صحيح إن عليك أن تتعلم كيف تنادى كل الناس، لكن لا يعني هذا أنك سوف تناديهم بنفس الاسم طوال الوقت. لقد كنت أعمل ساعداً منذ زمن بعيد مع "مستر كاتلر" وأظنه قد نسيني. وحين تحول إلى شركة أخرى اتصل بي هاتفياً وطلب منى أن أنضم للعمل معه في الشركة الجديدة، وكان ذلك يعنى زيادة في الأجر فقبلت.
وفي اليوم الأول للعمل معه في الشركة الجديدة طلب منى أن أناديه ب “السيد كاتلر". وكان هذا محالاً فهو "بيتر". هكذا كنت أناديه في شركتنا القديمة وهكذا سأظل أناديه. لكن ليس الآن. وقد كان هناك العديد من المساعدين وكانوا يريدون معرفة رئيسهم الجديد، فكانوا ينادونه ب "السيد كاتلر"؛ لأن هذا ما كان يريده. وقد انتظرت اللحظة المناسبة حين كنا جميعاً مجتمعين فناديته " ببيتر".
ولم يستطع أن يسبب لي حرجاً ويصحح لي الاسم أمام زملائي الذين اعتقدوا -بحق -أن لدى مدخلي الخاص إليه وهو ما ليس لديهم، لم يذكر بعد ذلك شيئاً عن مناداته، وأصبحت أنا مساعده الأول لأنني أناديه باسمه، فمناداة شخص باسمه تعنى الكثير.
فعليك إذن أن تعرف أن السيدة " روبرتسون " التي تعمل في قسم الحسابات تُنادى دائماً بالسيدة " روبرتسون " ولا تنادى أبدا "مارى" رغم أنك تعلم اسمها، وأنك أعلى منها وظيفياً. فلماذا إذن لا تناديها " مارى "؟ لأنها لا تحب أن تنادى بهذا الاسم، إضافة إلى أنها تتعامل مع صكوك الأجور. وهذه الصكوك يتم العبث بها، أو تأخيرها، أو إخراجها منقوصة عن القدر المتوقع لكل من ينادى السيدة " روبرتسون " ب " مارى ".
في إحدى الوظائف، كنت أعمل مع مدير إداري كان معروفاً، لأسباب غامضة، باسم " الرجل ذو الرأس الكبير ". وتلك قصة طويلة لا أظنك تريد معرفتها (صدقني إنك لن تريد معرفتها بحق) وقد ينادى مباشرة ب “الرجل ذو الرأس الكبير "من كل كبار الموظفين، ومن بينهم أنا كمدير مالي وكان يعرف بهذا الاسم في مجلس الإدارة، وكان أيضا ينادى بهذا الاسم من طاقم السكرتارية، لكنه كان ينادى من الباقين بالسيد " تايلر "، وقد رأيته يُعنف موظفاً صغيراً بشدة لأنه ناداه باسم " الرجل ذو الرأس الكبير". فلماذا هذا التقسيم الحاد بين من يحق لهم مناداته ب " الرجل ذو الرأس الكبير " ومن لا يملكون هذا الحق؟ أنا لا أعرف على وجه التحديد، لكنني حافظت معه على علاقة من نوع غريب. لقد كان من الناحية الوظيفية يعلوني درجة، لكنني في تلك الأيام كنت متعطشاً للسلطة وللتحكم في كل شيء. فلم أناده مطلقاً بهذا الاسم. ولم أكن أحبه فكنت أناديه دوماً باسم " تايلر " لماذا؟ لأنني بهذا كنت أفرق بيني وبين الآخرين من كبار المدراء. فبقيت دائماً مختلفاً، ولم يقترب منى " الرجل ذو الرأس الكبير " مطلقاً ولم نصبح أصدقاء قط. لكنى لعبت دور الرجل المختلف، وفي النهاية تمت ترقيتي لأصبح المدير العام، وهذا جعله تحت قيادتي. وهذا يعد نجاحاً وانتصاراً، لكنه بدا لو كان انتصاراً أجوف فلم أكن حينها لاعباً ماهراً للقواعد بعد، ومن ثم فقد واجهت في المنصب الجديد تحديات جديدة، وآفاقاً جديدة.