التسامح والصفح في العلاقة بين الزوجين:

سيكون هناك أوقات عندما يخذلك شريكك، أو يحبطك أو يجرح مشاعرك أو يخون ثقتك - ماذا إذن؟ ماذا يمكنك أن تفعل عندما يخدش قلبك وروحك بواسطة الشخص الذي وعدك يوما بألا يسبب لك جرحا؟

في تلك الأوقات يجب أن تداوی وتعثر على الشجاعة والثقة للتجديد وللبدء من جديد. سر التجديد هو القدرة على التسامح والبداية من جديد مرة بعد مرة ، تلك هي أقصى اللحظات تحدية والتي ستواجهها خلال تاریخ علاقتك. كما أنها ضرورية جدا إذا كان عليك الاستمرار کزوج حقیقی.

كيف تداوي الجراح التي تسببت فيها لشريك حياتك:

حتى في أفضل العلاقات، يقع سوء التفاهم ولا مفر من جرح المشاعر، والإحباطات، وتوقعات لاتتحقق، واتفاقات لايتم الوفاء بها، وعدم الالتزام بالوعود ورغم أن جميعها يكون غير متعمد فالنتائج لاتكون أقل ألما، وعندما يحتاج النسيج المتهتك للإصلاح، فيجب أن تبدأ العملية برعاية فائقة لمشاعر الشريك المجروحة.

فنحن نظهر بافضل ما عندنا أمام الشريك ولكن عندما تقصر في ذلك - وهذا شيء طبيعي لكوننا بشر - فذلك محبط. كيف تتعامل مع جرح القلب والمشاعر التي تسببت فيه، فالإهمال أو عدمه هو سر الحفاظ على الأصالة داخل العلاقة.

وافضل شيء يمكنك أن تفعله لشريكك في هذا الموقف هو أن تتحمل مسؤولية أفعالك. فعندما ترفض أن تعترف بمسؤوليتك عن جرح مشاعر شريكتك أو كبرياءها فأنت بذلك تضيف إهانة إلى الجرح، وذلك بعدم منحها الاحترام الذي تستحقه.

خرج فرانسیس وکاتی لتناول العشاء مع أصدقائهما وتم فتح موضوع الطهو. كانت كاتی دائما على دراية بوزنها ولذلك كانت دائما تحاول طهي طعام صحي وسعراته قليلة، وكان جو العشاء مرحا ولم يدرك فرانسيس أنه كان جارحة عندما ألقي نكتة بأنه لم يهنا بأي وجبة غذية إلا بعد أن فقدت كاتي عشرة أرطال من وزنها. وقال: "ذلك يعني بأنني لن أستمتع بأی عشاء فاخر قريبا".

وأحست کاتي بالإحراج مثل جميع من بالعشاء. فقد تمادی فرانسيس كثيرا في الدعابة وجرح مشاعر کاتی، وفي طريق العودة تلك الليلة صارحت کاتی فرانسيس بأنه ضايقها، وفي الحال اتخذ فرانسيس موقنا دفاعيا وبدلا من إصلاح الخطا الذي سببه إلى شريكته، أجابها بانها دائما تاخذ كلامه ماخذ الجد وبنية سيئة فتضايقت کاتي أكثر لأن فرانسيس لم يعترف بخطئه واعتذر عن أنه قد أذى مشاعرها.

وهناك الاعتذار الصادق من القلب الذي يأتي في المرتبة الثانية كأفضل شيء يمكن أن تقدمه إلى حبيبتك ويصحب ذلك شرح سبب مافعلته. فعندما تتكلم بصدق ، فكلمة "أنا آسف" يمكنها أن تداوى المشاعر المجروحة.

لا تقل تلك الكلمات إذا كنت لا تعنيها. فإنك ستسبب جرحا إضافيا الشريكتك بإصدار عبارات عاطفية جوفاء "أنا آسف" تعني أنك نادم بالفعل على مافعلت ولن تفعله مرة أخرى إذا أتيحت لك الفرصة. وإذا لم تكن تشعر بذلك، فمن الأفضل أن تستخدم مهاراتك في الاتصال لتقدم مفهومك وتخرج من المازق بدلا من تقديم ملاحظات تافهة ومزيفة، وستقدر شريكتك صراحتك بدلا من الاعتذار غير الصادق.

