كما أن لمجتمعك تأثيراً، فإن عملك الذي تكسب منه عيشك أيضاً له تأثير، ليس من الآمن أو الشعور بالمسئولية أو الأخلاق أن تواصل أداء عمل بدون أن تفكر في عواقب ما تفعله وأثره. أنا لست هنا بصدد مساءلتك عن عملك، فإن هذا أمر متروك لك تماما. أنا بوصفي كاتباً، أدرك جيداً أن هناك الكثير من الأشجار الجيدة التي يمكن أن تموت بسببي. إن تحقيق التوازن للتصدي لذلك هو التأثير الإيجابي الذي أفعله ككاتب (أتمنى ذلك) والأشخاص الذي أوظفهم نتيجة لكتاباتي. آه، ولكنني لا أملك أي سيطرة على ظروف عملهم، وهذا يعني أنني نجوت م المصيدة. هل هذا صحيح؟
هذا كله يشكل أشجاراً ميتة بالنسبة لي، الكهرباء التي أستهلكها في مكتبي، والتلوث الذي تحدثه الشاحنات التي تنقل كتبي للمكتبات والمتاجر، هذا عدد قليل فقط من المخلفات الثانوية لعملي هنا. ماذا عنك أنت؟ هل هناك أية مخلفات خطيرة؟ هل صممت نظاماً إرشادياً صاروخياً؟ هل حطمت غابة أمطار كاملة؟ أم أن عملك يقدم سلعة، أو منتجاً أساسياً؟ هل هذا يجعل الناس أكثر سعادة، وأكثر ثراء أو أكثر نجاحاً؟
إن كل ما نفعله لكسب عيشنا سوف يكون له تأثير. يمكن أن نعمل في مجال صناعة يسبب التلوث والأذى، وهو أمر مؤذ وسيء. أو قد نعمل لمساعدة الغير، وخدمتهم بشكل إيجابي. إن معرفة أن ما نفعله له تأثير – سواء كان جيداً أو سيئاً – لا يعني أن نسعى لتفحص كل شيء، وتغيير وظائفنا. وهو لا يعني أيضاً أن نتخاذل ونسترخي ونظن أننا على خير ما يرام فقط، لأننا نمارس عملاً جيداً.
إن كل عمل، كل صناعة، لها عواقب – سيئة أو جيدة. كل ما نفعله في العمل يمكن أن يكون له تأثير إيجابي أو سلبي. يجب أن نقيم كل المزايا والعيوب، ونقيم شعورنا نحو ما نقوم به. إن شعرنا بعدم الرضا يمكننا إذن أن نرحل، ولكن ليس بأسرع مما يجب، لأننا نملك القدرة على تغيير الأشياء من الداخل.
لقد عملت ذات مرة في صناعة كنت مدركا خلالها تماما أن الأمور ليست مشروعة كلية، لذا حرصت دائما على طرح أسئلة مثل: "ماذا لو علمت الصحافة بما يجري هنا؟ ما الذي سيحدث إلينا؟" لم أكن أقصد بذلك أن أطلق صافرة الإنذار، أو أعارض أحداً، وإنما كنت فقط أطرح أسئلة. ولكن هذه الأسئلة لفتت الانتباه إلى أن ما نقوم به كان على الطرف المقابل مما يطلق عليه عمل راق. يمكنك أن تفعل نفس الشيء، أو ربما يمكنك أن تبطئ الخطى قليلاً، وأن توظف بهدوء كل التأثير الذي تملكه لتغيير الأشياء قليلاً نحو الأفضل.