لديّ أبناء وأنا بالطبع أريدهم أن يكونوا سعداء وناجحين. ولكن هل أحمل لهم خططا سرية؟ هل أريدهم أن يصبحوا أطباء أو محامين أو دبلوماسيين أو علماء أو خبراء آثار، أو علماء في أصول الإنسان القديم أو كتَّاباً أو أصحاب مشروعات؟ أم رودا فضاء؟
كلا، لا أظن ذلك. أقسم أنني لم أحمل يوماً طموحا كهذا لأبنائي. أتمنى ألا يسمعوا قولي هذا، ولكنني أستطيع أن أقول إنني أصبت بخيبة أمل عندما بدا لي اختيارهم لمجال عملهم غريباً بعض الشيء. ولكنك عليك أن تدعهم يقترفون أخطاء. لا يمكن أن تظل توجههم طوال الوقت، وإلا فإنهم لن يتعلموا أبداً بأنفسهم.
وهذا هو كل ما أقصده من وراء هذه القاعدة – أن تمنح أبناءك مساحة للتعثر. كلنا فعل هذا. لقد منحت حرية شاسعة لكي أفسد الأمور، وقد فعلت بالفعل كل ما يحلو لي وكيفما شئت. والنتيجة؟ تعلمت سريعا الكثير عما يجب، وما لا يجب عمله. لدي ابن عم لم يحصل على أي مساحة من لاحرية، وظل يحظى دائماً بحماية فائقة، ولم
يفسد أي شيء تقريبا. ولكنه فيما بعد في الحياة – وهو من سيوافقني في هذا – أدار حياته على نحو خاطئء، وجاءت أخطاؤه جسيمة. يجب أن نقترف جميعا أخطاء. لذا يفضل أن نقترفها في شبابنا ونتبين منذ وقت مبكر الخطأ من الصواب.
إن كونك أبا وأما يعني أن تظل بنسبة 75 بالمائة تصلح الأمور. أنت أيضا يحق لك أن تخطئ. ولكن لامشكلة في أنك عندما تخطئ كأب، يمكن أن يكون لهذا الخطأ تأثير فادح على شخص آخر. ولعل هذا هو ما يجعل من لاصعب عليك أن تقف مكتوف اليد وأنت ترى أبناءك يقدمون على اختيارات خاطئة. سوف تشعر برغبة جارفة في أن تسرع، وتبادر بنجدتهم، محاولاً أن تصرفهم عن الضرر. ولكن عليهم أن يتعلموا من خلال الخطأ. إن كنت تظن أن الابن لا يتعلم إلا من خلال ما تمليه أنت عليه بما يجب ولا يجب عمله، فهذا يعني أنه يمكن أن يتعلم من خلال الاطلاع، والقراءة من الكتب، أو من خلالنا أو من خلال التلفاز. ولكن الابن لن يتعلم إلا عندما يخوض التجربة العملية. واجبك هو أن تقف حاملا الضمادة والمسكن، وأن تطبع قبلة على خده لكي تخفف عنه وطأة الفشل.
يحق لك بالطبع أن تطرح أسئلة، هل أنت واثق من أنها فكرة جيدة؟ هل فكرت في الأمر ملياً؟ وما الذي سوف يحدث بعدما تفعل هذا؟ هل يمكنك أن تتكبد كل هذا الوقت؟ ألن يضر هذا قليلاً؟ هل جربت شيئا مثل هذا من قبل؟ يمكنك أيضاً أن تطبق نفس الشيء مع الأصدقاء عندما ترى أنهم بصدد اقتراف خطأ فادح، ولكنك لا تريد أن تقوم بدور سارق الفرح. حاول ألا تبدو أسئلتك مدينة للشخص أو موبخة، وإلا فسوف تقابل بالتجاهل والعناد.