أهمية التسامح بين الزوجين: 

هناك قول يقول: "إذا أخطأت فأنت إنسان، وإذا صفحت فأنت ذو طبيعة ملائكية". عملية التسامح هي أن ترقی فوق مشاعرك البشرية السلبية وإطلاق سراحهما لتتمكن من العثور على الطريق الذي يعيدك إلى طبيعتك الروحية. ليس ذلك بالأمر السهل، بالطبع، ولكنه ضروري جدا في ميدان الحب.

سيكون هناك أوقات عندما تقوم أنت أو شريكتك بفعل شيء يغضب أو يجرح الآخر، فكلاكما بشر، ونحن كبشر نتلقى الكثير من الدروس ونتعلم، وسواء كان ذلك فعلا غير مراع لشعور الآخرين. أو كان تصرفا غير مسؤول، أو اتفاقية غير ملزمة، أو خرق لأخلاقيات مشتركة.

كيفية اختيارك لطريقة المعالجة سوف تحدد ما إذا كانت علاقتك مستمرة على النهج الذي ترجوه أم انحرفت عن الطريق، في تلك الأوقات سيواجهك اختيار: إما أن تبقى على المشاعر السلبية وذلك بالتمسك بالتذمر، وبالتالى إقامة حاجز بينك وبين شريكتك، أو تطلق هذه المشاعر نحو التسامح.

ما هو التسامح في العِلاقة الزوجية:

التسامح هو مايربطك ويسمح لعلاقتك بان تتجدد مرة بعد مرة. أن تسامح شريكتك يعني أنك تهدم السد الذي كان يفصل بينكما، وبالتالي تحافظ على علاقتكما.

إن الجرح الذي يقع في العلاقة العاطفية يكون مؤلمة جدا، فطبيعة العلاقة العاطفية مؤسسة على قدرة الشركاء في الاعتماد على كل منهما للتصرف بطرق يغلفها الاحترام والحب، والمشاعر التي بينكما ستجعل أي أذى أو جرح أعمق صعب مداواته:

وعملية التسامح لها شقان: الأفكار التي تأتی کرد فعل للإهانة، والمشاعر والأفكار، والمشاعر مترابطة في نغمة واحدة من الإدراك ورد الفعل. فافكارك تقديرية وهي تحول الموقف إلى أجزاء مرنة. وذلك هو ما يقوم بدور الصدى في عقلك وأنت تسأل نفسك إذا ما كان شريكك يستحق فعلا المجهود، وتقرر أن ماحدث غير عادل وخارج العالم الذي غامرت من أجله.

أما المشاعر، على الجانب الآخر، فليس لها كلمات تعبر عنها، فهي الشيء غير الملموس الأول الذي يظهر کرد فعل لأفكارك. وربما تشعر بالغضب، وبالرفض، وبالخيانة، أو بالهجر عاطفيا، فالشاعر غير عقلانية، ولكنها ردود أفعال تشع من القلب.

وعملية التفكير في الطريقة التي تسير في مضمارها الوقائع من خلال عقلك ، والمحاولة لفهم دافع شريكك للتصرف بهذه الطريقة. ربما تحتاج لأن تسال شريكك بان يشرح حقيقته لك حتى تتمكن من استيعاب تصرفاته.

فالعقول قبل أن تسامح بصورة كاملة تبحث عن دلیل متطور بان هذا الخطا لن يتكرر.

وعندما يقتنع عقلك بأن شريكك لن يكرر مثل هذا التعدی فانت قد وصلت إلى منتصف الطريق. التسامح العقلى عملية مرهقة، فستحتاج أن تحدد في عقلك ما إذا كانت العلاقة تستحق أن تستمر فيها وأن تبذل جهدا بان تمسك بزمام أمرك عند الغضب، أم سيكون شريكك أفضل إذا أطلقت عليه هذا الغضب، وستحتاج لأن توازن بين كونك محتا وبين عب، التمسك بغضبك، وعندما تقرر أن تحمل الغضب وعقاب شريكك لم يعد يستحق أن تضيع الوقت والجهد فيه، ستكون عندئذ قادرا على التخلص من القضية وطردها من عقلك.

فالمشاعر التي تطفو عندما يكون عليك أن تسامح، لأنك تحس أن هناك انتهاكات خطيرة، وسيكون من الصعب التخلص منها خاصة وأن المشاعر ليست منطقية أو تسير في خط مستقيم، فإذا شعرت بالإحباط، وبالخذلان، وبالجرح، فعليك أن تطلق هذه المشاعر لکی داری نفسك بحق، فإخراج مشاعرك يمكنك من الاستمرار في عملية التعدي ومن التخلص منها، وكلما كان الخطا كبيرا، ستاخذ عملية المداواة فترة أطول.

