأفكار حتى يتقبلها طاقم العمل جميعاً. ينبغي لكريج أن يستمع إلى الآخرين قلباً وقالباً. يبدو أنه يعاني من تصلب في مواقفه، مما يعوقه عن قبول آراء الآخرين، أو تضمين ما توصلوا إليه في قراراته".
راشيل إم.، مديرة مشروعات - حاصل الوعي الاجتماعي = 62
ماذا يقول عنها زملاؤها في العمل:
"لا تجيد راشيل إلا الشق التقني في الاجتماعات، وتفتقر إلى ما عدا ذلك. فينقصها الإحساس بالآراء والارتقاء بها. على راشيل أن تتعلم كيفية استيعاب الشق الإنساني غير التقني في الاجتماعات، وأن تسعى لإدراك أفكار الناس وأحاسيسهم".
"تركز راشيل على موضوع واحد أو تفصيلة معينة، ولا تستطيع رؤية الموقف كاملاً. مما يصيب من حولها بالإحباط. وعادة فإنها لا تأبه بردود أفعالنا. ينبغي لها أن تتقصي موضع كل شخص في الاجتماع قبل أن تغرق في تفاصيل مشروعها. ومن الأفضل أن تعمل على تقسيم موضوعها إلى أجزاء كبيرة تمثل إطاراً لذلك الموضوع لا أن تغرق الجميع في التفاصيل مباشرة".
" في بعض الأحيان، تنكب راشيل على أفكارها خلال الاجتماعات وتنشغل بمحادثات فردية فلا تنصت إلى ما يجري من أحاديث خارجية أو داخلية على السواء. وذلك يجعلها أقل فاعلية؛ لأنها لا تشارك مشاركة حيوية فيما يدور من حديث، فتفقد الفرصة في التأثير على توجيه دفة الحوار.
إن راشيل في حاجة إلى العمل، على أن تأخذ بعين الاعتبار مواضيع الأشخاص الآخرين من جداول أعمالهم أو آرائهم، حتى تتمكن من التأثير على تلك الآراء بشكل فعال، أو – على الأقل - مخاطبتهم بشكل مباشر.
كما أن ذلك سوف يساعدها على أن تجعل محادثتها موجزة وموجهة قدر الإمكان. فقد يشعر الناس بالملل أو الارتباك خلال الشرح الطويل، أو عندما لا تتضح لهم الرسالة".