الحفاظ على كينونتك في العلاقة العاطفية
من الشائع أن يفقد الشخص إحساس "الأنا" مؤقتا وذلك عندما يدخل في إحساس "نحن". وذلك متوقع لأنك أنت ومحبوبك في شرنقة واحدة، وتستغلان كل وقتكما وانتباهكما لتتمكنا من الآخر، فيرتبط شعوركما مثل ارتباطكما بحياتكما اليومية، ويصبح وقتك مستهلكا بالأنشطة والالتزامات مع هذا الشخص الجديد، وتحشدا كل طاقاتكما لخدمة ارتباطكما. كل هذا هام جدا في البداية لتشكيل "نحن".
ويبدأ الجزء الخداعى عندما يحتاج كل منهما استعادة إحساس "أنا" لکی يساهم في تشكيل "نحن" أكبر. فحب أن تكونا معاً يمكن أن يصبح منومة، وتريد أن تبقى في الشرك، ولكن لكي يكون هناك "نحن" أكبر وتستمر في النمو يحتاج كل شخص إلى المحافظة على حدود لا تتعداها باستمرار لتقوی "الأنا" الفردية.
استشعار الذات في علاقات الحب
كانت صوفيا تلتقي بثلاثة رجال عندما كانت تدرس بالجامعة، كل منهم مختلف عن الآخر قلبا وقالباً، فكان جيم لاعب رجبي يقضي وقت فراغه وهو يتمرن في الجيمانزيوم يوميا مع أصدقائه، وكان دوج متحفظة ويقضي معظم أوقاته مستغرقا في دراسته، وكان تشارلي شابا محبوبة ويحب المرح.
ومع كل رجل كانت صوفيا تتقمص أسلوبه، ونشاطاته وعاداته، عندما تكون مع جيم كانت تشاركه في التمرين وتقضي وقتها في صالة الجيمانزيوم، وعندما تلتقي بدوج فهي ترتدي الطاکی وتقضي معظم الساعات في المكتبة، ومع شارلی كانت تقضي الليل كله في الرقص. كانت شخصيتها تتغير في كل وقت تقابل فيه رجلا جديداً.
ومثل الحرباء التي تتشكل حسب البيئة المحيطة بها، كانت صوفيا تتشكل طبقا لصورة كل رجل تقابله، وكانت تغير سلوكها في كل مرة حتى تتواءم مع الآخرين. ظاهريا، كان يبدو أن صوفیا تريد هؤلاء الرجال أن يوافقوها، في حين أن السبب الحقيقي هو عدم قدرة صوفيا على البقاء متمركزة حول ذاتها، بصرف النظر عن الشخص الذي تراه.
فالبقاء متمركزا حول كيانك هو الذي يمكنك من الاحتفاظ بكينونتك داخل إطار "نحن". فيتطلب ذلك أن تتذكر دائما ما الشيء الذي جعلك متفردا ويمكنك من البقاء في مسارك الصحيح، ويعني ذلك أنك تسأل باستمرار: "من أكون أنا وأنا معك؟" وتكون الإجابة واضحة. وبالرغم من أنه ضروری وربما مرغوب في بعض الأوقات أن تكون مرنا، ومتوائما، فمسؤوليتك هي أن تتأكد من أنك لن تكون طبعا بصورة كبيرة. فالشيء الوحيد الذي ستفقده لعدم حذرك هو نفسك.
تأمين الذات ضد مخاطر بعض العلاقات
إن ما یربطك بذاتك هم الأشخاص، والأماكن والأشياء التي تبقيك مرتبطا بنفسك وبحياتك.
أي شيء يعيدك إلى نفسك سواء كان صديقا موثوقا به أو فردا من العائلة أو بيئة محددة أو طقسا معينا يكون المرساة التي ترسو عليها، وتذكرك بذاتك وما هي اختیاراتك وشخصيتك الحقيقية.
تخيل أنك استيقظت ذات صباح ووجدت أنك قد فقدت الذاكرة تماما. كيف تبدأ في ملء الفراغات النفسية الناجمة عن ذلك؟ كيف ستتذكر من أنت، ماذا كنت تعمل، ماذا كنت تحب، ماذا تريد، ما الذي يهمك أكثر؟ في الغالب ستعود إلى مرساة حياتك، وأصدقائك، وعائلتك، وذكرياتك، والخطابات القديمة، على أمل أن يتوصلوا إلى الذاكرة أو إلى الوعي فتتمكن من استعادة الحقائق والبيانات الخاصة بشخصيتك.
ربما ذكرك رائحة الفانيليا بالمنزل ومشاعر الأمان المرتبطة بهذا الإحساس، وربما تقوم صورة لك أنت وشريكك بإيقاظ مراكز إحساس في المخ، وتعيد لك ذکری رحلة بحرية قضيتها معه منذ عدة سنوات، أو ربما محادثة مع صديق قديم ذكرك بأولوياتك الحقيقية ومن تكون.
البقاء ثابتاً مع مرساتك يمكن أن يخفف من فقدان الذاكرة الطارئ الذي يسببه الوقوع في الحب.
فإذا انفصلت عن ذاتك، سيذكرك أقاربك بمن كنت وماذا كان يعنيك أكثر قبل أن تقع في شرك هويتك الجديدة، وبالطبع ستمارس النمو والتغيير عندما تندمج في هوية "نحن". الفرق بين الاندماج الصحي وغير الصحي، هو أن الاندماج الصحي يسمح لك بالتوسع لتضمن وجود "الأنا" داخل "نحن" الأكبر، والاندماج غير الصحي يجعلك تنفصل تماما عن حياتك وتتخلى عن "الأنا" وبالتالي عن كل ما يجذبك إلى حقيقتك.