التسامح قوة وليس ضعف: 

وأخيرا، فالتسامح ياتي عندما يكون لديك القدرة على رؤية شريكك كبشر له نقاط ضعفه التي يجب أن تصفح عنها مثلما سيفعل هو مع أخطائك، هذا التغير الداخلي هو ما يحركك نحو عالم اسمی.

والتسامح ليس سهلاً، فالمقولة القديمة التي تقول: "إن الزمن يداوی کل الجراح" صحيحة، ولكن التسامح يتطلب أيضا أن تقوم بعملك الداخلي أيضا، وسواء كان حجم الأذى صغيرا أو كبيرا، فالزمن وحده كفيل بمداواته إذا لم تعمل أنت بجهد لإطلاق سراح الألم أو الغضب.

درس كبير في التسامح "والى وآمبر":

"والي" شخصية كوميدية ظريفة ودائما هو روح أي حفل. فالجميع يحبونه بسبب روحه المرحة، و"آمبر" كانت هادئة وأكثر تفكيرا وبالرغم من اختلاف شخصيتهما إلا أن والي انجذب إلى طبيعة آمبر الغامضة وأحبت آمبر قدرة والى على جعلها تضحك، وانجذبا لبعضهما على الفور وتطورت علاقتهما وتعمقت.

وفي إحدى الأمسيات، أثناء وجود آمبر مع والي في حفل، كانت آمبر تتناول شرابا عندما لمحت بطرف عينيها فتاة رائعة الجمال ذات شعر أحمر وهي تقف بجوار والي، وبينما هي تراقب ذلك لاحظت أن والي يبدو أنه يعرفها. صدمت آمبر في البداية وأحست بالغثيان وهي تدرك مايمكن أن يعنيه ذلك: وبرفق اقتربت من والى دون أن لفت الانتباه وقالت: "أنا راحلة، إذا كنت ترغب في الانضمام إلى، فهيا بنا". وفوجئ والي بذلك، ورأى الجدية على وجهها، وحينها أدرك أنه من الأفضل أن يرحل معها.

لم تتحدث إليه آمبر طوال الطريق حتى وصل إلى المنزل، ثم بدأت المواجهة، وبعد نهايتها قال والى إنه قابل ذات الشعر الأحمر عندما كان على الطريق، ولم يكن الأمر ذا أهمية في ذلك الوقت ولم يشعر أنه من الأفضل أن تعرف شيئا عن هذه المقابلة، لأنها حدثت مرة واحدة فقط. شعرت آمبر بالخيانة، والخداع وبأنها خرجت عن إحساسها بالأمان.

في حياتهما العاطفية كان من الصعب عليها أن تصدق أن والي يمكن أن يتصرف كذلك وشكت في قدرتها على حسن التمييز. كانت تعتقد دائما أن والي ليس من النوع الذي يتلوی، وهذا التحول المفاجئ في الأحداث جعل عقلها يدور.

اعتذر لها والى كثيرا جدا ووعدها بأن يعوضها بأي طريقة تريدها، وأكد لها أنه يحبها وأنه نادم على الشيء الذي جعلها تشعر بذلك وأنه لن يكرر مثل هذا الفعل ثانية. وأمضى الأسابيع القليلة التالية وهو يشرح لآمبر كم هي غالية عليه وأنه نادم بمنتهى الصدق عما فعله. وأصبحت الكرة في ملعب آمبر.

وكانت هناك حفلة في منزل آمبر ولکی تسامح والي كانت بحاجة لأن تخرج كل آلامها ودموعها، فسمحت لمشاعرها بان تخرج ليتمكنا من الوصول إلى منتصف الطريق، وكالتوقع فقد غضبت وثارت وبكت وأخرجت مشاعرها بای طريقة ممكنة لتتحرر من هذا الضغط.

وطوال مرحلة المداواة، كانت آمبر تريد أن تطرد الأفكار السلبية وفي نفس الوقت فکر ما إذا كان يمكنها أن تسامح والي أم لا، وفي النهاية مداها عقلها إلى أن والي ليس وحشة، ولكنه رجل انحرف عن مساره الصحيح. وقررت أنه عليها أن تستثمر طاقتها في أن تسامح والى بدلا من أن تتمسك بغضبها وتستمر في عقاب والى ونفسها. واختارت التسامح، بالرغم من أنه لم يكن سهلا، وفي النهاية أطلقت العنان لغضبها وتحولت نحو والى حتى يستطيعا بناء علاقة توافقية.