الأطفال يكبرون ويغادرون المنزل، ويتحولون من أطفال رضع لا حول لهم ولا قوة إلى أشخاص ناجضين، السر هو أن تحاول المحافظة على تواؤمك معهم. عندما يكبر الأبناء عليك أن تتراجع قليلا، وتمنحهم المزيد من الفسخة والحرية. عليك أن تتصدى لرغبتك الجارفة في عمل كل شيء لهم، عليك أن تدعهم يقلون البيض[1] أو طلاء سلة المهملات[2] بأنفسهم.
إنه ميزان حساس، فلا يمكنك أن تكبلهم بمسئوليات تفوق قدراتهم، ولكنك في نفس الوقت يجب ألا تحجم عن حملهم على فعل الأشياء التي يملكون القدرة على أدائها. وعندما تسمح لأبنائك بقلي البيض أو طلاء سلة المهملات فسوف يحدثون فوضى،
حيث ستجد بقايا الصفار على الموقد، وبقايا الطلاء فوق أرض المرآب. إن هذه الفوضى هي ما تدفع الأهل في الغالب إلى رفض طلب مساعدة الأبناء "كلا، لا تستيطع"، ولكن علينا أن نكسر بعض البيض (ها، ها) لكي نتعلم القلي. علينا أن
نسقط بعض الطلاء لكي نمكن الأبناء من أداء مثل هذه المهام بأنفسهم عندما يكونون مهيئين لذلك.
عندما يكون الطفل صغيرا، وتسعى لتعليمه كيفية تناول الشراب من الكوب، فإنك تتوقع أن يسقط بعض السائل، فتقف حاملا المنشفة في يديك متأهبا لتنظيف ما سوف يسقطه. إننا نتوقع مثل هذه الأمور في هذه السن، فنفترض أن الابن سوف يكون قادرا على تنظيف غرفته من المرة الأولى، ولكنه لم يسبق له القيام بهذه المهمة من قبل، إنه لا يعرف كيف يؤديها، إذن يجب أن يتعلم، وما يمثل جزءاً من تعليمهه هو ان تدعه يقوم بالمهمة، دعه يقم بها بشكل سيء أو بشكل يختلف عنا نحن الكبار. إن مهمتنا هي مساعدة الأبناء. هي منحهم المسئولية بالتدريج، شيئاً فشيئاً، مع تقديم النصح والإرشاد.
نحن نتوقع دائماً أن يقوم الأبناء بعمل الشيء على أكمل وجه من المرة الأولى، بدون كسر البيض، أو إسقاط الطلاء. إن توقعاتنا هي التي تفتقد الإدراك الصحيح. حقاً إن عملية النضج هي مهمة صعبة.
[1] لهذا قصة مع ابني، عندما سئل عن معنى النضج، أجاب قائلاً: هو القدرة على قلي البيض لأنه لم يكن يسمح له بهذا – كان في قرابة الثامنة في ذلك الوقت، ولقد شعرت أنني كنت قاسياً للغاية حيث كنت أطالبه بإعداد الإفطار يومياً على مدى شهر كامل إلى أن سئم إعداد البيض المقلي.
[2] لهذا قصة مع صديق كان دائم الغضب من أبيه. عندما سألته عن علاقته بأبيه، شكا لي أنه عندما كان طفلا لم يكن والده يسمح له بأن يساعده في عمل أي شيء. أخيرا وصل الأمر إلى ذروته مع الابن عندما كان الأب يطلي سلة المهملات، وأراد الابن أن يساعده، فأجاب الوالد قائلاً: "كلا". ولكن، لم لا؟ إن هذا لن يؤذي. ولكن ترى ما الذي دفع الأب في المقام الأول إلى طلاء سلة المهملات يبقى هذا لغزا.