إن الصديق الحق يحمل عبئاص ضخماً. إذ يجب أن يكون صادقاً (ولكن ليس بشكل مبالغ فيه) وأمينا، مخلصا، متحملا للمسئولية، حنونا (يجب أن يتحلى بالحكمة)، ممتعا، متفتحا، اجتماعيا (ليس هناك أي معنى لأن تصادق الناس بدون أن تكون اجتماعيا، أليس كذلك؟)، كريماً. يجب أن تكون أيضا متسامحا في بعض الأوقات، ومستعدا لتقديم المساعدة والمساندة والتعاطف. وفي نفس الوقت يجب ألا تسقط فريسة الاستغلال والتحكم. وقد تتعرض لهذا الموقف بالفعل في بعض الأوقاتن وتجد نفسك بصدد المجازفة بالصداقة. ومع ذلك ففي بعض الأوقات يجب أن تُمسك لسانك، وتحتفظ برأيك لنفسك. إنهم أصدقاؤك، إنهم ليسوا صورة طبق الأصل منك، أي أنهم يتصرفون بشكل مختلف. يجب أن تكون مستشارا، مصغيا، واعظا، مساعدا، رفيقا، صديقا، كاتما للأسرار، وأنيسا. يجب أن تمنح صداقتك الحماس والتفاني والتصميم والإبداع والاهتمام والحب والدافع.
وهذا هو كل ما عليك عمله. إذن ما الذي يجب أن يفعله الطرف المقابل؟ حسناً، إن كنا نتحدث عن المثالية فيجب أن يفعل نفس الشيء. ولكنه إن فشل في عمل أي من هذا، فسوف تواصل مع ذلك الاحتفاظ بصداقته، سوف تظل متسامحا، ومساندا، ومتواجدا.
وإن كنت تريد أن تحقق استفادة من هذه الصفات فيجب أن تضع في اعتبارك أن تواجدك من أجل صديقك هو الجانب الأكثر أهمية. سوف تكون متواجدا في وقت شدته، وليس في الأوقات الطيبة فحسب. سوف تكون متواجداً عندما يحتاج غليك في الساعات المبكرة من النهار، في الأيام العصيبة، في أوقات الشدة والأزمات. سوف
تكون متواجدا لكي تمشك يده، لكي تدعه يبكي على كتفك، لكي تحتويه، لكي تربت على ظهره، وتعد له أكوابا لا تحصى من الشاي، وسوف تطلب منه أن يتفاءل، وان يكف عن حماقته، سوف تفعل أياً ما يجب عليك فعله لكي يستعيد حيويته ويفيق من أزمته.
سوف تكون متواجداً لكي تقدم له النصيحة الطيبة، سوف تكون متواجداً لتستمع إليه في بعض الاوقات فقط، سوف تكون متواجدا حيث لا ترغب أن تكون، سوف تكون متواجدا عندما يغيب كل الأصدقاء، سوف تكون متواجدا رغم كل شيء.
قال أحدهم ذات مرة: إن الصديق الحق هو الشخص الذي يمكنك أن تُجري معه حوارا وهو على متن الطائرة لغيب عنك عشر سنواتن وسوف تواصل حديثك معه بعدها بمجرد أن يهبط في الطائرة تماما كأنما قد رحل منذ لحظات قليلةن هذا هو تحديدا ما تعنيه الصداقة الحقة.